قراءة في رواية قلعة التفاح للكاتبة العراقية كُليزار أنور

عندما تجد الإنسانية طريقها للمجتمع تنتشر الرحمات، وأظن أن هذا ما تصبو إليه كاتبتنا كُليزار فالعمل الإنساني رسالة سامية يحملها أشخاص صادقون يرغبون أن تتحسن صفات المجتمع، وأن يكون له مبادئ وقيم، ويتحمل مسؤولياته الاجتماعية والإنسانية دون إهمال أو تقصير.

لفت انتباهي اسم قلعة التفاح، وحين قرأت الرواية عرفت أنها قلعة لأناس هشة في المجتمع خرجت ذكرياتك بلا عودة، وفقدوا الصلة بالعالم، فهم يعيشون في عالمهم من الخيال الخاص والأحلام البعيدة عن الواقع،

كما تتحدث الرواية عن نساء لهن هدف في الحياة استطعن توظيف إمكانياتهن لخدمة فئة معينة في المجتمع، والنجاح الذي تحقق من مجرد حلم، وضع على ورق؛ ومن ثم أصبح حقيقة كمشرع يقدم خدمات لمرضى الزهايمر.

تحمل الرواية رمزيات كثيرة فهي لا تنفي الواقع العراقي الصعب وما مر به من حروب وأزمات دمرت المؤسسات الطبية والاجتماعية، كما أن الإنسان العراقي نفسه عاش هذه المعاناة بكل تفاصيلها وهنا تقدم الرواية رمزيتها الجميلة المتمثلة في كتالينا التي صبرت وانتظرت حتى تحل تلك المشاكل لتحقق هدفها السامي وتبني قلعة التفاح وما كتالينا إلا تجسيد للإنسان العراق المخلص المقتنع بأن العراق للعراقيين جميعهم دون تمييز، أما الرمزية الثانية، فتتمثل بقيمة الوفاء والصدق اللذين من خلالهما تتحقق مصداقية المجتمع، ويبني عبرهما أخلاقه ومبادئه، والرمزية الثالثة ترسمها الكاتبة في الإخلاص، سواء كان للهدف أو الصديق كأنها تقول إننا عراقيون أهدافنا عراقية مخلصون لكل شيء، والرمزية الأخيرة الحلم بعراق أفضل بمجتمع يحترم المبادئ والقيم.

تقييم العمل:

 العمل جميل ممتع في قراءته والنقطة الوحيدة التي أحب أن ألفت نظر الكاتبة هي مرحلة الانتقال من حكاية لحكاية أخرى في الرواية باستخدام الأبواب والفصول لكيلا تتشابك الحكايا. 

تستحق الأستاذة كُليزار الشكر والتقدير على هذا العمل الإنساني الجميل الذي نحتاج إلى مثيله في كل مجالات الحياة لنرفع قيمة العمل المجتمعي والإنساني، تقع الرواية في 136 صفحة من القطع المتوسط انصح بقراءتها.

قراءة في رواية “آنا كرنينا” للأديب الروسي ليو تولستوي:

وأنت تقرأ الرواية ستسمع صوت تولستوي يقول لك: هنا روسيا بكل تناقضاتها ومشاكلها وأحلامها وتصوراتها، وهذه هي الطبقة الراقية التي تحكمها وتسوس أمرها، سترى طبقة راقية في روسيا لا ترتقي للمستوى الأعلى فتصل للإمبراطور، ولا تنزل للشعب، لكنها ليست الطبقة الوسطى، فهي طبقة تجمع الأرستقراطيين وكبار الموظفين والكونتات وبعض الأمراء، في مرحلة زمنية ارتفعت فيها تكلفة الزراعة بعد أن تحرر الأقنان ، وقلة الأيدي العاملة، وأصبحت الأراضي عبئ على ملاكها، وكانت روسيا تخوض حرباً مع الدولة العثمانية، المرحلة الزمنية التي اختارها الكاتب مناسبة جداً لطرحها في رواية اجتماعية تكشف التحولات والصراعات في المجتمع الروسي.

زمن الرواية مهم جداً؛ لأنها فترة تحول في الفكر العالمي، ونرى انعكاسه على المجتمع والفكر الروسي، وحرص البعض مثل تولستوي على خلق شخصية للفكر الروسي وعدم الانسياق خلف الأفكار الواردة من الخارج وكما قرأت سابقاً أن شخصية “ليفين” تجسد تولستوي، فقد وجد ذلك صحيح لحد مقنع، وتوصلت لذلك في تتبع فكر تولستوي الديني الذي ينظر إلى الدين أنه رسالة سامية، وأن الله ينظر إلى الجميع ما داموا يحسنون ويخلصون ويؤمنون، بغض النظر عن الدين الذي ينتمون إليه.

الشخصيات الرئيسية في الرواية:

آنا أركاديفنا كارِنينا آنا كارنينا: الشخصية الرئيسية امرأة فائقة الجمال جاءت من طبقة متوسطة متزوجة من رجل يعمل في منصب مرموق في بطرسبرج تقع في حب فرونسكي، وتتمثل معاناتها في النظرة الاجتماعية والأبناء والحب، ليتكون الثالوث الذي يهدم كل شيء في حياتها.

ألكساندروفيتش كارِنين ألكسي: زوج آنا كارنينا، يحتل منصب مرموقاً في بطرسبرغ يكبر آنا بأكثر من عشرين سنة، عنيد، يلجأ إلى التدين في النهاية للهروب من صدمته النفسية.

ألكسي كيريللوفيتش فرونسكي: كونت وأحد ملاك الأراضي الكبار عشيق آنا كارنينا، فارس في الجيش الروسي، لكنه يترك كل شيء ليبقى مع آنا ويحظى بثقتها.

كونستانتين ديميترييفيتش ليفين: كونت ومالك أرض زوج كيتي، لا يرتقي لمستوى فرونسكي، لكنه من النبلاء، ويعتقد أغلب المحللين أن تولستوي جسد نفسه في هذه الشخصية، وأميل إلى صحة ذلك.

كاترين ألكسندروفنا شيرباتسكايا كيتي: أميرة زوجة ليفين وشقيقة دوللي شخصية طفولية مرحة، تحب فرونسكي في البداية، لكنها تصدم نفسياً بسببه.

استيبان أركاديفيتش أوبلونسكي ستيبا: جاء من طبقة وسطى شقيق آنا كرنينا له منصب في الدولة بسبب زواجه بأميرة، متهور مسرف يخسر كل شيء، وتنهار علاقته بزوجته.

داريا ألكسندروفنا أوبلونسكايا دوللي: أميرة وهي زوجة ستيبا شقيق آنا كرنينا، ربة بيت ملتزمة بشكل حازم تجاه أسرتها، تتسم علاقتها بزوجها بعدم الثقة، وتستمر هكذا من البداية حتى تنهار العلاقة وتنتهي.

تعريفات مهمة:

  الأمير: أرستقراطية أصيلة، تميل إلى التقاليد، تتوارث اللقب.

  الكونت: أرستقراطية مكتسبة، تميل إلى الحداثة والانفتاح، تعتمد على المكانة لا الأصل.

المحتوى:

الرواية تعالج الفترة الزمنية ما بين من 1855 إلى 1881، أي النصف الثاني من القرن التاسع عشر في عهد القيصر ألكسندر الثاني، وتوضح التحولات الاجتماعية والاقتصادية والصدامات السياسية بين الجيل القديم والجيل الجديد عبر طبقة راقية من المجتمع الروسي ليست في القمة العليا، لكنها طبقة اجتماعية تجمع الكونتات والأمراء والنبلاء، ونشهد فيها زواج أميرة بكونت أو أحد النبلاء والعكس، لكن الرواية تطرح أمراً مهماً يتمثل في شخصية آنا كرنينا، حقوق المرأة والنظرة الاجتماعية لها، حين تنفصل عن زوجها، وتصور المعاناة النفسية الصعبة التي تمر بها النساء في مجتمع ينظر إلى الأسرة نظرة مقدسة، حتى لو كانت تلك الأسرة منهارة من الداخل، ويخون كلا الزوجين بعضهما، المهم أن يبقى شكل الأسرة حتى تستمر العلاقات الاجتماعية.

توجد ملامح كثيرة للشخصية الروسية في الرواية، وتختلف الشخصيات بحسب طبقتها الاجتماعية ومكان سكنها فشخصية النبيل أو الأمير أو الكونت في الريف تختلف عنها في المدينة والعكس، وكل لقب يحمل صفات تخصه تتمثل الترف أو التدين أو الالتزام بالقيم، ترسم الرواية التحول بين جيلين مختلفين من حيث الثقافة، وتبين مستوى الصراع الناشئ بينهما في المجال السياسي، كما أن الرواية تبين أن الفكر احتل مساحة كبيرة وخف تأثير الدين لدى الطبقات العليا.

وزع تولستوي شخصيات الرواية بحيث تشمل جميع الطبقات النبيلة، أمير، كونت، نبيل، عالم، موظف مرموق، وبذلك لمس جميع مستويات تلك الطبقة التي أراد الحديث عنها، لكنه لم يتكلم عن عامة الشعب إلا من منظور تلك الطبقة، بمعنى أنه تحدث عنهم من الأعلى كيف يراهم النبيل أو الأمير أو الكونت، ورغم ذلك نرى في شخصية ليفين التي تمثل تولستوي في الرواية رسم ملامح تقارب بين النبلاء والعمال، لكنها لا ترتقي لتصف حياة العمال أو معاناتها أو وجهة نظرهم في ملاك الأراضي، وأنا أؤيد نظرة تولستوي، فلو أنه تطرق للعمال ومعاناتهم ومشاكلهم المالية والاجتماعية لما استطاع أن يصف الطبقة العليا بإسهاب، وتداخلت الأفكار واختلت.

شخصية ليفين في الرواية قال عنها المحللون أنها تمثل تولستوي، وأنا أؤيد هذه الفكرة، وأتفق معها فأفكار تولستوي واضحة في هذه الشخصية، وأظنه أراد أن يضع فلسفته من خلالها خاصة حين تكلم عن الإلحاد ثم النظرة إلى الدين والوصول لفكرة مقنعة في نهاية الرواية، لكني أعتقد أنه أخطأ في أن يجعل النهاية مرتبطة بهذه الشخصية التي وضع من خلالها صورة النهائية وأهمل شخصيات في الرواية لم يعطنا التصور النهائي لها مثل ستيبا الذي أشار إليه أنه انهار مالياً.

ربما اختلف مع تولستوي في النهاية المأساوية لآنا كرنينا لكني مقتنع أن هذه النهاية جسدت المعاناة أكثر من أي نهاية أخرى، بل وجعلت لها رسالة متعدية لزمانها، رسم من خلالها ضعف المرأة وصراعها النفسي الكبير بين الزوج والحبيب والأبناء، وبين لنا قلة الحلول التي يمكن اللجوء إليها لذا كانت النهاية الصادمة هي أبلغ رسالة لتجسيد الوضع السيء.

الأسلوب:

محتار وأنا أكتب عن أسلوب تولستوي فالرواية مجموعة حوارات مطولة ترسم الأحداث وهو أسلوب لا أحبه لكني وجدته ممتعاً في الرواية، خصوصاً في الجزء الأول فالشخصيات تتحدث عن نفسها لتقول: أنا موجودة وأتحدث، الأنا في الرواية قوية جداً تجدها في أنانية المرأة والأمير والكونت والنبيل، يظهر صوت الراوي العليم في بعض السطور ليوضح أمراً، أو ينتقل إلى شخصية أخرى، وأقول في النهاية: الرواية ممتعة سواء كانت عبر حوارات مطولة أو سرد مسترسل، فأحداثها تجعلك تقرأها بنهم.

الكاتب:

ليو تولستوي من طبقة النبلاء الروس، وكانت أسرته من أعرق العائلات في روسيا عاش في الفترة ما بين 1828 إلى 1910 عاصر الكثير من الأحداث من أعظم الروائيين الروس، تعتبر روايتاه الحرب والسلم وآنا كارنينا من أعمدة الأدب العالمي جمع في أعماله بين الفلسفة والأخلاق والدين اتجه إلى الزهد في آخر حياته.

تقييم العمل:

لا أستطيع أن أحكم على رواية بهذا القدر من الأهمية، فقط أستطيع أن أقول إنه رواية جميلة ممتعة تثير الشغف، تطلعنا على حقبة زمنية مهمة في تاريخ روسيا، ونعيش من خلالها عالم من المتعة، أنصح بقراءتها، الرواية موزعة إلى جزءين تقريباً 900 صفحة من القطع المتوسط.

قراءة في رواية “الروع” للكاتب العماني زهران القاسمي

الروع كما يسميه أهلنا في عمان هو الفزاعة التي يستخدمها المزارعون في أنحاء العالم لإخافة الطيور والحيوانات السائبة وحماية المحاصيل منها، ولم تكن الفكرة على هذا النحو في البداية من الأساس، لكن لكل خبرة بشرية تسلسلها، حتى تنموا وتصل لحدها النهائي، وتترسخ في نفوس أصحابها، وهذا بالضبط ما يكتب عنه الرائع زهران القاسمي؛ لأنه يتحدث عن فكرة ترسخت في نفوس المزارعين، يشرح طقوسها وآلية عملها وأساطيرها في مساحة سماها رواية، ومن حقه أن يطلق عليها هذه الصفة؛ لأن الروع أو الفزاعة هو البطل الحقيقي، هو الأسطورة ومن تدور حوله الفكرة والأسطورة، ورغم وجود شخصيات كثيرة في الرواية، إلا أنني كنت أبحث عن تطور الروع وكأنني أرتقب بعث الروح فيه ليعيش الحياة التي أرادها “محجان” صاحبه وخالقه.

شخصيات الرواية:

محجان: اسمه الحقيقي سعيد، لكنه طمس مع اشتهاره بلقبه حتى هو حين يخاطب نفسه يقول محجان متناسياً اسمه الحقيقي، غريب الأطوار كما هو لقبه، طويل القامة نحيل لكنه قوي البنية، صامت في أغلب الأحيان، عاش في أسرة فيها الأب أعمى والأم هادئة، ورث مزرعة والده، وأهتم بها بعد أن تنبه لأهميتها، تزوج ولم ينجب، الكاتب لم يذكر شيئاً عن ذلك.

عميرة: زوجة محجان وهي تمثل الشكل النمطي للزوجة في القرية العمانية التي تلازم بيتها وترعى زوجها وتهتم بكل شؤونه.

مسعودة: لها جانب صغير في الرواية، لكنه علامة فارقة في بعض اللحظات كتجسيد للشر أو لنقل لخبث العجائز.

الشيخ: وهو سيد المنطقة أو كبيرها، وما يمثله من وقار ومنزله وشيء من السيطرة، فهو يحتل الأرض الأفضل، ويعلو منزله على رابية، ولا يرغب في أن يصل أحد آخر لمنزلته.

المطوع: رجل الدين وأمام المسجد حامي حمى الشريعة في القرية وهو المتبصر في الأمور المترقب لأخطاء أهالي القرية التي تتجاوز حدود الشرع.

المحتوى:

محجان هو الذي يخلق الحدث ومعه “الروع” الذي يشكل محور الرواية فلا شيء يفوقه في الأهمية في الحكاية كلها إلا حماية الأرض التي يقف عليها، حيث أن محجان لا يريد أكثر من حماية أرضه من الحيوانات السائبة والطيور، لكن محجان صاحبنا يختلف عن البقية، فهو يحب أن يحكم عمله ويتقنه، وهذا ما قام به مع الشيء الجديد الذي كان يفكر في خلقه، ونصبه في وسط مزرعته ليحميها من كل شر، فكر في كل التفاصيل، ما يجعل الروع أقوى وما يجعله مخيف أو مرعب، ما يلبسه وكيف يشكل التفاصيل التي توحي لمن يراه أنه بشر يقف ليحمي المزرعة من كل دخيل، سواء كان ذلك الدخيل يمشي على الأرض، أو يطير في السماء.

يوطد محجان العلاقة مع الروع من أول يوم فيعامله باحترام، رغم أنه متأكد أنه من صنه ليحمي مزرعته، يلقنه ما يريد منه أن يفعل ولم يقم بذلك على نحو بسيط، بل كان حريصاً أن يكون أمام الروع في صورة السيد الذي يأمره وينتظر منه الطاعة، إلا أن العلاقة اختلفت بعد أن وجد محجان الروع يقوم بعمله على أكمل وجه، فلم يأتِ أي دخيل للمزرعة لا من الأرض ولا السماء، فزاد إيمانه بأن الروع ليس مجرد أخشاب منصوبة ترتدي أسمال بالية، بل هو كائن حقيقي يقوم بعمله وكأن به روحاً، ويزداد ذلك الشعور مع الأيام بعد أن تزدهر المزرعة، ويكثر محصولها وتتمدد.

النقطة الفاصلة في الرواية، حين وصلت علاقة محجان مع الروع لمرحلة الإيمان بأن الروع تكمن فيه روح، وأنه يستطيع الفعل، حتى أن محجان حين آذى الروع ظن أنه ينتقم منه، فعاد ليرضيه وتخلى عن إيمانه لمجرد أن يبقى مخلوقه الجبار ذو سطوة على الجميع، ثم انتقلت العلاقة إلى أبعد من ذلك حين أصبح إيمان محجان بالروع يفوق أيمانه الطبيعي، وانتقل إلى مرحلة الحب، لدرجة أنه ينتقم لأجله.

تحمل الرواية في طياتها أجواء القرية العمانية بأحاديثها ونميمتها وحسدها وترابطها، فلا حدث يمر دون أن تعرفه القرية كلها، ولا شيء يحدث حتى يشارك فيه الجميع، في الخير والشر، وتلك النفوس البسيطة التي تصدق أشياء ربما لا تكون موجودة في الواقع، لكن تلك الأشياء تحمل أساطير القرية وخيالاتها، ويتحكم في القرية المتحدثين وأصحاب النفوذ والدين.

الأسلوب:

اعتمد الكاتب أسلوب الراوي العليم، وأظنه أصاب في هذا الاختيار؛ لأنه أسلوب المتمكن من كل التفاصيل، وينقلها بشكل أوضح للقارئ دون شطط، كما إني متأكد أن أسلوب زهران القاسمي في الكتابة لا يختلف عليه اثنان، فهو يملك اللغة القوية والأسلوب الجميل المشوق، ويستطيع أن ينسج الخيال بحروفه لا في عقله ككاتب، بل في عقل القارئ.

الكاتب:

شاعر وروائي عماني ولد عام 1974، صدرت له العديد من دواوين الشعر ومجموعتين قصصية وخمس روايات أبرزها “تغريبة القافر” التي فازت بجائزة البوكر للرواية العربية.

تقييم العمل:

العمل رائع وممتع يقع في 154 صفحة من القطع المتوسط، جميل ويحمل قدر كبير من التشويق، أنصح بقراءته.

قراءة في كتاب “دم وخمر” للكاتب الروسي ليو تولستوي.

لا أستطيع أن أسمي هذا الكتاب رواية، أو مجموعة قصصية؛ لأنه يحمل قصتين فقط، لكنه كتاب قصص كتبه تولستوي في أواسط القرن التاسع عشر، لكن أحداثها تحاكي بدايات القرن.

شخصيات القصة الأولى:

بوليكوشكا: الشخصية الرئيسية من عبد القصر يرعى الخيول ويعالجها، لص لديه زوجة وخمسة أطفال.

اكولينا: زوجة بوليكوشكا امرأة أكبر همها رعاية أسرتها.

السيدة: هي سيدة الأرض والمتحكمة فيها.

ايجور: القائم بأعمال سيدة الأرض، وتعود إليه المهام التي تقع في نفوذ سيدته.

دوتلوف: فلاح يحاول أن ينقذ أبناءه وابن أخيه من التجنيد.

شخصيات القصة الثانية:

الكونت فيدور توربين: ضابط مميز في كتيبة الفرسان الخفيفة متهور راقص ماهر يعشق النساء واللهو.

آنا فيدروفنا: أرملة وسيدة أرض تحمل قدراً كبيراً من الجمال ولها دوران في القصة العشيقة والأم.

ليزا: ابنة آنا فيدروفنا فتاة ريفية عفيفة.

الابن الكونت توربين: ابن فيدور ويحمل صفات أبيه، إلا أنه حريصٌ على المال بعكس والده.

بولزوف: ضابط في كتيبة الفرسان، شريف لديه مبادئ وقيم نبيلة.

الضابط المتقاعد: شقيق آنا فيدروفنا وخال ليزا، لم يكن في كتيبة الفرسان لكنه يدعي ذلك،

المحتوى:

قصتان مختلفتان لطبقتين في المجتمع تعيش إحداها الفقر والعوز والأخرى ترفل في النعيم والترف والملذات والجميل أن لا مقارنات داخل القصص، لكنك بلا إدراك حين تقرأ القصتان ستقارن بين القاع والقمة بين الفقر والغنى بين اللامبالاة عند الأغنياء والهم عند الفقراء، ستفكر في قيمة المال عند الطبقتين، وسترى قيمة الإنسان من زوايا مختلفة.

المقارنات التي تثير الفضول، وتطرح سؤال لماذا؟ يحدث هذا الأمر؟ ولما يحدث بهذا الشكل؟ المؤلم أحياناً والغبي أحياناً أخرى، ففي القصة الأولى ستجد البطل عبد أكبر همه أن يعيش لحظة سعادة، أو يشعر أنه ذو قيمة، وينتهي به المطاف معلقاً بحبل على سور عالٍ، وقد فارق الحياة مشنوقاً، وفي القصة الثانية البطل أمير وفارس اكتسب من مهارات الحياة ما يجعله نجماً، ويعيش حياته حتى يموت ويحمل رايته ابنه بنفس اللقب والصفات، وكأن الكاتب أوحى لنا ما نعرفه أن العبد يلدُ عبداً، والسيد يلدُ سيداً، لن يتغير شيء.

ستعرف في القصص أسلوب التجنيد السائر في ذلك العصر وأساليب المواصلات، وستعيش مع شخوص القصص في الحظائر والبيوت، معادلة الكتاب الأرض + الرقيق = دم، الأرستقراطية + الترف = خمر.

تطرح القصة الأولى مسألة التجنيد الإجباري في ذلك الزمن، وكما يعتقد المجتمع الفقير أن من يذهب للتجنيد لا يعود حياً وتفقد الأسرة احد ابناءها العاملين العائلين لها.

الأسلوب:

اعتمد أسلوب الراوي، ولا يظهر كصوت مستقل إلا في بعض المواضع بجمل قصيرة يوضح فيها معنى محدد، الأسلوب جميل بلا شك، وقد وضع الكاتب القُراء في زاوية المقارنات، دون أن يشعروا وجعلهم ينظرون إلى صورتين متناقضتين، لكنهما موجودتان في نفس المكان، ليخلق كل قارئ صورته وانطباعه الخاص.

الكاتب:

تولستوي كاتب وفيلسوف روسي تبنى مبدأ اللاعنف ركز على العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية أشهر أعماله: الحرب والسلام، آنا كارنينا، البعث.

تقييم العمل:

العمل رائع وممتع يقع في 190 صفحة من القطع المتوسط، أنصح بقراءته.

المترجم:

الترجمة جيدة بوجه عام فقط عانيت مع بعض الكلمات التي لم تعد مستخدمة، ربما لجأ إليها المترجم ليوصل المعنى بدقة.

قراءة في رواية “إمبراطورية الملائكة” للكاتب الفرنسي برنارد فيربير.

انهيت العمل منذ قليل ولم اتوان في الكتابة عنه، هذا الشعور انتابني وألح عليّ قبل أن انهي العمل لا لشيء إلا أنه استفز فيّ أشياء كثيرة مثل: النظرة للغيب، التفكير فيما بعد الموت، التأمل في العوالم الخفية من منظور خيالي، وهذا لا يعني أني اقرأ الرواية بمنظور الكاتب، بل سأحتفظ بالنقد للسطور الأخيرة من هذا المقال فهناك الكثير من الملاحظات التي يمكنني أن اذكرها دون تردد.

العمل كبير قليلاً لكنه ممتع وطرح بأسلوب جميل يجعلك تفكر فيما سيحدث وهذا ما يستدعي الرغبة في استمرار القراءة بشكل شبه متواصل، فالأحداث كثيرة وتقع في أكثر من مكان، وكذلك الشخصيات الرئيسية والفرعية، والأهم من ذلك الأسلوب الجميل ولنبدأ بشخصيات الرواية.

الملائكة:

ميشيل بانسون: هو الراوي في هذه الحكاية وعلى لسانه تسرد الأحداث

رافاييل: الملاك الباحث عن الحقيقة الأعلى والمتطلع للغيب.

إدمون ويلز: لعب دور المرشد للملائكة لكن صوته تكرر كثيراً تحت بند الموسوعة وكأنه يلعب دورين رئيسيين فمن جهة هو موجود بشخصيته في الأحداث ومن جهة أخرى تحت بند الموسوعة، يسرد معلومات استخدمها الكاتب كنقاط مضيئة في العمل.

توجد الكثير من الملائكة في الرواية ادوارهم فرعية.

البشر:

جاك: عانا من صعوبات في دراسته ويعاني من ذاكرة ضعيفة يتمتع بخيال واسع وسيمتهن الكتابة والتي يمر معها بحالات تعاسة متكررة حتى يستقر، يحب القطط ويؤمن بأنها ملهمته.

فينوس: فتاة مدللة عاشت الشهرة منذ الصغر وتطورت امنياتها فأصبحت عارضة أزياء، ملكة جمال ثم ممثلة وتستقر في النهاية.

إيجور: روسي يمر بمراحل كثيرة وينتقل من دار رعاية ايتام لمصح ومن ثم للجيش ويستقر لكنه ينتهي بلا هدف.

هناك شخصيات بشرية فرعية كثيرة في الرواية.

الرواية:

تنتقل الرواية من الأرض إلى السماء بموت البطل ميشيل بانسون وترسم منظور لمرحلة الانتقال عبر رحلة فيها مراحل انتظار ومحاكمة حتى يترقى البطل الرئيسي لدرجة ملاك ومن هنا تبدأ الرواية الفعلية التي تشرح دور هذا الملاك مع موكليه في الأرض ومع أصدقائه الملائكة الآخرين، وبما أنه موكل بثلاثة من البشر يحمل كل فصل عنوان لكل شخصية بشرية رئيسية لكتب عنها منذ الولادة وحتى الموت، وهناك أيضاً حديث يدور في الجنة خصص له عنوان في كل فصل وفي خاتمت الفصل الموسوعة التي يكتبها ادموند ويلز، وبهذا نشاهد في كل فصل خمسة عناوين أو أكثر والرابط الرئيسي بينها هو بطل الرواية ميشيل بانسون، العنوان الوحيد الذي ستشعر في البداية أنه خارج السياق هو عنوان الموسوعة الذي كان يوقع باسم ادموند ويلز موسوعة المعرفة، في الفصول الأولى تشعر من كثرة المعلومات والشخصيات انها تتداخل في عقلك ومن ثم تتسق وتترتب مع التكرار.

الأسلوب:

اعتمد الكاتب على أكثر من صوت في الرواية منها بطل الرواية ومنها الموسوعة والراوي العليم، لكنها متسقة مع العمل، وانتهج أسلوب مميز في توزيع الأدوار بين شخصياته البشرية بحيث أن ترتيب السرد في كل فصل لا يسير بتناسق تراتبي مثلاً: فينوس تأتي في المقدمة في بعض الفصول وتأتي في الوسط في بعضها أو في الأخير، وكذلك المواقع فبين الأرض والسماء تأتي الأحداث أحياناً قبل الحديث عن الشخصيات أو بعدها، الجزء الثابت هو الموسوعة التي تأتي في نهاية كل فصل لتضيء لك نقطة أو تشرحها.

الأسلوب به الكثير من التعقيد لكنه التعقيد الذي يخدم العمل والذي يمزج بين المعلومات المستقاة من التراث الديني اليهودي والمسيحي، والخيال الذي يرسم الصورة الذهنية، والفلسفة الخاصة بالكاتب، والذي يتضح انه يملك مهارة عالية في المزج بين تلك الأمور ونسجها بشكل لا يلفظه القارئ، بل يتقبله لأن أسلوب الكاتب جميل ومقنع.

النقد:

ستلاحظ دون المزيد من الجهد أن عالم الملائكة كله من العرق الأبيض وبالأخص من اليهود والمسيحيين، والبشر المنتخبين للرعاية من الملائكة من نفس الديانتين، وبهذا اختزل الكاتب المنتخبين للجنة من العرق النقي من منظور غربي بحت.

كل المعلومات المستقاة في تصوره للجنة مأخوذة من العهد القديم أو التوراة، ويشير إشارات بسيطة في الحديث للشامانية مثلاً البوذية لكنه لا يأخذ من تصوراتها في جنته ومن الطبيعي لا يذكر الإسلام نهائياً.

الشعوب الأخرى موجودة لكنها لا تقع تحت رعاية الملائكة ولا مكان لها في الجنة، وحين تحدث عن الشرق قال أنهم برابرة.

الكاتب:

من أصل يهودي لكنه لا أدري أي لا يؤمن بدين حالياً وربما مخزونه الثقافي طغى على تفكيره، أو ربما يحمل عنصرية ضد الآخر أي ما دون العروق التي يؤمن الغرب أنها نقية وأنها منتخبة من الإله.

تقييم العمل:

العمل أدبياً رائع وممتع ويحمل الكثير من المعلومات والخيال والفلسفة والإلحاد يقع في 398 من القطع المتوسط، انصح بقراءته لأنه ممتع لكنه يحمل أفكار إلحادية.

المترجم:

تحية اجلال للمترجمة أريج حمود فلغة الترجمة كانت راقية جداً لدرجة أنك لا تشعر أن العمل كتب بلغة أجنبية فلا خلل في اللغة ولا المعنى.

الرواية بين النقد والرأي، ومشاعر الكاتب.

حين يفرغ المؤلف من روايته، ويطرحها للعامة لا يحق له تقييم العمل، فمهما كانت قناعته بالعمل لا يحق له أن يحكم عليه، حيث إن العمل صدر منه، وتقمص شخصية أبطاله، وفي هذه الحالة يكون حكمه منحازاً للعمل دون أدنى شكل، فأي رأي سيمتدح فيه روايته، يكون رأياً سلبياً، حتى لو كان العمل رائعاً بالفعل، مجرد أن يسلب الكاتب حق الجمهور في إبداء الرأي أو تقييم العمل يكون قد تدخل في قرارهم بالحكم على الرواية.
القرار المهم الذي يجب على الكاتب اتخاذه في تقييم العمل هو مدى ملائمته للنشر، وهل يصلح للقراءة، أو لا يصلح، والعمل والجهد كله الذي يقوم به الكاتب، من كتابة وتدقيق وتصحيح ومراجعة، يفعلها لكي يخرج العمل في أفضل صورة ممكنة، وبعد النشر ينتظر رأي النقاد والقراء في العمل، ويجوز له إبداء رأيه فيما يقال ويجوز له أن يدافع عن عمله، ويبرر كل شيء طُرِح من قبل النقاد والقراء دون حرج، فإيمان الكاتب بالعمل وما بذله من مجهود يعطيه الحق أن يدافع عن عمله الأدبي دون رفض النقد بشكل عام، ودون أن يعترض على نقاط الضعف التي يصل إليها النقاد في العمل، فالنقد لا يجرح العمل إلا إذا كان العمل سيئاً، أما إن كان العمل جيداً أو مميزاً، فإن النقد بين للكاتب نقاط الضعف التي لم يلمسها هو شخصياً، لذا يجب أن يستمع الكاتب لرأي الناقد بحرص، ويرد عليه بإتقان بما لا يخرج عن صورة العمل، أو يحول الصدام مع النقاد من صدام فكري إلى صدام شخصي.
من المؤكد أن العمل الأدبي يتجاوز صاحبه كما في باقي الأعمال الفنية، ورغم أنه يحمل اسم صاحبه، إلا أنه يصبح مشاعاً بعد طرحه في السوق، ويملك كل ناقد أو قارئ نظرته الخاصة في التقييم، الآراء التي تطرح تناقش ذلك العمل من زوايا مختلفة وفئات مختلفة، فالنقد مثلاً له مدارس كثيرة تحمل كل واحدة منها وجهاً مختلف في قراءة النص الأدبي، وكذلك أذواق القراء تختلف بحسب اهتماماتهم وثقافتهم، واستمتاعهم بالعمل، وللقراء ميزة على النقاد يجب أن لا يتجاهلها الكاتب، لأن القراء هم الجمهور الذي يخاطبه الكاتب في روايته، فحين يقول قارئ هذا عمل ممتاز، أو هذا عمل ضعيف، لا يستدعي ذلك الإحباط أو الغرور، بل يستدعي أن ينتبه الكاتب لجوانب عمله القوي منها والضعيف، فرأي الجمهور رغم أنه غير احترافي إلا أنه الرأي الذي يجعل للكاتب مقبولاً أو مرفوضاً من قبل الجمهور.
الكاتب يعيش مع شخوص الرواية ويتقمصها، ومهما ظن الكاتب بعد زمن أن تلك الشخصيات التي كتبها زالت من تفكيره فهو مخطئ؛ لأن تأثير الشخصيات ينطبع في عقله ومشاعره هكما انطبع على الورق، ومهما طال الزمن يبقى تأثير تلك الشخصيات فعالاً، حين يستمع الكاتب لنقد أو رأي يمس روايته، لذا يجب أن يتعامل الكاتب بحذر حين يتلقى الآراء المختلفة وعليه أن يراجع قدراته لكي يُوصل الصورة الصحيحة التي يريدها أن تصل للجمهور، وهذه النقطة تسبب الكثير من القلق لدى الكُتاب، فحين تكون الصورة واضحة في عقل الكاتب ولا يستطيع أن يوصلها كما يتخيلها للقارئ، تصبح هناك فجوة بين الفكرة والسرد، بمعنى مهما كانت الفكرة صحيحة لدى الكاتب ولم يوصلها للقارئ بالشكل السليم ستشكل صورة مختلفة في خيال القارئ عما هو في خيال الكاتب، فيسير التفكير في اتجاه مختلف عما أراد الكاتب أن يوصله للجمهور في عمله الأدبي.

دراسات وأبحاث أدبية ..

قراءة في بعض الدراسات التي تنقد وتحلل الأعمال الروائية.

قرأت دراسات في تحليل الروايات وبالتأكيد تتناول هذه الدراسات بناء الرواية، أسلوبها وعناصرها، وتتطرق للكثير من التفاصيل والمقارنات بين العمل الذي تقوم عليه الدراسات وأعمال أخرى مشابهة أو قريبة وتحمل العناصر نفسها، الدراسات التي قرأتها تذكر المدارس التي ينتمي إليها بعض الكتاب كمرجعية، وهذا شيء جيد يُمنهج العمل الروائي ويضع له قوالب متنوعة ومختلفة ومتطورة، وقابلة للتحول في المستقبل.

تتناول الدراسات المكان والزمان والشخصيات والأساليب والتفاصيل واللغة والحبكة، بأسلوب تحليلي دقيق والجيد في هذه الدراسات أنها تتناول الأعمال الأدبية التي بها مضمون قوي وصحيح ككتلة روائية مبنية بشكل سليم، ولا اختلف مع الباحثين في هذه الجوانب، ولا أنكر عملهم، بل أستفيد شخصياً من هذه المواد القيمة، فهي تبين الكثير من الجوانب الخفية في الرواية محل الدراسة وتفكك عناصرها بشكل يثير الإعجاب.

فقط لدي ملاحظات لا تمس الدراسات، وهي تعني بالكاتب وكيفية تشكيله للرواية، فهو إنسان له ثقافة ومرجعيات ولغة، وحين يبدأ السرد تكون الأهمية الأولى هي العمل الذي يشتغل عليه، حبكة الرواية وشخوصها وأحداثها تفرض على الكاتب أن يخرج أحياناً عن السياق الذي أطر فيه الأفكار الأساسية قبل البدء في الكتابة، مثلاً التعاطي مع الزمن يختلف من عمل لآخر، في بعض الأعمال يكون الزمن عنصراً واجب الحضور، وأخرى يكون الزمن فيها مموهاً أو مائعاً، وكذلك المكان أحياناً يكون محيط يحدد موقع الحدث أو القضية وأحياناً أخرى يحمل الكثير من التفاصيل، ويحدد هذه الأهمية العمل نفسه ومدى خدمة تلك العناصر للرواية، فلو افترضنا عملاً أدبياً توثيقي يتناول مرحلة في الحرب العالمية الثانية سيكون الزمان والمكان واضحي المعالم، بعكس لو كان العمل يناقش قضايا اجتماعية، فيخف وضوح الزمن.

كذلك اللغة، فلغة الرواية البسيطة تجعل القراءة تنساب بسلاسة، لكنها تخضع لمعايير واعتبارات، منها مثلاً المجتمع الذي يعيش فيه الكاتب ويريد أن يوصل فكرته له، عليه أن يجعل اللغة سلسة بعيدة عن التقعير والكلمات الغير مستخدمة والمصطلحات الغريبة، ولو اضطر الكاتب لاستخدامها عليه أن يضع لها تفسيراً، كذلك تخضع اللغة لدرجة إجادة الكاتب للغة المستخدمة، وتخضع أيضاً لأسلوبه هو شخصياً، هل هو سلس أم عميق أو مبتذل، الرواية تعكس شيئاً من الكاتب حتى لو أراد أن يخفيه، واستخدام اللغة مهم في الرواية؛ لأنه الأساس الذي ينقل من خلاله الكاتب أفكاره للقارئ فحين تكون اللغة ضعيفة لن تصل الفكرة وحين تكون اللغة مبتذلة يصبح العمل مملاً، التوازن يضعه الكاتب بناءً على تصوراته الشخصية فيما يرى أنه يخدم العمل.

على هوامش الرواية ..

لا توجد هوامش مكتوبة في الرواية إلا لتفسير أمر أو شرح معنى لكلمة، فالرواية لا تعتمد على الهوامش، لكن حين تدقق النظر في هذه المسألة تجد أن كل شخصية هامشية في الرواية هي هامش للرواية، وكل فكرة جانبية هامش أيضاً فهوامش الرواية غير مكتوبة على حواشيها، بل متضمنة داخل الرواية يبين الكاتب من خلالها نقطة واحدة، أو يأصَّل فكرة.

الرواية نسيج يبدأ من أصغر نقطة ويسير بشكل منتظم حتى يكتمل، فتلك الأمور التي أسميها هوامش غير مكتوبة على الأطراف تدخل ضمن نسيج الرواية لتكمله أو تزينه، فيستخدمها الكاتب بشكل غير منتظم في الرواية ليكمل الصورة.

النقد من منظور إلهي ..

أنهيت قراءة كتاب “موت الناقد لـ رونان ماكدونالد” منذ فترة طويلة وكتبت هذه السطور لكني لم انشرها سابقاً، ولن أعلق كثيراً فمادة الكتاب جيدة بها الكثير من المحاور المهمة التي سيستفيد منها من يقرأه، يتناول نظريات عدة منها نظرية موت الناقد عبر مراحل مختلفة من خلال كُتاب ونُقاد وأكاديميين بين ضفتي الأطلسي، إنجلترا والولايات المتحدة، وينقل الكثير من الآراء لكل مرحلة مر بها الأدب والجمال والثقافة منذ بداية القرن الماضي حتى نهايته، يتعاطى مع النقد بشكل موضوعي في الكثير من المواقع، إلا أنه عاد في نهاية الكتاب لينصب الناقد إله للأدب واللغة والجمال.

نقد تقويمي نقد تحليلي نقد فني إلخ.. ما لم يتطرق له الكاتب هو تعالي النقاد وبيع أقلامهم ومحاباة الأسماء الكبيرة التي يخشون المساس بها، وهذا الأسباب أثرت أكثر من غيرها، والتي دعت المجتمعات الثقافية والأكاديمية والشعبية لقتل الناقد كصورة من صور الانتقام “من وجهة نظري، لا أرفض منظومة النقد التي تدعو للارتقاء بالعمل الأدبي لكني اقبل أن ينصب الكاتب نفسه إلهاً في الرواية، فيخلق ما يريد ويقتل من يريد ويفعل ما يشاء لكي يعطي العمل قيمة إضافية، يصنع الأحداث ويكرس المشاعر، ويركز النظر على نقاط يريدها أن تصل للمتلقي من خلال مقدرته الإلهية المتواصلة في العمل وجهده، وحين يتأله الناقد يتعامل مع المخرجات الأدبية تعامل الأب المسيطر والإله لحاكم.

حين ينصب الكاتب نفسه إلهاً يُمكنه ذلك من الوصول لهدفه، وحين ينصب الناقد نفسه إلهاً يخسف بكل ما يراه غير مناسب من منظوره الشخصي، ويغفل أن العمل الأدبي مر بمراحل، واحتاج إلى مجهود وعمل طويل متواصل لكي يخرج إلى النور، بينما يضع الناقد نقده في جلسة في مقهى لا تتجاوز الساعة، ليموت الناقد أو يعيش لا يهم، المهم أن تُراجع المهام النقدية كما تراجع الأعمال الأدبية، وأن توضع لها معايير كما وضع للأدب معايير وشروط.

“الناقد كما الأستاذ يوجه والتوجيه لا يحتاج إلى إبداع بقدر ما يحتاج إلى مهارة ومعرفة وشعور وإدراك”

الرواية ..

الرواية تعتمد على الإبداع، لم تكن منهجاً أكاديمياً فهي حكاية وفكر وأساليب أخرى، الجميل منها هو الذي يرفع لذة وشهوة القراءة لدى المتلقي، فإن كانت تحمل قيمة فكرية استطال زمانها وامتد، وإن كانت بسيطة رحلت مع زمانها.

الرواية: الكاتب ..

لا شك أن كاتب الرواية هو إله الرواية، يحي فيها ويميت ويفعل فيها ما يشاء دون أن يكون هناك حدود لإرادته سوى جودة وحبكة الرواية، فيخلق الشخصيات ويصنع الأحداث التي يسيرها بما يناسب الرواية التي يكتبها، ولديه عدة عناصر عليه أن ينسقها ويربطها سوياً، الشخصيات، الأحداث، الزمان، المكان، كل هذه العناصر تجتمع بين دفتي كتاب لتسمى رواية

حين ننظر إلى الكاتب على أنه مبدع أو أنه قدم عملاً يستحق القراءة، علينا أن نقدر أولاً أن العمل الروائي عمل كبير بشكل عام، وأن الاستمرار في كتابة الرواية يحتاج إلى الكثير من الجهد النفسي والمعنوي والكثير من الاطلاع والاستماع والمتابعة، بالإضافة إلى الصياغة وتركيب الأحداث وأن كل هذا العمل يقوم به شخص واحد جمع الأفكار المتناثرة ووضعها في رأسه وعكف على كتابتها حتى النهاية.

يمكننا أن نصور الكاتب على أنه مُؤرخ، لكن تاريخه ضمن الرواية لا يؤخذ بجدية التاريخ المنهجي الأكاديمي للأحدث وذلك بسبب فردية الكاتب والتصور المدرج ضمن الحبكة الروائية لا يخرج من عقل جمعي يوثق ويأصل المعلومات، الروائي حين يصور أي حدث تاريخي يضع فيه الكثير من المشاعر والارتباطات التي لا يلجئ إليها المؤرخ الأكاديمي أو المختص، قس على ذلك كل ما يتعلق بالعمل الأكاديمي في التخصصات كلها.

يمكننا أن نصف الكاتب على أنه شاعري أو أنه رومنسي أو أنه عاطفي، وفي هذه النقطة بالتحديد يكون العمل الروائي ذو مصداقية أكبر حيث إنه من الطبيعي أن يعايش الكاتب روايته منذ البداية ويرسم شخصياتها، وهذا الأمر يجعله على اتصال ذهني وعاطفي بالشخصيات، لذا يكون متمكناً أكثر من غيره في وصف تلك المشاعر والأحاسيس، لدرجة تصل للواقع أو تقترب منه.

من الضروري أن نعرف أن الكاتب يقع تحت تأثير نفسي وعقلي يجعله ينسج روايته في خياله ولو بشكل مختصر عبر نقاط، وأن الرواية التي ينسجها المؤلف لا بد أن تتأثر بخلفيته الدينية أو الأيديولوجية، أو الحزبية إلخ ..، هذا يعطي الرواية بُعد شخصي فلا يمكن للكاتب أن يلغي كل اعتقاداته السابقة، وكل قراءاته وفكره دون أن يكون في الرواية بصمة نفسية شخصية، أحياناً يتعمد الكاتب أن يبرز معتقده فيما يكتب أو يوحي به وأحياناً أخرى يكتشف القارئ ذلك من معرفته السابقة بالكاتب.

نجاح العمل وفشله له عدة أوجد تقع بعضها على الكاتب، وبعضها رغماً عنه فالمسؤولية التي تقع عليه، هي جودة العمل من حيث الصياغة وربط الأحداث وتجسيد الشخصيات بشكل صحيح بحيث يكون العمل مترابطاً والرواية محبوكة بشكل لا يشتت القارئ أو يضعف اهتمامه بالعمل .

الرواية: تأثير الرواية ..

كل حدث في الدنيا له بداية ونهاية، والرواية كذلك بها نقطة بداية ونهاية، وتقع الأحداث بين تلك النقطتين، بتصور شخص واحد للأحداث.

عندما أفكر في الرواية لا أفكر بها على أنها قصة فقط، ما يشغلني في الرواية ذلك الشوق الذي يدفعنا أن نمسك كتاباً لا يحمل مادة علمية أكاديمية، ونقرأه بشوق لا يفتر حتى ننتهي من قراءته، ثم نبحث عن رواية أخرى لنفعل الشيء نفسه، ربما تحمل الروايات العبرة، وبعض الدلالات الأخرى لكن لها سحرها الخاص الذي يحبسك في أحداثها فلا تتركها حتى تعرف نهايتها.

الرواية تحمل فكر شخص واحد، وهو الكاتب، يضع فيها عصارة فكر روائي قصصي، يحور فيها أحداث، ويكحلها بمواقف مشوقة، لتشد انتباه القارئ، ويمكنه كذلك أن يضع أفكاره، وتوجهاته سواء كانت سياسية، أو ثقافية أو علمية أو أيدلوجية، على هيئة أشخاص يمثلون ذلك الفكر ويضع حولهم هالة من الوقار أو يجعل القارئ يتعاطف مع الشخصيات او ينفر منها، وهو بذلك يزرع فكرة معينة في ذهن القارئ، ويضع مبادئ ذلك التوجه في جدول أفكاره دون أن يشعر.

هذه النقطة مهمة، فالرواية تتعايش مع الأحداث كالحياة التي تتخللها المشاكل والشخصيات، والأزمات، إذاً الرواية مشابهة لواقع البشر الذي يعيشونه، بسبب هذا التشابه يمكنها أن تأثر بشكل سلل وقوى على القارئ دون أن يشعر، وهو يقرأ الرواية في عزلة وتركيز، وربما يتأثر بشخصية معينة، أو ينسجم مع فكرة.

الكثير من الروايات سوقت لمبادئ فلسفية، ومبادئ منحرفة، وأيديولوجيات غريبة، ووضعتها في سياق مشوق، جسدت شخوصها كأبطال، ننظر إليهم في الرواية بفخر، أو دفعتنا للتعاطف مع حالة أو قضية أو مشكلة معينة، وبعض الروايات حققت رواجاً كبيراً في زمانها، وأثرت في الرأي العام، ووجهة الجماهر في بعض الأحيان.

إذا للرواية، تأثير أكبر مما نتوقع، لأنها تتربع على هرم الأدب، فالأقصوصة ثم القصة القصيرة، ثم القصة،ثم الحكاية، ثم الرواية، علاوة على ذلك يخرج من الرواية مستوى أعلى من الإعلام فتتحول لمسلسل أو فيلم سينمائي، ورغم محدودية زمن تلك الأعمال إلا أن تأثيرها في زمانها يكون قوياً جداً.

إذاً الرواية تقع ضمن سلسلة هرمية، فهي في قمة هرم الأدب، وهي في قاع الأعمال السنيمائية، وهذا الامتداد يعطي الرواية قيمة أكبر وأهمية لا يمكن أن ينكرها أي شخص.

قراءة لرواية الثقب الاعوج من الاستاذة أزهار الأنصاري..

الرواية “الحشو والتفاصيل”

الرواية “الحشو والتفاصيل”

لا يختلف فن الرواية عن الفنون الأدبية الأخرى، فكل منها يشكل مشهداً من مشاهد الأدب التي ينتمون إليه جميعاً، لكن الرواية رغم أنها تحتاج إلى الكثير من الجهد والتركيز، تفتقر لبعض الجوانب التي تتمتع بها بعض الفنون الأدبية الأخرى مثل الشعر الذي يمكنه أن يختصر لك الموقف في بيت شعرٍ واحد، أو يحدثك عن قصة كاملة في قصيدة من عدة أبيات، بخلاف الرواية التي تعتمد اعتماداً كلياً على السرد، والاختصار في الرواية ربما يضعفها إن لم يوصل المعنى المراد شرحه بشكل يتقبله القارئ.

الرواية فن أدبي لا يعتمد على الاختصار؛ لأنه يتعاطى مع أحداث الحياة بشكل يجسدها في سطور يستطيع القارئ من خلالها تخيل المشهد كاملاً دون اختزال، فلو فرضنا أن موقفاً حزيناً يتمثل فيه رجل نجد أن من الأجدى أن يصف الكاتب مشاعر ذلك الرجل بالشكل الذي يضمن فيه وصول ذلك الشعور الذي يبين كثافة الموقف، ولو كان الشرح مطولاً فلا ضير في ذلك ما دام سيوصل المعنى كاملاً دون اختزال ودون الخروج عن المشهد.

لأن الرواية لا تشمل موقفاً واحداً، فهي تحتاج إلى تلك التفاصيل التي تخدم العمل لا التي تبعث الملل في نفس القارئ، في الرواية نحتاج إلى شرح تفاصيل المشاعر، وتفاصيل الموقف، وأحياناً نحتاج إلى شرح تفاصيل حوار، وأخرى نحتاج فيها لشرح تفاصيل المكان إن كان للمكان تأثير في ذلك المشهد المرسوم بالكلمات.

يمكننا أن نختصر أي شيء نقرأه، لكن الرواية لا تعتمد على الاختصار فالاختصار يختزل الكثير من جماليات الرواية، ويجعلها هزيلة في المعاني والتفاصيل التي أعتبرها حساسة جداً؛ لأنها تؤثر في النسيج العام للعمل الأدبي، ولأن القارئ حين يقتني رواية يعرف حق المعرفة أنها قصة طويلة، وبها الكثير من الكلمات والمعاني والمواقف والمشاعر، فمن المهم أن نعرف أين نضع الاختزال وأين نحتاج إلى الشرح، ومن واقع القراءة يمكننا أن نكتشف؟ أين ابتذل الكاتب وأين اختصر، وهل الابتذال في المشهد في محله الصحيح أم أنه أجهد الرواية وقارئها، وأثر في النسيج السردي، فمثلاً حين نصف المشاعر نبتعد كثيراً عن وصف المكان، وإن تطرقنا له نتطرق له بشكل جزئي لكي لا نشتت تفكير القارئ، فيكون تركيزه على العاطفة لا المكان؛ لأننا نريد أن نوصل مشاعر تلك اللحظة لا مكانها، فنجعل للعاطفة التأثير الأكبر، وللمكان الأصغر أو ننفي المكان من المشهد.

حين نحشو الرواية بتفاصيل متكررة ومملة، فإننا نخسر في أكثر من جانب، أولها أن التفاصيل الكثيرة التي تخرج عن المعقول، تشتت القارئ عن الحكاية الرئيسية في الرواية، وثانيها تجعل النسق يميل إلى التكرار والتكرار بحد ذاته يبعث على السأم، ويؤثر في النسيج العام من حيث المضمون والمضمون في الرواية ليست التفاصيل المملة، بل هي أحداث ومواقف نريد أن نوصلها بشكل مؤثر وبنسق متصل لكي يستمتع بها القارئ ونصل للفائدة الكاملة التي تعطي القارئ قيمة القصة وما تطرحه.

الرواية .. الكاتب إله الرواية ..

ربما لا يعجب هذا المصطلح فئات كثيرة، لكنه يعجبني بلا شك، فالكاتب هو إله الرواية الذي يفعل كل شيء فيها يحي ويميت، يوزع الأموال والمناصب، ويخلق المشاكل ويضع الحلول، ويبني الشخصيات ويهدمها، وإلى هذا الحد يقف دور الكاتب، فهو إله في نصه الذي يكتبه ولا تستطيع قدراته أن تتجاوز هذا النص، فقدرته الهائلة في الرواية تقف عاجزة مثلاً عن إيجاد القبول أو رفض العمل أدبياً أو شعبياً، نتفق إذا أن الكاتب إله الرواية، لكنه عندما ينتهي منها يخضع للمعاير التي يخضع لها البشر في الواقع.

ما يجب على الكاتب في هذه الجانب الذي يبني فيه الرواية، ويتحكم في النسق أن يجد له طريقة مناسبة ومتزنة في طرح القضايا والأحداث وخلق الشخصيات، بحيث يتتبع القارئ خيط التشويق الذي يجعله يستمر في القراءة لمعرفة النهايات، دون أن يزهد في الرواية ويتركها، فتشابك الأحداث وتتابعها مهم جداً، وكذلك حجم الحدث وموضعه في العمل، فأن تبدأ الرواية بكارثة، يتوجب عليك أن تعطي هذه الكارثة حجمها الطبيعي المقبول لدى الجمهور فلا ترفعها أكثر، فتنهار ولا تسخطها فتتحول لحدث عرضي، لكن يمكنك أن تظهر الجوانب الخفية في الكارثة كالجانب الإنساني أو الاقتصادي أو الاجتماعي، وبهذا الأسلوب تتضخم الكارثة في عين القارئ، دون أن يكون فيها شذوذ عن الواقع.

يجب أن يكون هناك توازن، فأن تكتب شيئاً معقولاً يساير الواقع أو أن تكتب شيئاً في الخيال، يخالف الواقع أو أن تبالغ في طرح القضايا وتضخمها بالقدر الذي يفوق لفت الانتباه، ويصل لدرجة الاشمئزاز، فأنت تخلق أحداثاً في كل الاتجاهات تبنيها بتصورك الشخصي، لأن الرواية تصور شخصياً للأحداث مهما تبنت من مراجع، أو تضمنت كوارث، فهي تفسر الواقع والتاريخ بعين واحدة، والمبالغة أو الاختزال لها موقعها في الرواية فبعض الأمور يجب أن يرتفع فيها نسق التفاصيل وبعضها يأفل فيها ذلك النسق، وكل القضايا والشخصيات والأحداث يربطها أسلوب الكاتب وكيفية الطرح، فالأسلوب يجعل من الغريب مقبولاً، ومن المستنكر جائزاً، ومن الشاذ طبيعياً.

إذا أحسن الكاتب الصياغة، واستطاع أن يصل بالأحداث لمستوى الإقناع لدى القارئ يكون العمل تجاوز الإرباك وفك الاشتباك الذي يحدث بين الشخصية والحدث في الرواية، وحتى لو لم يعجب العمل الأدبي المختصين، ووجد نقداً لاذعاً، واكتشفوا فيه الكثير من الأخطاء التكوينية، يمكن للعمل أن يتجاوزهم جمعياً في عين الجمهور، ويكون مقبولاً أو ناجحاً أو مبهراً.

الإله يتحكم في كل شيء من البداية حتى النهاية، والكاتب إله الرواية، وهو المتحكم فيها، وعليه أن يخلقها بشكل جميل، وأن يعود إلى الواقع أو تصوراته؛ لأن الواقع هو ما يربط الرواية في ذهن القارئ، فوجود الإنسان في رواية خيالية هو بحد ذاته واقع؛ لأن الإنسان واقع، والأحداث الخيالية تدور حوله، أو تشابه الأحداث بين عالم افتراضي كامل مع الأحداث في عالمنا، مع الفرق في التشكيل والتلوين والبهرجة التي يضعها الكاتب لكي يكون عالماً خيالياً يناسب الطرح.