أنهيت قراءة كتاب “موت الناقد لـ رونان ماكدونالد” منذ فترة طويلة وكتبت هذه السطور لكني لم انشرها سابقاً، ولن أعلق كثيراً فمادة الكتاب جيدة بها الكثير من المحاور المهمة التي سيستفيد منها من يقرأه، يتناول نظريات عدة منها نظرية موت الناقد عبر مراحل مختلفة من خلال كُتاب ونُقاد وأكاديميين بين ضفتي الأطلسي، إنجلترا والولايات المتحدة، وينقل الكثير من الآراء لكل مرحلة مر بها الأدب والجمال والثقافة منذ بداية القرن الماضي حتى نهايته، يتعاطى مع النقد بشكل موضوعي في الكثير من المواقع، إلا أنه عاد في نهاية الكتاب لينصب الناقد إله للأدب واللغة والجمال.
نقد تقويمي نقد تحليلي نقد فني إلخ.. ما لم يتطرق له الكاتب هو تعالي النقاد وبيع أقلامهم ومحاباة الأسماء الكبيرة التي يخشون المساس بها، وهذا الأسباب أثرت أكثر من غيرها، والتي دعت المجتمعات الثقافية والأكاديمية والشعبية لقتل الناقد كصورة من صور الانتقام “من وجهة نظري، لا أرفض منظومة النقد التي تدعو للارتقاء بالعمل الأدبي لكني اقبل أن ينصب الكاتب نفسه إلهاً في الرواية، فيخلق ما يريد ويقتل من يريد ويفعل ما يشاء لكي يعطي العمل قيمة إضافية، يصنع الأحداث ويكرس المشاعر، ويركز النظر على نقاط يريدها أن تصل للمتلقي من خلال مقدرته الإلهية المتواصلة في العمل وجهده، وحين يتأله الناقد يتعامل مع المخرجات الأدبية تعامل الأب المسيطر والإله لحاكم.
حين ينصب الكاتب نفسه إلهاً يُمكنه ذلك من الوصول لهدفه، وحين ينصب الناقد نفسه إلهاً يخسف بكل ما يراه غير مناسب من منظوره الشخصي، ويغفل أن العمل الأدبي مر بمراحل، واحتاج إلى مجهود وعمل طويل متواصل لكي يخرج إلى النور، بينما يضع الناقد نقده في جلسة في مقهى لا تتجاوز الساعة، ليموت الناقد أو يعيش لا يهم، المهم أن تُراجع المهام النقدية كما تراجع الأعمال الأدبية، وأن توضع لها معايير كما وضع للأدب معايير وشروط.
“الناقد كما الأستاذ يوجه والتوجيه لا يحتاج إلى إبداع بقدر ما يحتاج إلى مهارة ومعرفة وشعور وإدراك”