
لن أتحدث عن بداية الرواية، بل سأتحدث من الفصل السادس عن ليلى فهي التي يبدها كل الخيوط وهي التي تتحكم فيها ربما يختلف معي صاحب الرواية لكن ليلى هي التي تحكي تلك القصص وتلك الأحجيات الغرائبية عن عالم منسوخ من عقول الكثيرين الذي لم يعرفوا واقع عمان وما مر من تاريخها.
محمد اليحيائي الماضي البعيد والحاضر المأمول، والماضي القريب والحيرة، الداخل والخارج وصدام العقل العماني الذي لا ينتهي ولا ينسلخ عن ماضيه سوءً القريب أو البعيد وانتماؤه الضارب في أعماق عمان فمهما سافر وتنكر تبقى في أعماقه تستدعيه حين تشاء فيعود بكل ما يحمل من آمال ليرى أحلامه الميتة على واقع صنع بشكل لا يتصوره.
ينقلنا اليحيائي لعالم متشظِ من الداخل والخارج ليرينا كيف ننظر إلى عمان من الجهتين لنرسم صورة ثلاثية الأبعاد بوجود الإنسان العماني الذي رسم البعد الثالث في حكاية أرضه ليشاهد وجهه في مرآة الحياة ويحدثها يصدمها وتصدمه، يخدعها وتخدعه وكأن كل طرف يصدر للآخر صورة يريدها بين أن تكون فاعلاً في الحياة أو أن تنكفئ على نفسك في محيط ضيق.
الكثير من الشخصيات في الرواية والهدف واحد والتصورات كثيرة تتأرجح بين القناعة بالواقع وبين التمرد عليه، وفي أحسن الحالات الصمت وابتلاع الآراء وطمس الأفكار في رفوف الذاكرة لكيلا تنتحر في واقع لا يشارك فيه أحد، عقل واحد وفأسٌ واحدة وأحلام تنتحر على الطرقات.
لا تكتفي هذه الرواية من خلق الأفكار المتمرة والهادئة، وجهتا النظر التي يعيشها المجتمع كأي مجتمع خليجي يدعي أن الحياة تسير والأمور تتحسن والكل راضٍ، بينما في الضفة الأخرى تقف العقول المتمردة عاجزة أن تخرج أفكارها وتطلعاتها، بل حتى أحلامها، فخلف الأحلام تقف العساكر لتحبسها في قمقم التمرد والمعارضة.
ربما أجد مجالاً لأنتقد الرواية في تشظيها وكثرة شخصياتها لكني أجد مبرراً لتلك الشخصيات أما التشظي فعلاجه الوحيد إعادة قراءة الرواية مرة أخرى لكي تجتمع الصورة كاملة في عقل القارئ.
تقع الرواية في في 204 من الصفحات من القطع المتوسط أنصح بقراءتها بتمهل وتركيز فخلف كل شخصية تقف قضية وحياة.