سعدت بلقاء الروائي الأستاذ / د. واسيني الأعرج ، وأعجبت بأسلوبه اللطيف وروحه الجميلة، كل التقدير أقدمه لهذا الإنسان الذي يحمل القيمة الأدبية في يد ويحمل في اليد الأخرى الأسلوب الراقي والتواضع ، والشكر للروائي أحمد العلوي الذي هيئ لي اللقاء بـ د. واسيني الأعرج .
قراءة في كتاب “رواية الكتيبة 17” للروائي هاشم محمود ..
في بعض الأحيان تكشف لنا الرواية واقعاً لم نكن نعرفه أو تطلعنا على حقبة زمنية معينة لنكتشف من خلالها تلك المرحلة بأحداثها وشخوصها ، وهذا بالفعل ما وجدته في هذا العمل الجميل حيث كشفت بعض الأمور التي أجهلها عن إرتيريا كأرض وشعب وتاريخ .
تتحدث الرواية عن حقبة زمنية محددة وهي السنوات الأخيرة من الاحتلال الإيطالي لإريتريا وبداية انكماش النفوذ الإيطالي وتمدد النفوذ البريطاني ويبين الكاتب من خلالها الكثير من الجوانب المهمة في تلك المرحلة كالمقارنة بين أساليب الاحتلالين ، والمقارنة بين التسامح الديني السائد في تلك الفترة بين أطياف المجتمع الأريتيري والنفور الحاصل حالياً في هذه المسألة .
تعتمد الرواية الأسلوب التقريري في أغلب الأحيان ويصبح تتبع المعلومة هو الأهم لدى القارئ ولا نجد صدى للعاطفة أو العوامل النفسية إلى في موضعين ، الأسرة والحبيبة ، في مشهدين متباعدين في البداية والنهاية ، المسألة الدينية كان من الممكن أن يوظفها الكاتب بأسلوب نفسي وعاطفي أفضل .
العمل جميل يحمل الكثير من المعلومات المفيدة ، لأي قارئ لا يتجاوز الكتاب 167 صفحة أي أنه من الأعمال الصغيرة نسبيا إلا أن المرحلة الزمنية التي يعالجها مرحلة مهمة وغائبة عن المجتمع العربي .
هذا رأي الأستاذ أحمد حمدان في رواية الثقب الأعوج ، كل التقدير للأستاذ احمد وستكون ملاحظاته التي دونها في الاعتبار في الإصدارات القادمة ..
كنت قد قررت قراءة رواية الأستاذ جابر عتيق في عطلة نهاية الأسبوع ولكني وبمجرد أن بدأت بالصفحة الأولى لم أتمكن من ترك الرواية حتى أتممت قراءتها بالكامل
وهذا هو أسلوب أخونا جابر المتمكن في اصطياد القارئ وإدخاله في حالة إدمان وتشويق لمعرفة الأحداث واستقرائها
وقد تألق في ذلك (كعادته) وأنا من أزعم أنه من الصعب أن يتملكني كتاب لدرجة أن أغيب عن العالم (وأنا ممنون) وارتدى ثياب بطل القصة وأعيش معه أحداثها .. ومع أن البطل هنا فتاة في مطلع العشرينات
لكنك ومن شدة الوصف تعتقد أنك هي , بل وتتأكد أنها هي من تكتب وليس الأستاذ جابر
يخترق جابر كل الخطوط الحمراء, المعلن منها والمخفي, عن طريقة عيشنا في المجتمع المحافظ المتكلف, ويوصلك لنتيجة مفادها أننا منافقون , أمام المجتمع نحن ملائكة يعلو وجوهها الخجل والتقوى, وإذا خلونا إلى شياطيننا قلنا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون, نعيش الحقيقة فقط في الخارج أو في جلساتنا السرية
يجعلك الكاتب تتضامن مع الفتاة مع أنها مثقلة بالذنوب والخطايا (من وجهة نظر مجتمعنا) إلا أنها أيضا ضحية لمجتمع لا يريد أن ينصف المرأة ولا يريد أصلا أن يبدأ بأي مشروع لإنصافها
أحداث متلاحقة وممتعة لا يمكن أن تمر عليها دون أن تقرأ الصفحة بإمعان حتى لا تفلت أي جملة منك
نجح الكاتب وبعفوية الصادق المقتنع بوجهة نظره من إيصال فكرة الرواية بل والولوج في المناطق المحرمة وبجرأة لم نعدها في المجتمع القطري,
لكنه وللأسف فشل في تجاوز حالة الفوقية الموجودة
ولو بأشكال متفاوتة في المواطن القطري .. فمثلا لا أرى أي مبرر أن يذكر الكاتب أن مريم كانت القطرية الوحيدة في جلسة تضم ثمانية من العشاق, الذكور قطريين والإناث عربيات؟
ولا أدري لماذا يقول فيصل لمريم أنه لو كان يعرف أنها قطرية لما تركها بعد مغادرته لندن ( كان يعتقد أنها كويتية)؟ مع أنهما تشاركا الفراش هناك عدة مرات وبدون أي رابط شرعي؟
لقد تعرضت مريم بطلة الرواية إلى أحداث جلل لا يتحملها أشد الرجال, فما بالكم بفتاة عشرينية ذات وجه طفولي بريء لا تعرف شيئا عن الحياة , ومع أن الكاتب ذكر أن والدها رفض خطبتها من شاب أحبته بعد زواجها الأول الفاشل
بسبب أن العريس كان قد تجنس الجنسية القطرية حديثا .
وأنا شخصيا أرى أن هذا كان أول وأهم أسباب سقوط مريم إلى الهاوية , فلماذا ليس مسموحا للفتاة القطرية أن تحب من تريد؟ لماذا يجب أن يكون زوجها ضمن كتالوج مفروض عليها سلفا بينما الشاب لا غبار عليه حتى إن تزوج هندوسية أو ملحدة؟ ولماذا يجب دائما أن يكون غير القطري طامعا في ثروة القطرية؟ لكن الحدث لم يعطيه الكاتب كثيرا من الاهتمام أو التأثير على حياة مريم
وكأنه يوافق ضمنيا على تصرف الوالد في رفض الغير قطري؟؟
حتى مريم عندما تذكر مآسيها المتكررة لا تذكر من بينها رفض والدها لزميلها في العمل التي أحبته.
أعتقد أنه آن الأوان أن نتحدث عن البشر على أنهم بشر وليس عن جنسياتهم , فمثلا كانت هناك شخصية لفتاة اسمها مريم لكنها عربية وليست قطرية وكانت البطلة تصفها بأنها إبليس
مع أن مريم القطرية فاقت بمراحل من فعلته مريم العربية بل وصلت لدرجة أن تمارس الحب مع فتاة أخرى (رغد) وهي ابنة أحد أزواجها السابقين.
الرواية رائعة وفيها خلطه لغوية متناسقة وأحداث مفعمة بتفاصيل لا يمكن أن يكتبها إلا من حصلت معه , لكني واثق من أن قدرة الكاتب على الوصف تؤكد مرة أخرى على مهارته العالية وتمكنه الممتاز في نسج
الأحداث وأعتقد أن الصورة الأعم لفكرة أخينا جابر هي أيضا أن المال لا ولن يشتري الأمان العاطفي والنفسي
الرواية إضافة جديدة للرصيد الغني عن التعريف للكاتب الفذ الأستاذ جابر عتيق الكعبي وإضافة للمكتبة القطرية ,وأمنية جديدة من أمنيات النخبة المثقفة في قطر والوطن العربي لإعطاء المرأة حقها
وإنصافها في كل شيء
أرجو من الجميع قراءة هذه التحفة الفنية الرائعة
وإلى الأمام أخونا جابر وفي انتظار المزيد من هذا المعين الذي لا ينضب
أظن أن أي كاتب سوف يقرأ هذا العمل سيشعر بسهولة أن كاتب الرواية يتحدث عن نفسه ، ولا تعني هذه النقطة شيء في الواقع ، لكن صياغة نقاط الارتكاز التي تتضح كبؤرة في حياة الكاتب يعود إليها في أعماله دائماً وهو الأمر الذي يشير إليه الكاتب بانتظام في روايته العالم والتي أستطيع أن أسميها عالم مياس الذي جعله يكتب ، يجعلنا نركز في الأحداث لنكتشف الكاتب نفسه .
الرواية سلسة وأستطيع أن أجزم أنها كذل بلغته الأصلية التي كتبت بها ، لأن الكاتب يتحدث عن نفسه دون قيود بل يرحل عنها ويعود إليها دون قيود ، يكرسها في أعماله ويستوحي منها ويضيف إليها المزيد من الأحداث ، ثم يعود ويضع نقطة ارتكاز أخرى في الحدث نفسه كأنه كان يكتب من ذاكرته المجردة دون أن يكون هناك إعداد مسبق لما يريد أن يكتب .
الخيال الذي يتحدث عنه الكاتب والذي تشك أحيانناً أنه حقيقي في بعض القصص ثم تبدأ تشكك هل القصة كلها خيال أم أن القصة واقعية أم أن بعض أجزائها واقع والآخر خيال ، فمهارته حين يضع مشهد خيالياً في وسط مشهد حقيقي ينقلك لتصور آخر ثم يعيدك لنفس المشهد الحقيقي فتبدأ المقارنة بعد أن تنتهي من المشهد لتكتشف ما هو حقيقي وما هو مزيف إن استطعت التمييز .
أظن أن كل من سيقرأ الرواية سيقرأها بسلاسة ، لكن من يستطيع أن ينتزع منها الحقيقية ومن يستطيع أن يكتشف الخيال ومن سينقل الحدث على أرض الواقع ليعرف ما يعنيه الكاتب من أبعاد في قصص أثرت فيه لدرجة أنها أصبحت نقاطاً عميقة في نفسه يعود إليها لا شعورياً في أي زمان وأي مكان ، وهنا نجد أن الكاتب حبيس تلك المواقف التي تسكنه ، كل مشاهد الطفولة من بؤس ومن ألم ومن خيال وإغراء وأمل ، تسيطر عليه لدرجة أنه لا يستطيع أن يتخلص منها وإن اجتهد وأن تعاطي الحشيش أو أي شيء آخر يساعده لكي ينفصل عن الواقع ، واقعه الذي يعيشه في داخله ونزعة إلا انتماء التي يعيش فيها .
ورغم أنه لا ينتمي إلى عالمه يكتشف أن العالم كله يعرف أنه مياس ، وقد كرس هذه المسألة في المشهد الأخير من الرواية حين ناداه الرجل “مياس أرجوك ساعدني” كأنه اكتشف أن مياس هذا ليس والده بل هو وهو في واقعة حقيقة وإن لم ينتمِ هو لعالمه فعالمه ينتمي إليه بالفعل .
الكثير من الإسقاطات في الرواية يمكننا أن نقف عندها فالكاتب ربط بين أمور كثيرة يمكننا أن نكتشف بسهول أنه لا يربطها شيء حقيقي لكنها ترتبط في عقله بين حالة عاش فيها وآلة كالمشرط مثلاً أو القيد الذي وضعه في حياته “فوبيا الأماكن المزدحمة” وعودته من النافذة للبدروم الذي كان يراقب من خلاله الشارع فلم يتخلص من هذه المسألة لأنه عاد من النافذة نفسها لمكانه ولم يغير وجهته ويعود من الباب الصحيح .
الدين في الرواية ، الكنيسة الألم جهنم الجنة لا تغيب عن واقع الكاتب الذي قال “فكرة الخلاص في ثقافتنا ترتبط بتفادي جهنم أكثر من الفوز بالجنة” وكأنه يخاطب الواقع سواء كان واقعه المسيحي أو واقع أي دين على وجه الأرض ، لكنه يبتعد عن الدين ثم يعود إليه يهرب منه ويجده أمامه في كل مكان ، يهرب من الأكاديمية التي تشرف عليها الكنيسة لما يعانيه فيها من تعذيب ليعود ويلتحق بمدارس اللاهوت ليصبح قسيساً ثم يخرج من كل هذا ويصبح كاتباً ، لكنه لا يستطيع أن ينسلخ من واقع الدين الذي يحاصره ، في الرماد الذي سيؤول إليه كما آل إليه الراحلون قبله .
الرواية جميلة وسلسة والعالم هو عالم خوسيه مياس الذي لا يريد أن يستغني عنه تقع الرواية فيما يقارب 240 صفحة ترجمتها جيدة جداً .
قراءة في كتاب ( هكذا كانت الوحدة ) لـ خوان خوسيه ميّاس
الوحدة أو السيدة التي تمثل اللا شيء ، لا يهمها شيء ، ولا هي تهم أحد ، فهي لا شيء ، وال لا شيء أحب أن أطلقه دائماً عند الحديث عن اللامبالاة بشكل عام ، فحين لا أبالي بمن حولي ولا أريد أن يهتم أحدٌ بي كإنسان ، هنا يموت الشعور ويموت الإحساس بالآخر ويموت الإحساس بالعواطف البشرية التي كانت إلينا الشخصية الرئيسية في الرواية تحارب لتقتل كل اهتمام بمن حولها ، وتقتل اهتمامهم بها .
الرواية كنسق جميلة وككتلة جميلة لكن لا أظن أن المترجم أعطى الرواية حقها في الترجمة فهي مختزلة بشكل لافت للانتباه ، وأظن أنه قتل الكثير من الجوانب التي تتضمنها الرواية في التفاصيل ولا أعرف ما الاعتبارات التي دفعته لذلك ، لكن الاختصار واضح جداً في هذه النسخة من الترجمة العربية للرواية المتوفرة بكثرة في الإنترنت .
تدور الرواية حول سيدة متزوجة في الأربعينات من العمر تدمن الحشيش وتبدأ بمشهد موت بارد ، تتبعه أحداث أخرى يعتريها البرود وعلاقات جامدة ، الباقي منها خيوط رفيعة ، وتتسلسل الأحداث حتى تقطع البطلة إليينا كل تلك الخيوط وتعيش في عالم من الوحدة تصاحب أفكارها وتخيلاتها وتكتب مذكراتها ، تنعزل في النهاية عن كل أحد له صلة بها ، لكنها تبقى خيطاً رفيعاً لمشاعر الذكريات ، والحب ، فصورة التحري الذي استأجرته لكي يتابع تحركات زوجها الذي كانت متأكدة من خيانته ، تحولت لتكون متابعة لها هي وكأنها تقول أنا محتاجة أن يراني أحد دون أن يلمسني أو يقترب مني ، أحد لا أراه ولا أعرفه يشملني بالرعاية عن بعد ، وهذا ما وصل إليه الأمر مع مكتب التحري الذي كان يجهل من الذي طلب متابعة تلك السيدة .
علاقات أسرية ميتة في الرواية كعلاقة البطلة إليينا بوالدتها التي بدأت الرواية بالحديث عن وفاتها ، وصورة البرود لدى البطلة التي تعود بعد فترة في الرواية لتجسد شخصية والدتها وتتجسد هي تلك الصورة في نواحي كثيرة من حياتها ، ورغم إيمانها بالكثير مما كتبته والدتها في مذكراتها إلى أنها ترى أنها تحولت لقرينة لوالدتها تعرفها لكن لا يجب أن تتواصل معها .
الحشيش ذلك العالم الوهم الذي بدأ يشكل عالم البطلة إليينا ويرسم صورة ، والذي تخلت عنه بعد أن ترسخت تلك الصور في شخصية البطلة وعلاقة الحشيش كعلاقتها بزوجها الذي انتهى فجأة مع آخر سيجارة حشيش دخنوها سوياً وآخر لقاء لهم في الفراش ، وقد رسم هذا المشهد صورة قاتمة لعلاقة الرجل بالمرأة وجرد المرأة من كل مشاعرها الأنثوية ، التي كانت البطلة مؤمنة أن لا وجود لها فهي لم تتحدث كامرأة من بداية الرواية ولم تتحدث بعاطفة في أي ناحية من نواحي حياتها حتى بكائها كان لأمور لا تدخل فيها المشاعر بل الاعتبارات ، وكان المشهد الأخير حين ذكرت أنها نامت مع زوجها ، وفي اليوم التالي تركته ، دون أن تبدي أي سبب وكأنها ترفض أن يخترقها مخلوق آخر أو أن هناك إنساناً يستطيع أن يحتويها ولو للحظات .
تتكرر في الرواية صورة المرأة في أكثر من شخصية فالأم مرسدس والابنة مرسدس والحفيدة مرسدس ، وأليينا البطلة هي القرينة ، صور مكررة ترسمها الرواية ، وكأن كل النساء متشابه ، ويسيرون في النهاية للوحدة والانعزال ، وكأنه أمر طبيعي يجب أن يتم ، بينما تعاطت الرواية مع الرجال بشكل مختلف ، وشخصيات مختلفة ، لم يظهر هذا الأمر بشكل كبير إلا في شخصية الزوج ، وبشكل أقل في شخصية والأخ والمحقق .
النزعة الفردية في الرواية قوية واللامبالاة أيضاً قوية ، وموت المشاعر والإحساس البشري ، ما عدى الخوف ، الذي يخرج من الخيال ، الخوف الذي يطارد الروح والروح المتجسدة في شخصية إليينا روح شبح ، لدرجة أنها كررت في أكثر من موقع في الرواية ، أنها نخاف الخروج ، لأنها تعتقد أنه لن يتعرف عليها أحد ، وفي أحد تلك المشاهد ، تمسح وجود الزوج وتمسح وجود الابنة .
هذه الرواية ترسخ مبدأ اللامبالاة والنزعة الفردية ، وهنا يجب أن نذكر مرحلة ما بعد الحداثة التي يطرحها المفكرون الغربيون ، والصورة التي ستؤول لها الأمور في النهاية لا محالة ، وهنا يجب أن نضع علامة استفهام كبيرة ؟ فتلك الصورة تعني موت الإنسانية وتحول البشر إلى آلات أو مجموعة من المشردين ذهنيا لا صلة لهم ببعض ولا يحتاجون إلى بعض ولا ينتمون لبعض ، صورة تدمر الأسرة وتقتل كل شعور بالانتماء إلى المجتمع أو الهوية أو الدين أو الأسرة .
لا يمكنني أن أحكم على الكاتب فهو كاتب عالمي كما يقولون ولم أقرأ له أي عمل آخر وما قرأت مترجماً للعربية بشكل موجز ، والذي أعرفه أن الرواية حازت جوائز ، والحكم على الترجمة أنها تنقل الصورة كاملة للقارئ أظن أنه صحيح ، فمن واقع قراءاتي أجد نسخاً كاملة ونسخ مختصر في الكثير من الأعمال الروائية العالمية ، لكن لم أجد نسخة أخرى لترجمة هذه الرواية .
أنصح بقراءة الرواية فهي عمل أدبي به عناصر واضحة يمكن تصورها وتخيل شخصياتها ونقدها ، تقع الرواية في 180 صفة مع المقدمة والتعريفات .
مختلفة هذه المجموعة القصصية ، رغم صغرها ولا أعرف لماذا لم تكتب السيدة / بدرية المزيد من القصص ، فالقصص التي طرحتها قصص كانت من واقع الحياة ، وأظن أن لديها أفكاراً أخرى وقصصاً لم تكتبها ، وأنا شخصياً يحزنني أن أجد قلم مميزاً يملك من الإمكانات ما يؤهله لأن يصل إلى أعلى الهرم لكنه يقف عند نقطة محددة ولا يكمل المشوار .
نعم السيدة / بدرية حمد تملك القدرة على رسم المشهد وتحديد إطار للقارئ ليقف على رسائل القصة دون أن يجد تعقيدات أو إيحاءات تخرجه عن السياق ، وكل هذا ضمن جمل سلسة يستوعبها القارئ بسهولة ويستمر ليصل لنهاية المشهد ، ويعيد النظر في المسائل التي مرت في الحياة دون أن يلقي لها بال ، ليعرف تأثير الموقف على الشخص الذي عايشه .
كل قصة في هذا الكتاب تحكي واقعاً وتركز بؤرة ضوء على موضوع وليس بالضرورة أن يكون الموضوع مشكلة أو قضية ، بل ربما يكون تصحيح لوجهة نظر أو قراءة مغايرة للرأي السائد ، وهذا يعطي الكاتب نجمة إضافية على مقدرته الجيدة في تصوير حقبة زمنية ونقلها عبر القصص لتُصل للقارئ الذي عايش تلك المرحلة صور معين ، وترسم صورة ذلك الزمن للجيل الذي أتى بعده .
الجميل في هذه المجموعة القصصية أنها تحكي واقع المرأة بمراحلها المختلفة الطفولة الشباب وما بعد الزواج ، وترسم تلك المشاكل التي يظنها الرجل أنها تافهة ، لتنقل تأثيرها في النساء ، وتصور مدى اتساع الفجوة بين نظرة الرجل ونظرة المرأة لتلك المشاكل ، وتلقي الضوء أيضاً على مشاعر المرأة ومخاوفها ومدى تأثير تلك المشاعر والمخاوف على واقعها .
أعود وأكرر هذه الجملة في كل مقال أضعه لكاتب قطري ، لماذا هذا البخل ، لماذا لا تخرج الأفكار على شكل كتب ، وإن خرجت لماذا تكون قليلة ، فالساحة الأدبية تحتاج كل قلم مبدع أن يعطي أفضل ما عنده ، والساحة متسعة للجميع ، وأنا أناشد السيدة / بدرية حمد ، أن لا تتوقف ، فقد اطلعت لها على أكثر من مقال وهذه المجموعة القصصية ، وكل ما حصل أن قناعتي زادت أنها تملك إبداعاً لم نشاهده بعد .
ما لفت انتباهي أن السيدة / بدرية لم تضع مقدمة لكتابها ، ومن وجهة نظري المقدمة مهمة فهي ترسم للقارئ الأفكار التي اتبعها الكاتب وتوضح له الهدف من الكتاب ، وتعرف القارئ بشخصية الكاتب ، ولا أريد التفصيل في القصص التي قرأتها ، لكني أنصح بشدة بقراءة هذه المجموعة القصصية الممتعة .
قراءة في كتاب .. ( في ظلال جدي ) للكاتبة د.هيا المعضادي ..
كتاب صغير جداً به قصص قصيرة ، ظننت في البداية أني سأعاني حتى أكمله لكن وجدت العكس تماماً ساقني الأسلوب أن أنهيه في جلسة واحدة ، لفت انتباهي قصص البداية التي كتبتها د. هيا المعضادي وهي تروي قصة طفلة تتحدث عن تفاصيل حياتها اليومية ، تتحدث عن الأشخاص الكبار الذين نشاهدهم عظماء ونحن في سن صغير تتحدث عن الأشياء العادية التي كنا ننظر إليها باندهاش وانبهار ونحن صغار ، كأنها تكتب بدايات الحياة البسيطة لتقول لنا انظروا الفرق الهائل بين الماضي والحاضر ، وأظن أن ما كتبته على لسان الطفلة الصغير يمثل شيئاً من واقع حياتها هي في الستينات ، ورسخت به تفاصيل الحياة في ذلك الوقت بعين طفلة .
بعض القصص كانت تجمد موقفاً أو تصف موقفاً واحداً فقط لكنها شيقة تثير الأفكار والتساؤلات ، ولفت انتباهي القصة الأخيرة ( بعيداً عن الديرة ) وهي تتحدث عن أسرة كويتية كانت في ضيافة أسرة قطرية في فترة غزو العراق للكويت ، ولفت انتباهي أنها لم تذكر اسم أي دولة ، ولا اسم أي رئيس ، ثم اكتشفت أني أركز على الشخصية الرئيسية في القصة ( لولوة ) فكل شيء يقودك أن تتبع تلك الشخصية .
يمكنها أن تكتب أكثر أو لماذا لم تكتب أكثر ؟ هذا بالضبط ما خطر في بالي عندما انتهيت من قراءة المجموعة القصصية فالأسلوب الذي تكتب به د.هيا المعضادي أسلوب شيق وممتع لم اطلع على إصدارات أخرى لها لمني أتمنى أن لا يكون هذا هو الإصدار الأول والأخير .
كتاب جيد ، هو عبارة عن قصص أرسلها القراء لمحرر في إحدى الصحف ، تتناول مشاكل شخصية كلها تتمحور حول العلاقات الأسرية والعلاقات المحرمة ، وانحرافات البعض ، سلوكياً وأخلاقيا ، ويذيل المحرر القصة ببعض النصائح ويستقبل بعض الردود المتفاعلة مع تلك القصة التي نشرت .
يعتبر الكتاب للعبرة أكثر منه للمعرفة ، لأنه تدخل فيه الكثير من الأمور الشخصية والدوافع الفردية التي يحيكها أصحابها ربما للتخلص من تأنيب الضمير أو الاعتراف بأخطائهم خلف أسماء مستعارة أو لمعرفتهم السابقة بأن أحداً لن يعرف من هو صاحب القصة الحقيقي .
أنا شخصياً لا أحب هذا النوع من الكتب ، مع أني استمتع أحياناً ببعض القصص التي أجدها وأنظر لبعض القصص أنها مفبركة لتكمل الشكل العام للكتاب ، ولا أدعي هذه النظرة السلبية من قراءتي لهذا الكتاب لكني أشك في بعض القصص أنها حصلت بالشكل التي رواها كاتبها .
يقع الكتاب في 207 صفحات من الحجم الصغير ، الكتاب شيق في بعض جوانبه ، ومؤلم في جوانب أخرى ، وهو ممتع لمن يحب هذه النوعية من الكتب .
قراءة في كتاب ( رواية الشيطان والآنسة بريم ) لـ باولو كويلو ..
الشيطان والآنسة برايم ، أو الشيطان هو الآنسة بريم ، أو شخصية الشيطان تنتقل من شخص لآخر لتضع ملامح الإنسان وأمانيه وخيالاته ، انتصرت الآنسة بريم على الشيطان ، لتكون شيطاناً بملامح أخرى وأفكار أخرى ، لتصبح شيطاناً يستطيع أن يستغل الشيطان الذي كان يهدده ، ويبتزه نفسياً .
تحمل الرواية الكثير من المشاعر ، والتناقضات النفسية ، وهذه شيء جسد بشكل جيد ليمثل النفس البشرية التي تتقلب في الأفكار بين الشر والخير بين الرغبة والطموح ، وبين ما تريده هي وما يريده الجميع ، والطمع في ما هو للجميع ، والأفكار التي تتسلسل ، لتصل بصاحبها لهدفه ، وإن كان هدفها نبيلاً يحمي المجتمع ، لكنها لا تخلو من أطماع النفس البشرية التي تريد أن تستحوذ على القيمة دون الجميع .
هو الشيطان يغزل مكائده حول البشر ليرتكبو الجرائم والمعاصي برغبة ، وطمع ، هو الشيطان الذي ، يكسر الصور النمطية ويقلب المجتمع ليتصارع مع ذاته ، فيدمرها ، فالشيطان على شكل بشر ، والإنسان يسير بعقل شيطان ، والرغبات والأطماع ، يمكنها أن تدمر الأشياء الجميلة ، وتكسر الهدوء لتأتي بالصخب والضجيج ، والدماء .
الرواية تجسد كل تلك المشاعر في صراع بين الآنسة بريم والشيطان الذي يمثله الشخص الغريب ، المجهول ، وبين صراعات الآنسة بريم مع نفسها وعقلها ، ومجتمعها ، مع رغبتها في المال ، وخوفها على المجتمع ، والصراع في المجتمع ، والعقل المسير نحو الطمع ، الذي يلغي كل الاعتبارات من أجل المال ، ثم تأتي الأفكار البسيطة لتكسر تلك الصورة وينتصر العقل والأفكار السليمة ، على كل الأفكار الخبيثة ، تأتي الآنسة بريم في صورة ملاك ، لكن ذلك الملاك يستحوذ على الثروة ويدع المجتمع في صورته النمطية العتيقة .
الرواية ممتعة ، وبها الكثير من العبر وتجسد النفس البشرية وصراعاتها ، رواية صغيرة لكنها مفيدة أنصح بقراءتها .
قراءة في كتاب ( دراسة استشراقية في المذهب الإباضي ) للكاتب جون كرافن ولنكنسون .
كتاب أو لنقل أنه يجمع بين الكتاب المفيد والمرجع، وهو يتطرق للفكر الإباضي منذ البداية وحتى نهاية حكم الأئمة ثم يسرد التاريخ للقرن الثاني عشر، يقع الكتاب في ما يقارب الستمائة صفحة مقسم لعدة أقسام حسب مراحل تطور الفكر الإباضي وحتى تحوله لمذهب، لا يطرح الكاتب فكر الخلاف مع المذاهب الأخرى من منظور ما هو الصحيح وما هو الخاطئ، بل يطرح تلك الأفكار ويناقشها من خلال الجدل الذي يقع بين الأئمة والمفكرين في الإباضية ، ووجهة النظر الراجحة، وتبني الفكرة النهائية، وهذا دليل على حرفية الكاتب حيث إنه لم يخرج من الإطار العام لأبحاثه التي حددها في الفكر الإباضي بكل أفكاره ومراحله .
يتناول الكاتب الأنساب بشكل مكثف في بداية الكتاب، ويركز على أشخاص معينين ثار حولهم الكثير من اللغط والكثير من الجدل، فيضع بعضهم في الواقع كشخصيات كانت موجودة ومؤثرة، وينفي بعضهم للخيال أو الأسطورة، وهذا أمر واقع للكثير من الشخصيات في بداية تكون الدولة الإسلامية، حيث لم يكن التوثيق معتمداً بشكل كبير إلا للكتاب ( القرآن ) والسنة النبوية، وكذلك كثرة الفِرق التي كانت تعمل في الخفاء وكانت تنقل تعاليمها ومعلوماتها بشكل شفهي دون ترك أي مستند يدينها ، لتتجنب الملاحقة .
يُرجع الكاتب الفكر الإباضي بشكل عام للعمانيين ، من الأزد وكنده ويتحدث عن هجرتهم مع الفتوحات الإسلامية وبالتالي نشاطهم في البصرة وأبعد منها في أقاليم مثل خراسان وكيف انتقل ذلك الفكر للحاضنة الرئيسية عمان، وكيف تطورت ونشأة الإمامة هناك، ويُفصل في طريقة اختيار الإمام ، ثم ينتقل إلى تاريخ الأئمة، وتبلور الفكر الإباضي في زمنهم، والصعوبات التي واجهتها الدولة، والأزمات كذلك، ويشرح كثيراً كيف كانت إدارة الدولة، والأحكام الشرعية في إدارتها، وتطرق لقانون البحار لأن الدولة العمانية كان لها نشاط قوي في هذا المجال ولم يكن هناك الكثير من الأحكام في هذا الجانب لدى المذاهب الأخرى، كما تطرق لأنظمة الري والزراعة والتجارة ، والكثير من الجوانب .
الكتاب بشكل عام ذا قيمة معلوماتية عالية ، لكن لا أظنه هو الوحيد الذي يمكنه أن يرسم الصورة كاملة عن الفكر الإباضي ، ولو أردنا أن نراجع ذلك الفكر يجب أن ننظر إلى ثلاثة جوانب مهمة ،
1 – ما كتب من الإباضية أنفسهم .
2 – ما كتب في نقد الفكر الإباضي .
3 – ما كتبه المستشرقون في هذا الجانب .
هذه الصورة التي تكونت لديّ بسبب أن الكاتب كان يركز في مراجعة على كلام المستشرقين بشكل كبير ورغم أنه يرجع لبعض المراجع العمانية إلا أنه ينظر لما كُتب من المستشرقين أولا ثم يعود لما كُتب في المراجع العمانية، أو ما وجده لدى المؤرخين العرب، ولا أخالفه الرأي في أن الكثير من المراجع العربي التي تؤرخ لتاريخ الدول تتأثر بسلطان الحاكم، وتتلون حسبما يريد .
هذا الكتاب جعلني أنظر إلى الفكر الإباضي بشكل أوضح، وبسببه عرفت جوانب لم أكن مطلعاً عليها سابقا، كما أنه صحح لديّ بعض المفاهيم التي كنت أعتقد أنها صحيحة، ولذلك أنصح بقراءة الكتاب وأنا متأكد أنه لن يعجب الكثيرين لأنه يحتاج إلى تركيز كبير جداً لكي نجمع الخطوط المتوازية التي يرسمها الكاتب في بداية كتابه وبالتحديد في مسألة الأنساب والشخصيات التي يلفها الكثير من الغموض .
قراءة في كتاب رواية ( أحلام ممنوعة ) لنور عبدالمجيد
حين اقتنيت الرواية لم أتصور أني سأكون أسيرها ، ولم أتصور أنها ستترك في نفسي كمية تساؤلات لا تنتهي ، ولم أتصور أن أجد قلما يعيد إلى مخيلتي الأحياء الشعبية في القاهرة .
هي أحلام ممنوعة ، وأفكار ممنوعة ، ومشاعر ممنوعة ، وحياة ربما تكون ممنوعة ، فالممنوعات كثيرة في الفقر ، والمحرمات كذلك ، رغم أن الفقير ربما يعتبر أسمى في جوانب كثيرة ، وببساطة لم تشوهه الأموال ، ولم تسيطر عليه بعد ، فالجوع أكبر بكثير .
تتناول الرواية قصة عائلة ، بكل تشعباتها ، ثم تتشعب أكثر وتنتقل إلى محيط تلك العائلة ، ثم تتقوقع من جديد ، وتتقلص وتعود لتلك العائلة ، في انتقال جميل ومشوق بين مراحل الرواية المؤلمة ، وبين نبضات الأمل الكثيرة ، التي لا تتحقق ، وبين الأمنيات ، والأحلام ، وبين الواقع الذي يدمرها دون رحمة .
العاطفة في الرواية قوية جداً لدرجة أنك تشعر أن تلمس تلك المشاعر العنيفة ، وكذلك الألم الذي يعتصر القلب ارتسم في ثنايا الرواية ، حين تتابع السطور في وصف مشهد مؤلم ، أو محبط أو صادم أو حزين ، لتثير التساؤلات ، لماذا لا يتغير شيء ، لماذا لا تنفرج الأمور .
وتأتي الإجابة في المشهد الكبير ، للثورة المصرية ، لترسم الراوية وتلخص ما تريد أن تقوله ، إن كل ما هو موجود من إحباط وألم وفشل ، هو مفتعل ، ليبقى الشعب تحت رحمة أشخاص معينين ، يكرسون سلطتهم ، ويتحكمون في كل شيء ، ثم تصهر الكاتبة كل شخصيات الرواية في الثورة ، لترسم تلاقي القلوب من أجل الوطن ، وترسم وحدة الهدف للجميع .
الرواية رائعة ، ممتعة , بل إن فيها شيئاً من الخمر ، فتستزيد وتستزيد ، حتى تنتهي الرواية ، ورغم أن الكثير من المشاهد لم تضع لها الكاتبة نهايات ، إلا أني أظن أن مشاعر الحب التي رسمتها في الصفحات الأخيرة ، تجسد ما كانت عليه مشاعر المصريين .
وكأنها كانت ثورة ، وكأن شعب مصر قد ثار ، وتمرد على النظام القائم منذ ثلاثين سنة ، وحطم القيود التي كانت تكبله ، وتقيده ، وتمرد على الظلم والهوان ، وفك القيود للأبد ، رواية جمهورية كأن ، شيقة ، ممتعة ، فصياغتها جميلة ، وشخصيات الرواية واضحة الملامح ، وأضحى الأهداف ، تسير الشخصيات بخطوط متوازية تتصادم ولا تتلاقى ، ينقطع بعضها ، ويسير بعضها وكأنه للأبد ، بشكل متصل ودائم ، وترتسم الصورة التي نجدها في الواقع ، نشك أنه كانت هناك ثورة ، فكل شيء عاد إلى نقطة الصفر ، أو تحت الصفر .
محور الرواية الرئيسي ، هو الثورة ، لكن المحور المكتوب بين السطور في الرواية ، هو القبضة الأمنية الحديدية التي تسيطر على مصر ، وتتحكم في مفاصل الدولة ، ربما تختفي تلك القبضة قليلا ، لكنها لا تتلاشى بل تعمل في الخفاء ، لتعاود الظهور من جديد ، بشكل أقوى ، وأعنف ، وأشرس .
شخصيات الرواية تمثل القطاعات المهمة التي وُجدت وقت الثورة ، الأمن ، ولم يحدد الكاتب أهو الجيش أم الشرطة ، فنجد أنه يتحدث عن الاعترافات لتفكر في الداخلية ، ثم يتحدث عن خطة لإجهاض الثورة والسيطرة عليها ، فتعود لتفكر في الجيش ، ثم يتحدث عن الإعلام ، وقد أبدع في هذا الجانب ، رغم أنه كان يجب أن يتناول الإعلام في أكثر من شخصية ، ثم التائهون في الأرض ، اليساريين والشيوعيين ، الذين ثاروا في القديم ، ثم استسلموا للواقع الجديد ، وركبوا جواد السلطة والمال ، وفي النهاية ، الثوار الجدد ، الشباب ، وما قدموا من تضحيات .
تنتقل الرواية من مرحلة النصر للثوار ، والشعور بالفخر ، ثم الإحباط ، والهرب من الواقع بمغادرة مصر ، أو الاستسلام للواقع وتقبل السجن ، أو التصفية ، وهذا هو ما خلصت له الثورة المصرية المجيدة التي حدثت في 2011 ، فقد تعمد الجهاز الأمني في مصر ، أن يكرس الشعور القوي بالإحباط لدى الشباب بالذات لكي لا يفكروا مجدداً في الثورة .
يوجد نقطة أثارت حفيظتي ، فكلنا نقر أن من ثار هم الشباب الذين لم تلوثهم السياسة ، ولم يتحزبوا ، لكن لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يلغي الكاتب الإسلام في المجتمع المصري ، أو أن يلبسه فقط ثوب الخيانة والمؤامرة ، ولو كان يريد أن يبعد النظرة الدينية عن المشهد ، لما جسد لنا شخصية المسيحي المنخرط في الثورة ، كما أنه جسد المسيحين بواقعهم السلبي والإيجابي ، لكنه كرس صورة المسلم في ثوب الخيانة .
لا يهم كل هذا فالرواية تشكل عمل أدبي يستحق التقدير ، عمل ممتع في مضمونه ـ أحيا في نفسي الكثير من المشاهد التي رأيتها في تلك الفترة ، المشاهد التي صرخنا فيها مع الشعب المصري ، والتي صرخنا فيها من أجل الشعب المصري ، وعشنا معهم مرحلة الإحباط المريرة التي لا تريد أن تنتهي حتى الآن .
الخصوصية والكوكيز: يستخدم هذا الموقع الكوكيز. تعني متابعة استخدام موقع الويب هذا أنك توافق على استخدامها. لمعرفة المزيد، بما في ذلك كيفية التحكم في الكوكيز – شاهد هنا: سياسة الكوكي.