قراءة في كتاب رواية ( جمهورية كأن ) لعلاء الاسواني .

38388790

قراءة في كتاب

رواية ( جمهورية كأن ) لعلاء الاسواني .

 

وكأنها كانت ثورة ، وكأن شعب مصر قد ثار ، وتمرد على النظام القائم منذ ثلاثين سنة ، وحطم القيود التي كانت تكبله ، وتقيده ، وتمرد على الظلم والهوان ، وفك القيود إلى الابد ، رواية جمهورية كأن ، شيقة ، ممتعة ، فصياغتها جميله ، وشخصيات الرواية واضحة الملامح ، واضحى الأهداف ، تسير الشخصيات بخطوط متوازية تتصادم ولا تتلاقى ، ينقطع بعضها ، ويسير بعضها وكأنه للأبد ، بشكل متصل ودائم ، وترتسم الصورة التي نجدها في الواقع ، نشك أنه كانت هناك ثورة ، فكل شيء عاد لنقطة الصفر ، أو تحت الصفر .

محور الرواية الرئيسي ، هو الثورة ، لكن المحور المكتوب بين السطور في الرواية ، هو القبضة الأمنية الحديدية التي تسيطر على مصر ، وتتحكم في مفاصل الدولة ، ربما تختفي تلك القبضة قليلا ، لكنها لا تتلاشى بل تعمل في الخفاء ، لتعاود الظهور من جديد ، بشكل أقوى ، وأعنف ، وأشرس .

شخصيات الرواية تمثل القطاعات المهمة التي تواجدت وقت الثورة ، الأمن ، ولم يحدد الكاتب أهو الجيش أم الشرطة ، فنجد انه يتحدث عن الاعترافات لتفكر في الداخلية ، ثم يتحدث عن خطة لإجهاض الثورة والسيطرة عليها ، فتعود لتفكر في الجيش ، ثم يتحدث عن الاعلام ، وقد ابدع في هذا الجانب ، رغم أنه كان يجب ان يتناول الاعلام في أكثر من شخصية ، ثم التائهون في الأرض ، اليساريون والشيوعيون ، الذين ثاروا في القديم ، ثم استسلموا للواقع الجديد ، وركبوا جواد السلطة والمال ، وفي النهاية ، الثوار الجدد ، الشباب ، وما قدموا من تضحيات .

تنتقل الرواية من مرحلة النصر للثوار ، والشعور بالفخر ، ثم الإحباط ، والهرب من الواقع بمغادرة مصر ، أو الاستسلام  للواقع وتقبل السجن ، أو التصفية ، وهذا هو ما خلصت له الثورة المصرية المجيدة التي حدثت في 2011 ، فقد تعمد الجهاز الأمني في مصر ، ان يكرس الشعور القوي بالإحباط لدى الشباب بالذات لكي لا يفكروا مجدداً في الثورة .

يوجد نقطة اثارت حفيظتي ، فكلنا نقر أن من قام بالثورة هم الشباب الذين لم تلوثهم السياسة ، ولم يتحزبوا ، لكن لا يمكن بأي شكل من الاشكال أن يلغي الكاتب الإسلام في المجتمع المصري ، أو أن يلبسه فقط ثوب الخيانة والمؤامرة ، ولو كان يريد أن يبعد النظرة الدينية عن المشهد ، لما جسد لنا شخصية المسيحي المنخرط في الثورة ، كما انه جسد المسيحين بواقعهم السلبي والايجابي ، لكنه كرس صورة المسلم في ثوب الخيانة .

لا يهم كل هذا فالرواية تشكل عمل ادبي يستحق التقدير ، عمل ممتع في مضمونه ـ أحيا في نفسي الكثير من المشاهد التي رأيتها في تلك الفترة ، المشاهد التي صرخنا فيها مع الشعب المصري ، والتي صرخنا فيها من أجل الشعب المصري ، وعشنا معهم مرحلة الإحباط المريرة التي لا تريد أن تنتهي حتى الآن .

 

 

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.