قراءة في كتاب ( دراسة استشراقية في المذهب الإباضي ) للكاتب جون كرافن ولنكنسون .

Bn_T8teIUAAtk1Y

 

 

قراءة في كتاب ( دراسة استشراقية في المذهب الإباضي ) للكاتب جون كرافن ولنكنسون .

كتاب أو لنقل أنه يجمع بين الكتاب المفيد والمرجع، وهو يتطرق للفكر الإباضي منذ البداية وحتى نهاية حكم الأئمة ثم يسرد التاريخ للقرن الثاني عشر، يقع الكتاب في ما يقارب الستمائة صفحة مقسم لعدة أقسام حسب مراحل تطور الفكر الإباضي وحتى تحوله لمذهب، لا يطرح الكاتب فكر الخلاف مع المذاهب الأخرى من منظور ما هو الصحيح وما هو الخاطئ، بل يطرح تلك الأفكار ويناقشها من خلال الجدل الذي يقع بين الأئمة والمفكرين في الإباضية ، ووجهة النظر الراجحة، وتبني الفكرة النهائية، وهذا دليل على حرفية الكاتب حيث إنه لم يخرج من الإطار العام لأبحاثه التي حددها في الفكر الإباضي بكل أفكاره ومراحله .

يتناول الكاتب الأنساب بشكل مكثف في بداية الكتاب، ويركز على أشخاص معينين ثار حولهم الكثير من اللغط والكثير من الجدل، فيضع بعضهم في الواقع كشخصيات كانت موجودة ومؤثرة، وينفي بعضهم للخيال أو الأسطورة، وهذا أمر واقع للكثير من الشخصيات في بداية تكون الدولة الإسلامية، حيث لم يكن التوثيق معتمداً بشكل كبير إلا للكتاب ( القرآن ) والسنة النبوية، وكذلك كثرة الفِرق التي كانت تعمل في الخفاء وكانت تنقل تعاليمها ومعلوماتها بشكل شفهي دون ترك أي مستند يدينها ، لتتجنب الملاحقة .

يُرجع الكاتب الفكر الإباضي بشكل عام للعمانيين ، من الأزد وكنده ويتحدث عن هجرتهم مع الفتوحات الإسلامية وبالتالي نشاطهم في البصرة وأبعد منها في أقاليم مثل خراسان وكيف انتقل ذلك الفكر للحاضنة الرئيسية عمان، وكيف تطورت ونشأة الإمامة هناك، ويُفصل في طريقة اختيار الإمام ، ثم ينتقل إلى تاريخ الأئمة، وتبلور الفكر الإباضي في زمنهم، والصعوبات التي واجهتها الدولة، والأزمات كذلك، ويشرح كثيراً كيف كانت إدارة الدولة، والأحكام الشرعية في إدارتها، وتطرق لقانون البحار لأن الدولة العمانية كان لها نشاط قوي في هذا المجال ولم يكن هناك الكثير من الأحكام في هذا الجانب لدى المذاهب الأخرى، كما تطرق لأنظمة الري والزراعة والتجارة ، والكثير من الجوانب .

الكتاب بشكل عام ذا قيمة معلوماتية عالية ، لكن لا أظنه هو الوحيد الذي يمكنه أن يرسم الصورة كاملة عن الفكر الإباضي ، ولو أردنا أن نراجع ذلك الفكر يجب أن ننظر إلى ثلاثة جوانب مهمة ،

1 – ما كتب من الإباضية أنفسهم .

2 – ما كتب في نقد الفكر الإباضي .

3 – ما كتبه المستشرقون في هذا الجانب .

هذه الصورة التي تكونت لديّ بسبب أن الكاتب كان يركز في مراجعة على كلام المستشرقين بشكل كبير ورغم أنه يرجع لبعض المراجع العمانية إلا أنه ينظر لما كُتب من المستشرقين أولا ثم يعود لما كُتب في المراجع العمانية، أو ما وجده لدى المؤرخين العرب، ولا أخالفه الرأي في أن الكثير من المراجع العربي التي تؤرخ لتاريخ الدول تتأثر بسلطان الحاكم، وتتلون حسبما يريد .

هذا الكتاب جعلني أنظر إلى الفكر الإباضي بشكل أوضح، وبسببه عرفت جوانب لم أكن مطلعاً عليها سابقا، كما أنه صحح لديّ بعض المفاهيم التي كنت أعتقد أنها صحيحة، ولذلك أنصح بقراءة الكتاب وأنا متأكد أنه لن يعجب الكثيرين لأنه يحتاج إلى تركيز كبير جداً لكي نجمع الخطوط المتوازية التي يرسمها الكاتب في بداية كتابه وبالتحديد في مسألة الأنساب والشخصيات التي يلفها الكثير من الغموض .

بقلم

أفاتار غير معروف

كتابات

انسان بسيط له رأي

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.