قراءة في كتاب ( خرائط التيه ) للكاتبة بثينة العيسى .

رواية مشوقة ولا استطيع ان أقول خلاف ذلك بما فيها من الاحداث ما يجعلك تتعلق بالكتاب حتى تنهيه ، أسلوب جميل في الطرح ، لكني اختلف مع الكاتبة فيما قالته في مقدمة الكتاب ، من ان القصة من نسج الخيال ، حيث أن الاحداث التي ساقتها في الرواية لا يمكنها ان تترتب بهذا الشكل في عقل كاتب ، دون الرجوع لسجلات قضايا وقعت فعلاً ، والاستماع لأشخاص عايشوا تلك الحوادث ، كما انها وجهت الشكر في النهاية لجهات ساعدتها واشخاص تجنبت ان تذكرهم ، وهذا دليل اخر على أن القصة وقعت ، ربما مع اختلاف الجنسيات ، والاسماء أو ربما طلب من الكاتبة عدم التصريح لكي لا تعرف الشخصيات الحقيقة ، إلا ان هذا لا يقلل من انها أبدعت في توزيع الاحداث ومتابعة مسارات القصة بشكل متوازن .
ربما نسجت الكاتبة من خيالها بعض المواقف ، او وضعت لمستها العاطفية في وصف المشاعر الإنسانية التي مرت بها شخصيات الرواية ، لتكمل الحبكة الروائية من كل الجوانب .
طرحت الكاتبة إشكاليات كثيرة لا ينتبه لها الناس في الحياة ، ولا يلامس المها إلا من وقع في تلك المشاكل والأزمات ، واستطاعت ان تصف المشاعر بطريقة بارعة تجسد الألم والحيرة وتأثيرات الازمة ، وجمعت نقائض كثيرة مثل الايمان والكفر ، اليقين والجحود ، الانحراف والاستقامة .
طرحت ايضاً ، الإشكاليات الأمنية ، وكشفت مدى تراخي الجهات الأمنية في متابعة مشاكل تنال اهتمام الناس ولا تجد الاهتمام الموازي لدى تلك الجهات .
ناقشت الرواية عبر شخوصها مسألة الاختطاف ، ومسألة الاتجار بالبشر وبالأعضاء ، ومسألة الحج ، بتسلسل واقعي ، مؤلم أحياناً ومزعج أحياناً أخرى ، طرحتها ليتساءل القارئ أين نحن من هذه المشاكل التي لا تناقش في الاعلام ولا تجد الاهتمام الكافي لدى المجتمعات ولا السلطات لكي يقضى عليها ، وكشفت او بمعنى اصح المحت أن هناك مسؤولون كبار يقفون خلف تلك العمليات القذرة ويستفيدون منها .

لا استطيع إلا أن اهنى الكاتبة وأشكرها في نفس الوقت على هذا الرواية الوثائقية في احداثها ، العاطفية في مشاعرها ، فشكراً للمبدعة بثينة العيسى ، كما أني انصح وبشدة من يجد هذه الرواية أن يقرأها لا نها لا تعتبر عمل أدبي فقط ، بل عمل توثيقة في صورة أدبية ممتعة .