الفراغات التي تركتها خلفي لا أظن أن الواقع يستطيع أن يملؤها فلا شيء يستطيع أن يثير اهتمامي لأجمع ذكريات جديدة تملأ تلك الفراغات، ولو حاولت أن أملأها لن أجد في الواقع من أضعه فيها، فالفراغات التي تجاهلتها، لا زال بها أشخاص لا محل لهم في واقعي الآن، لكنهم موجودون في نفسي، يحفرون في جوانبها، وأنا أدفن ما استطعت.
أذكر جيدا حين صنعوا تلك الحفر في حياتي، كيف كنت أشعر بخواء في صدري وكأنه بئر لا قرار له، وكانت المسافة بيني وبين القاع لا تقاس، أتذكر أن الفراغ لم يكن في صدري فقط، بل حولي أيضا، يحيطني، يحاصرني، ويكبلني، لكنه تراجع ليصبح ماضياً، وتقلص في صدري ومِن حولي، رغم الوحدة والانعزال.
أعرف أن الفراغ مساحة تائهة، لا يستطيع القلب أن يخرج منها، ولا يستطيع العقل أن يتجاوزها بسهولة، يعيشها القلب ليصطدم بجدرانها، ويتعرف العقل على معنى الضياع، حين يكون شيء واحد يسيطر عليه.