
إن للموت هيبة، فتجد الإنسان يقف عند الموت موقف العاجز فلا حركة بعده ولا قضاء يعلوا عليه، وإنه يضع الرعب في القلوب قبل وصوله، والاستسلام حين يحل، فلا شيء يقف في طريقه، والكل يجمع على ذلك، لذا فهو الأمر الأخير في شأن كل إنسان، موقن بحدوثه، ولا يستطيع أن يمنعه.
الموت شأنٌ عجيب، لا نعرف له سبب يقيني، يصيبنا المرض، أو نموت في حادث سيارة، وأحياناً ننتظر وفاة رجل كبير يعاني المرض، فيموت ابنه الصغير في فراشه دون مقدمات، نسير لا نتوقع الموت ولا يتوقعه لنا أحد، لكننا نسير لذلك القضاء المحتوم، تصدق توقعاتنا في الموت او تخطئ، جميع الاحتمالات واردة لا يستطيع أحد أن ينكر شيئاً منها.
الموت هو نهاية، وبدايته هي الحياة، فما وجد من عدم، يعود إلى العدم، وكل شيء يخلق ينتهي لا محالة، ولا يحمل الإنسان استثناء من ذلك، بل مهمته تنحصر في تحسين الحياة، التي ستصل إلى بالموت، ولو عرف الإنسان متى يموت، لما عمل لذلك ولا أجتهد، فحين يكون الموت غيباً، يترك مساحة الأمل قائمة، لا ينهيها، فيكون الأمل بالحياة هو الدافع للاستمرار.
الموت ربما مرحلة نهاية، ربما ، وربما ، وربما ، قالوا عنه كل شيء، ولم يقولوا عنه شيء، هو رحلة، هو نهاية الرحلة، وقالوا هو بداية لرحلة جديدة، و هو الذهاب للعدم، ولا حياة بعد الموت، والحياة الحقيقية بعد الموت ، وقالوا ، وقالوا ، وقالوا ، والناس في هذا مذاهب، وكل ديانة، تفسر الموت بطريقتها، لكنهم جميعاً متفقون على شيء واحد، أن الموت سيقع لا محالة، فالجميع يسلم بحقيقة الموت، مهما اختلفت المذاهب في الخلق أو النشوء والتطور، أو غيرها، يبقى الموت الحقيقة التي يسلم بها الجميع دون جدل، فيختلفون عما كان قبله، وما سيحدث بعده، ويتفقون أن الموت حقيقة واجبة الحدوث.
قال تعال: ((نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ))