قراءة في كتاب “رسالة في اللاهوت والسياسة” لـ سبينوزا الفصل الثاني عشر والثالث عشر

كل ما يأتي في هذه المقال مستند لشرط سبينوزا في البحث “تفسير الكتاب المقدس بالكتاب المقدس” ولم يلجأ إلى كتاب غيره لذا وجب التنبيه أن كل ما يرد لا يعني أي شيء آخر غير ذلك.

الفصل الثاني عشر

في الميثاق الحقيقي للشريعة الإلهية وفي سبب تسمية الكتاب مقدساً ووصفه بأنه كلام الله، وفي أن الكتاب بقدر ما يتضمن كلام الله، قد وصل إلينا دون تحريف

يقول سبينوزا: أن نصوص الأنبياء والحوريين تشهد بأن كلام الله الأبدي وعهده والدين الحق مسطور على نحو إلهي في قلب الإنسان أي في الفكر الإنساني، وهذا هو العهد الحقيقي الذي طبعه الله بخاتمه في فكر الإنسان، ويتوقع أن ينتقد لقوله إن كلام الله محرف ومزيف ومنقوص من قبل الذي يجزمون بأن التوراة كما هي لم تتغير ولم تحرف.

يطلق اسم (مقدس وإلهي) على كل ما يؤدي إلى التقوى والدين ولا يضل الشيء مقدساً إلا إذا استمر الناس في استخدامه بشكل ديني فإذا لم يعد البشر أتقياء ضاعت قدسية ما كان مقدساً من قبل، ولا يكون الكتاب مقدساً ولا تكون نصوصه إلهية إلا بقد ما يحض الناس على التقوى، فإن تخلوا كلياً عن التقوى، كما تخلى عنها اليهود من قبل أصبح حبراً على ورق أو ضاعت قدسيته وأصبح معرضاً للضياع والتحريف.

يستشهد سبينوزا بقصة موسى: (عندما حطم الألواح الأولى للتوراة لم يقذف كلام الله مطلقاً ولم يحطمه بيده غضباً، بل إن ما قذفه لم يكن إلا حجراً، أعني أحجاراً كانت مقدسة من قبل، لأن العهد الذي قطعه اليهود على أنفسهم، كان مكتوباً عليها، ولكن بعد أن عبد اليهود العجل ومن ثم نقضوا عهد الله، أصبحت هذه الأحجار خلوا من كل قدسية، ولنفس السبب ضاعت الأحجار الثانية من التابوت، ولنفس السبب ضاعت مخطوطات موسى الأصلية).

أسباب تسمية الكتاب كلام الله:

  1. لأنه يعلم الدين الصحيح الذي وضعه الله أزلياً.
  2. لأنه يتنبأ في صورة روايات بالمستقبل بقد ما قضى به الأمر الإلهي.
  3. لأن مؤلفيه الحقيقيين يدعون إلى ما وصلوا إليه بنور خاص بهم لا بالنور الفطري وجعلوا الله نفسه هو الذي يتحدث.

أسباب ضياع الأسفار وتحريفها:

  1. لم تُدون أسفار العهد القديم والجديد بتفويض خاص في عصر واحد، يسري على كل الأزمان.
  2. تختلف معرفة الكتاب وفكر الأنبياء عن فهم فكر الله أي الحقيقة.
  3. تم اختيار أسفار العهد القديم من بين أسفار كثيرة أخرى ثم جمعت وأقرها مجلس الفريسين، وكذلك قبلت أسفار العهد الجديد ضمن المجموعة المقننة بقرار بعض المجالس الكنسية التي رفضت أسفاراً أخرى بوصفها منعدمة القيمة.
  4. لم يكتب الحواريون بوصفهم أنبياء، بل بوصفهم فقهاء لذا اختاروا أسهل الطرق وتحدثوا لتلاميذهم في أمور كثيرة يمكن الاستغناء عنها.
  5. هناك أربعة أناجيل في العهد القديم ومن منا يستطيع أن يعتقد أن الله أراد أن يقص سيرة المسيح وأن يبلغه للبشر أربع مرات.

الفصل الثالث عشر:

وفيه نبين أن الكتاب لا يحتوي إلا على تعاليم يسيرة للغاية ولا يحث إلا على الطاعة، وتقتصر عقيدته في الطبيعة الإلهية على ما يمكن اتخاذه قاعدة عملية في حياة الناس اليومية.

الحواريون عرضوا عقيدة الإنجيل في الكنائس جعل الكتاب مجموعة من الحقائق اليسيرة للغاية تدركها أكثر الذهان خمولاً، ولم يكن ما عرضوه مجموعة من التأملات والنظريات الفلسفية، ويعرب سبينوزا عن دهشته من الذين يرون في الكتاب أسرار بلغت في العمق حداً لا يمكن معه شرحها بأي لغة، والذين أقحموا في الدين من التأملات الفلسفية ما جعل الكنيسة تتحول إلى أكاديمية.

  • المعرفة العقلية أي المعرفة الصحيحة لله ليست كالطاعة هبة لكل المؤمنين.
  • المعرفة الوحيدة التي طلبها الله من كل الناس بلا استثناء على لسان الأنبياء والتي لا يمك إعفاء أحد منها هي معرفة العدالة الإلهية والإحسان الإلهي.
  • العبرانيون القدماء لم يعرفوا أية صفة لله تدل على ماهيته المطلقة، ولم يعرفوا إلا آثاره ووعوده، أي أنهم عرفوا مظاهر القدرة الإلهية من خلال الأشياء الحسية.
  • لا يمكن لأي أمر أن يجبر الناس على معرفة صفات الله وأن هذه المعرفة هبة خاصة لعدد قليل من المؤمنين.
  • إن النساء والرجال والأطفال لديهم نفس القدرة على إطاعة الأمر، ولكن ليس على ممارسة الحكمة.

بقلم

أفاتار غير معروف

كتابات

انسان بسيط له رأي

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.