تضارب مشاعر

غريبة تلك المشاعر حين تتضارب بسبب الخوف، وقد جرب أغلبنا ذلك الشعور، حين نقف في نقطة معينة ننتظر خبراً إما أن يكون ساراً أو أن يكون تعيساً، مثل انتظار نتيجة الامتحان، أمل في النجاح وخوف من الرسوب، أو أن تنتظر نتيجة تحاليل طبية، بين الإصابة بمرض أو عدم الإصابة، شعور يستطيع أن ينزعك من كل ما هو حولك، يستطيع أن يتحدث داخلك ويسيطر عليك ويلغي كل اهتماماتك.

الأمل هو الحياة، الخوف هو الانتظار الصعب لشيء أصعب تتوقعه، ربما يكون مقياس النجاح والرسوب هو الأقرب لكي أصف هذه النقطة، رغم اجتهاد البعض وترقبه لنتيجة جيدة إلا أن هناك مستوى من الفشل يحذره ويخاف منه، كذلك الفاشل لديه أمل في النجاح أو قدراً منه وإن كان متأكداً من الفشل.

المسائل معقدة حين تتعلق بالنفس البشرية، أستطيع أن أضع تصوراً وأنت تستطيع أن تضع تصوراً لنفس المسألة دون أن نتفق، كل واحد منا يعبر عن وصف حالته في تلك النقطة التي عايشها.

حديث الجنون ..

عندما تشعر أن كل ما حولك عبارة عن كذبة لا تريد أن تنتهي، حين تنتهي ستكتشف أن الحقيقة هي الصمت، وأن الصمت قد غزا كل شيء حولك، كساه بتلك الطبقة التي تعبر عنه في السكون، فتنثر الغبار فوق كل شيء صامت وتكتشف أن الغبار قل كساك ككل تلك القطع من الأثاث التي لم يزرها أحد من أمدٍ طويل، تشعر برهبتها تتسلل إليك ، شعور الخوف الذي يخلقه الصمت في المكان، تكتشف أنك لم تكن موجوداً في تلك الأماكن التي كنت تظن نفسك موجوداً فيها .

تلك الأماكن التي كنت تشعر فيها بالدفء، الحب، الشجن، لم تكن موجوداً فيها من الأساس، وأن الغبار قد كساك أنت أيضاً، فتحولت لقطعة باردة ، يعلوها الغبار ، ولا يريد أن يقترب منها أحد .

حديث المرايا ..

أصبحت أحلم المرآة كثيرا، أرى المرآة أمامي، وأنا فيها مختلف، لست أنا، ليست ملامحي، كأن الشخص الذي يجلس خلف المرآة سجن منذ زمنٍ طويل وحرم من الكلام، حرم من النظر، يقول لي، أنا، هو أنت، لا توهم نفسك بأنك مختلف، فأنت تقبع في الجهة الأخرى من المرآة، وأنا أشاهدك كما تشاهدني.

أحقاً للمرآة وجهان، يسكنها في كل اتجاه شخص، ينظر كلاهما للآخر دون أن يتحدثوا، ويعكس كل منهما صورة الآخر، لكني لم أشاهد شبيهي في المرآة، بل إني شاهدت روحه، هي تشبهني، بعكس ملامحه، ذلك الشخص، هو أنا من الداخل، أصبحت لا أعرف من المسجون خلف تلك المرآة التي أحلم بها، هل هو أنا أم هو شخص آخر، أم كلانا مسجون في طرف

حديث النفوس ..

أين هو الحب ، ذلك العالم الجميل ، ذلك العالم الذي تشعر فيه بتألق الأشياء ، وذلك البريق والجنون والشجن ، أجلس هنا أرى تلك الأشياء التي كانت متألقة، كساها الغبار، البريق خفت، والجنون قد صمت، ومات الشجن، ساد الصمت منذ شهور، كنت أراجع الصمت وأنا أعيشه وحدي ويعيشني وحده، الصمت وأنا والاشياء الصغيرة، أشيائي التي كنت أحتفظ بها في نفسي، ذبلت، ماتت، لا أدري؟ لكنها لا تبرق ولا ترقص ولا تثور ولا تنطق .

الغبار في كل مكان، كساني الغبار، ولوث اشيائي الجميلة، ألقى عليها طلاسمه المظلمة فخلدت لنوم عميق لا تفيق منه أبداً .