
سارت بي الحياة لكل مكان، وقابلت آلاف البشر، دون أن أعرف كم سأستمر ولا أدري متى ينتهي مشواري الذي بدأ منذ فترة طويلة، أسير وأدعي أني أتعلم مع أن أغلب الأحداث في حياتي أصبحت مكررة والمتغير الأكبر هي الأماكن والأشخاص، لكن المواقف أغلبها معادة، تواجهنِ مشكلة أحياناً تكون بسيطة وأحياناً معقدة وهي اللحاق بالركب أو مسايرة الزمن الذي أعيش فيه، ورغم شعوري بأني اكتفيت إلا أني يجب أن أعيش واستمر إلى متى لا أدري.
ليس من أحد لا يريد الحياة، لكن الروتين الذي يتكرر باستمرار يجعلك تتساءل كيف استمر؟ وما الذي يمكنني فعله في هذه المرحلة من العمر؟ أنقل خبرتي مثلاً أم اعتزل البشر، وأتفرغ للمطالعة أو أذهب لأمور أخرى في الحياة، التجارة مثلاً أو أي عمل يستطيع أن يشعرني بأن الحياة يمكنها أن تمنحني المزيد من الخبرة أو المعرفة.
انظر للحياة بتفاؤل، وأحياناً انظر لها نظرة ممل، ثم أعود وادفع نفسي للتفاؤل من جديد، إلا أن نظرة الملل تكبر وتتحول لاحتقار للحياة في بعض الأحيان، وتعود الشمس لتشرق مؤذنه بروتين جديداً يتكرر وبأشخاص حفظنا وجوههم وتصرفاتهم، وبشوارع أصبحنا نتوقع فيها كل شيء قبل حدوثه، فالسيارات لا زالت تمشي على أربع، كـطفل سريع الحبو، وأتوقع أن تكبر وتمشي على عجلتين بدلاً من أربع.
لا يمكنني أن أرى الأشياء خارج نطاق الواقع أو خارج حدوده، لأني لو نظرت إليها بشكل مختلف أنا متأكد أني سأرسم لها شكلاً جميلاً لا يمكنه الحياة في الواقع ولا أن يستمر، فالحياة خليط بين جميل وقبيح، وبين طيب وشرير، وبين غبي وذكي، وبين أناس تتصدر وأناس تعيش في الهامش، وأنا أجد نفسي في الهامش أكثر مما أجدها في الطليعة فالهامش الذي يحتقره الكثيرون يعطيني مساحة شخصية لا أتمتع بها لو أني كنت في الطليعة، مساحة تجعلني أتحدث بصوت عالٍ مع نفسي، وتجعلني انتقل من مكان لآخر، دون أن يعرفني أحد.