
لست مختصاً في الفلسفة لكن يمكنني ان اضع بعض الإشارات عن هذا الكتاب في عدة جمل من واقع قراءتي ، مع الاخذ في الاعتبار ان تاريخ الكتاب يعود لعام 1984م أي انه يوجد أفكار عدة طرحت بعده في نفس المجال .
يناقش الكتاب تاريخ الفكر الوجودي من عدة جوانب لغوياً وتاريخياً عبر الأمم وعبر الفلاسفة ونظرياتهم ، وكذلك وضع لمسته على تلك المفاهيم والنظريات في نطاق إسلامي وربما من منظور صوفي في بعض الأحيان ، بشكل جيد يمكن فهمه ببساطة .
بعد ان شرح الكاتب معنى الوجودية لغوياً انتقل لتعريفها عبر العصور ، ابتدأ من تاريخ الدولة الفرعونية ، وهنا اسهب الكاتب كثيراً في تلك المرحلة ، واختصر في حضارات أخرى لا تقل أهمية ، بل يوجد لها مراجع اكثر من الحضارة المصرية القديمة ، ومثلا اغفل حضارة ما بين النهرين ، ثم انتقل للحضارات تباعاً اليونانية والرومانية ، والمسيحية والإسلامية ، وأنا أرى لو افرد باباً خاصاً لشرح الوجودية في الديانات لكان الامر اكثر وضوحاً ، فأغلب الفكر الوجودي ينقلنا إلى الالحاد ، والفكر الديني لم يلغي الوجودية بل وضعها في منظور معين له حدود ، وله منطق يختلف عن منطق الفلاسفة .
أيضاً في باب التاريخي للوجودية يسرد الكاتب التاريخ ويقارن الوجودية في الحضارات ومجدها وانهيارها ويربطها بالوجودية وهذا يخلط الفكر الوجودي بالتاريخ ، وهنا أيضاً كنت اقرأ في هذا الباب تاريخاً يسري بالأحداث وانسى الموضوع الأساسي ، ثم اعود لفكرة الوجودية حين يذكرها الكاتب ، أي انه كان يركز على الحضارات وتاريخها اكثر من الفكر الوجودي ( موضوع الكتاب الأساسي ) .
ثم انتقل الكاتب لأبواب أخرى ، الوجودية في الفكر الوسيط ، ثم في الفكر الحديث ، وفي باب الفكر الحديث ، كانت النظرة أوضح بكثير ، وتسلسل الفكر بين نظريات الفلاسفة والمفكرين كان رائعاً ومنطقياً ، فتدرج مع نظريات الفلاسفة المؤثرين في الفكر الوجودي من هيجل وكجارد وهوسل حتى وصل إلى سارتر ، ثم وضع موجز للفكر الوجودي في تلك الفترة ، ثم انتقل لقصدية الوجود ووضع شرحها جيد وفي نهاية الكتاب ، لخص فكرته الأساسية ، النابعة من قناعاته الإسلامية .
يعد الكتاب صغيراً بالنسبة لكمية الأفكار التي يطرحها ، وعموماً الكتاب جيد يقع في 153 صفحة ، موزعة على أبواب ، مفيد لمن يحب ان يطلع على بعض جوانب الفكر الوجودي والفلسفي ، صدر في عام 1984 .