أيها المجهول..

أيها المجهول، تعبت أفكر في تفاصيلك لأجعل لك كياناً يمكنني أن أتعامل معه دون حيرة، رسمتك في مخيلتي إنسان لطيف وجشع يجمع التناقضات يخلق المحبة من لا شيء ويشعل النار في كل شيء، أردت أن أراك لكي أقتل الخوف من الجهل فأنا الجاهل الضئيل الذي ينظر إلى البعيد حتى يحترق بصره في أفق لا ينتهي يبحث عما رسم في عقله، يتوقع أن يرى ما يجهل ليطمئن ويكف عن التفكير وأنت تستمتع بحيرته وتخلق مجاهيل أكثر ليبقى بصره معلقاً في أفقك للأبد.

أيها المجهول، ها أنا ذا بين النار والجنة يسبقني اللهب حين أجري خائفاً وتبتعد الجنة حين آتيها راكضاً، فلا احترقت ولا تنعمت، بين رجاء وأمل أترقبك لتكشف لي المسافة بين النعيم والجحيم؟ وتعطيني أرضاً آمنة لأقف وألتقط أنفاسي دون خوف.

أيها المجهول، تعرف أني لا أكون إلى حين أبحث عنك في ثنايا الماضي ومساحات المستقبل، تلك الفراغات المطوية في سجلات التاريخ وتلك الصحائف البيضاء المنثورة في مستقبل الزمن، أنا بينهما بين ما كان وما سيكون، أردت أن أكشف المجاهيل وأفكك رموزها عللي أجد أحد الخيوط الذي يوصلني إليك فأمسكه بكلتا يدي وأسحبه لتراني أقف أمامك وأصرخ “لقد جئت إليك، لأكون أنا” بينك وبين الأفق أقف أحمل تلك الأسئلة الحائرة لأنثرها في وجهك وأقول لك “أجب”.

أيها المجهول، أنت كالسراب الجميل الذي يعلق الظمآن عليه كل آماله في الحياة حين يراه فيلهث ورائه وهو موقن أنه سيروي ظمئه القاتل ولا يدري أنه يسير لحتفه بإرادته والأمل يملئه، هل رأيت إنساناً يسعى لموته بسعادة مثل ذلك العطشان، هل رأيته حين وصل إليك وعرف أنك وهم لا طائل منه إلا الموت، حينها يضحك حتى انتهى مثل آماله التي احترقت في رحلة البحث عنك.

أيها المجهول، يكفيني من غيابك أنك دمرت تلك الأحلام التي صنعتها من جهلي وغبائي، والأوهام التي علقت عليها صحف المجد الكاذبة، وتلك الأمنيات التي كنت أرعاها لكي تنمو في حدائق الخيال الخصبة. شيءٌ واحد جميل أحمله كل وأشكرك عليه، أنك ساعدتني على أن أحرق الأيام في رحلة البحث لتمر بلا ملل قبل أن أرحل.

بقلم

أفاتار غير معروف

كتابات

انسان بسيط له رأي

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.