
كل ما يأتي في هذه المقال مستند لشرط سبينوزا في البحث “تفسير الكتاب المقدس بالكتاب المقدس” ولم يلجأ إلى كتاب غيره لذا وجب التنبيه أن كل ما يرد لا يعني أي شيء آخر غير ذلك.
الفصل الثامن
وفيه تتم البرهنة على أن الأسفار الخمسة وأسفار يشوع والقضاة وراعوث وصموائيل والملوك ليست صحيحة، ثم نبحث إن كان لهذه الأسفار مؤلفون كثيرون أم مؤلف واحد
الدليل أن موسى لم يكتب الأسفار الخمسة وأنها كتبت بعده بزمن طويل:
- إن موسى لم يكتب مقدمة سفر التثنية لأنه لم يعبر نهر الأردن.
- نُقش سفر موسى بوضوح تام على حافة مذبح واحد وهذا مخالف لما قاله يشوع أن سفر موسى يتكون من اثني عشر حجراً بعدد الأحبار مما يعني أن سفر موسى أقل بكثير من الأسفار الخمسة.
- يذكر في التوراة (وقد كتب موسى هذه التوراة) ويستحيل أن يكون موسى قال ذلك، بل لا بد أن يكون كاتبها آخر يروي أقوال موسى وأفعاله.
- يذكر هذا النص من التكوين وفيه يقص الراوي رحلة إبراهيم في بلاد الكنعانيين ويضيف والكنعانيون والكنعاني وقتئذ في الأرض) فلا بد أن هذه الكلمات كتبت بعد موت موسى وبعد أن طرد الكنعانيون.
- يذكر في التكوين أن جبل موريا سمي جبل الله ولم يحمل هذا الاسم إلا بعد الشروع في بناء المعبد وهذا الوقت متأخر عن موسى في الزمن.
ملاحظات على فكر ابن عزار:
- لا يتحدث الكتاب المقدس عن موسى بضمير الغائب فحسب وإنما يعطي عنه شهادات عديدة.
- إن الرواية لا تقص فقط موت موسى ودفنه وحزن الأيام الثلاثين للعبرانيين بل تروي أيضاً أنه فاق جميع الأنبياء.
- بعض الأماكن لم تطلق عليها الأسماء التي عرفت بها في زمن موسى، بل أطلقت عليها أسماء عرفت بعد موته بزمن طويل.
الفصل التاسع:
أبحاث أخرى حول الأسفار نفسها، هل عزرا هو آخر من صاغها؟ وهل التعليقات الهامشية الموجودة في المخطوطات العبرية قراءات مختلفة؟
يقول سبينوزا أن عزرا هو المؤلف الحقيقي للأسفار إذا لم يثبت له أحد ببرهان أكثر يقيناً مما وجده أن هناك مؤلفاً آخر، وأنه جمع روايات موجودة عند كتاب متعددين وفي بعض الأحيان يقتصر على نسخها دون فحصها وترتيبها.
إن سليمان بنى المعبد بعد الخروج من مصر بأربعمائة وثمانين عاماً، وبعد مطابقة الروايات بالمراحل الزمنية نجد عدداً أكبر بكثير من السنين يصل إلى خمسمائة وثمانين عاماً.
يقر المفسرون بأن الله حفظ التوراة من أي نوع من التحريف أما اختلاف القراءات فهو في نظرهم علامة على أسرار في غاية العمق ويناقشون بشأن النجوم الثمانية والعشرين الموجودة وسط أحد الفقرات في الكتاب المقدس وتبدوا لهم أشكال الحروف ذاتها وكأنها تحوي أسرار كبيرة، ويقول سبينوزا: لست أدري إن كان ذلك ناجم عن اختلال في العقل وعن نوع من تقوى العجائز المخرفين أم أنهم قالوا ذلك بدافع الغرور والخبث حتى نعتقد أنهم وحدهم الأمناء على أسرار الله، أني لم أجد أي شيء عليه سيماء السر في كتبهم، وقد قرأت بعض القبالين وعرفت ترهاتهم.
لم يوجد ابداً أكثر من صياغتين للنص الواحد وذلك لسببين:
- لا يسمح مصدر تغيير النص بوجود أكثر من صياغتين لأنهما ينشآن في الغالب من تشابه الحروف، وإذا فقد كان الشك ينصب دائماً على أي الحرفين المستعملين دائماً يجب أن يكتب كحرف الباء أم الكاف.
- يعتقد سبينوزا أن النساخ لم يكن لديهم إلى عدد قليل من الأصول وربما لم يوجد لديهم إلا أصلان أو ثلاثة.