إلى متى أحبك …

عندما نتحدث عن العلاقات الشخصية، أو نفكر بها لا نسأل أنفسنا في أغلب الأحيان لماذا؟ ولا أعني بماذا؟ أن أفكر في الفائدة المرجوة من العلاقة بحث أن تصبح العلاقة تبادل مصالح، وهي بالفعل تبادل مصالح، لكن المصالح المالية والسوقية هي الوحيدة التي تأخذ في الاعتبار في هذا الجانب، لكننا لا ننظر إلى الجزء المعنوي والعاطفي على أنه فائدة أو مصلحة، والعكس هو الصحيح من وجهة نظري فالفائدة المعنوية من العلاقة هي التي تعززني وترفع من شأني كإنسان حقيقي بعكس القيمة المادية التي تنمي النظرة المصلحية المتمحورة فيما لدي وما أملك.
لكننا في الحقيقة لا نقيم احتياجاتنا النفسية بشكل صحيح لكي نعرف ما هي الجرعة الصحيحة التي يجب أن نتلقاها من الأشخاص المحيطين بنا وهل ما يعطونا إياه من مشاعر حقيقي أم هو غاية يستخدمونها للوصول لهدف يصبون إليه، فالإنسان مركب غريب يختفي جزء منه بمكر ليحقق الجزء الآخر أهدافه، بمعنى أن الماكر يظهر لك الود، لكنه يخونك في النهاية، ويعتبر هذا انتصاراً، وهنا تكمن مشاكلنا مع الآخرين ثقتنا المفرطة في بعضهم، ونفورنا من آخرين تتولد لدينا قناعات بأن من نثق بهم هو الصادقون المخلصون، ونحن لا نملك في الحقيقة ما يثبت ذلك في أغلب الأحيان، لكننا نقيس بعواملنا النفسية، ولو نظرنا بعين مجردة لقياساتنا في هذا الجانب سنكتشف الكثير من القصور، وسنشك في أقرب المقربين لنا.
المسألة معقدة، أحياناً تكتشف أن من تحبه وتدنيه يستغلك بفعل عاطفتك الحميمة نحوه، فنقطة ضعفك التي يمكنه أن يستفيد منها هي مشاعرك التي تغمره بها وبسببها تمنحه الرعاية والاهتمام، بعكس ما يفعل هو؛ بحيث إنه يستفيد منك، ثم يعطيك الرعاية والاهتمام بقد استفادته المادية، هنا تتحقق المصلحة بشكل مقلوب، لكنها تتحقق في مستوى معين غير حقيقي، فالحقيقي لا يتغير وإن شابه بعض العيوب أو التغيير فالقيمة الكامنة فيه نقية.
بعد فترة من الزمن، وبعد أن نكتشف حقائق المحيطين بنا ربما لا نستغني عنهم؛ لأننا بحاجة إلى وجودهم في حياتنا، ولو كلفنا ذلك الكثير من الأضرار النفسية والمعنوية.