قراءة في كتاب .. رواية : لغاية آخر نفس .. للكاتبة ( عائشة الخليفي ) .

لغاية اخر نفس

قراءة في كتاب .. لغاية آخر نفس .. للكاتبة ( عائشة الخليفي ) .

     حين تبدأ في قراءة رواية مهداة من أحد الكتاب ، يرافقك شعور غريب، هل هذا الكاتب يستحق الإطراء على عمله أم أنك ستضطر للمجاملة، لكن حين بدأت قراءة الرواية لم أتركها حتى أنهيت فصولها الستة، وكانت الرغبة في إتمام تلك الفصول التي زرعتها الكاتب في سطور الرواية وربطتها بأحداث تحكيها المها بطلة الرواية بتناسق فريد، وأسلوب سلس لا يبعث فيك الملل ولا يجنح للأسلوب المعقد الشائك الذي نراه في الكثير من الروايات لمجرد أن الكاتب يريد أن يثبت قدرته على الكتابة فقط .

     هي رواية صغيرة الحجم تقع في 115 صفحة من الحجم المتوسط تتسلسل أحداثها مع البطلة من سن الثامنة عشر، والارتباط بالزواج، ثم الفشل، ثم النجاح وتحقيق الطموح، في تسلسل رائع وأسلوب جذاب، يربطك بالشخصية الرئيسية في الرواية، فتبحث بين السطور عن تلك الصغيرة التي تخرج من عالم صغير نسبياً إلى عالم كبير، بمسؤولياته والتزاماته ومشاكله، لتكتشف مع المها بطلة الرواية أن كل هذا لا يكفي لتحقيق الذات، وأن النجاح لا يتكون وأنت ظل لأحد بل يجب أن تكون أنت النجاح، وأنت الذي ترسم حدود ما تريد الوصول إليه .

     الرواية جميلة ومشوقة، لكنها تفتقر لبعض الأشياء، تفتقر للتفاصيل التي كانت ستعطي الرواية أبعاداً أكبر ومعاني إضافية تجعل وزنها أدبياً أكبر، أتعجب من يملك هذا الأسلوب المشوق المعبر أن يبخل في إضافة المزيد على العمل الأدبي ليعطيه الدافع ليبقى كعمل ذا قيمة لفترة أطول، بل ربما يكون مرجعاً في الأسلوب والفكر .

     تعالج الرواية مسائل في حياة الفتاة القطرية، وذكورية المجتمع، وبعض هذه الجوانب في هذه الفترة شبه اختفى، لكنها تضع بقعة ضوء جميلة، رغم اختفاء تلك العادات التي كانت متأصلة في المجتمع .

     تباعد بعض المراحل، في الرواية يكاد أن يُخرج القارئ من نسق الرواية وكذلك الحوار أحياناً، وأعود وأكرر أن الرواية جميلة جداً لكنها كانت تحتاج إلى تفاصيل تجعل الشعور أعمق وأقوى، وتأصل الشعور لدى المتلقي.

عائشة الخليفي : يجدر بي أن أقدم لكِ التحية على هذا العمل الأدبي الرائع، وأتمنى أن أرى أعمالاً في المستقبل تنقلك من صفة الكاتبة المحلية إلى آفاق جديدة أكبر، القلم الذي يستطيع أن يشد القارئ يملك إبداعاً لا يجب أن ينقطع ، ويجب ألا يخمد، بل يجب أن يستمر .

 

قراءة في كتاب ( في ظلال جدي ) للكاتبة د.هيا المعضادي ..

IMG_20191009_194708

قراءة في كتاب .. ( في ظلال جدي ) للكاتبة د.هيا المعضادي ..

كتاب صغير جداً به قصص قصيرة ، ظننت في البداية أني سأعاني حتى أكمله لكن وجدت العكس تماماً ساقني الأسلوب أن أنهيه في جلسة واحدة ، لفت انتباهي قصص البداية التي كتبتها د. هيا المعضادي وهي تروي قصة طفلة تتحدث عن تفاصيل حياتها اليومية ، تتحدث عن الأشخاص الكبار الذين نشاهدهم عظماء ونحن في سن صغير تتحدث عن الأشياء العادية التي كنا ننظر إليها باندهاش وانبهار ونحن صغار ، كأنها تكتب بدايات الحياة البسيطة لتقول لنا انظروا الفرق الهائل بين الماضي والحاضر ، وأظن أن ما كتبته على لسان الطفلة الصغير يمثل شيئاً من واقع حياتها هي في الستينات ، ورسخت به تفاصيل الحياة في ذلك الوقت بعين طفلة .

بعض القصص كانت تجمد موقفاً أو تصف موقفاً واحداً فقط لكنها شيقة تثير الأفكار والتساؤلات ، ولفت انتباهي القصة الأخيرة ( بعيداً عن الديرة ) وهي تتحدث عن أسرة كويتية كانت في ضيافة أسرة قطرية في فترة غزو العراق للكويت ، ولفت انتباهي أنها لم تذكر اسم أي دولة ، ولا اسم أي رئيس ، ثم اكتشفت أني أركز على الشخصية الرئيسية في القصة ( لولوة ) فكل شيء يقودك أن تتبع تلك الشخصية .

يمكنها أن تكتب أكثر أو لماذا لم تكتب أكثر ؟ هذا بالضبط ما خطر في بالي عندما انتهيت من قراءة المجموعة القصصية فالأسلوب الذي تكتب به د.هيا المعضادي أسلوب شيق وممتع لم اطلع على إصدارات أخرى لها لمني أتمنى أن لا يكون هذا هو الإصدار الأول والأخير .

قراءة في كتاب ( فراش الشيطان ) لـ خيري رمضان .

فراش الشيطان لخيري رمضان.jpg

قراءة في كتاب ( فراش الشيطان ) لـ خيري رمضان .

كتاب جيد ، هو عبارة عن قصص أرسلها القراء لمحرر في إحدى الصحف ، تتناول مشاكل شخصية كلها تتمحور حول العلاقات الأسرية والعلاقات المحرمة ، وانحرافات البعض ، سلوكياً وأخلاقيا ، ويذيل المحرر القصة ببعض النصائح ويستقبل بعض الردود المتفاعلة مع تلك القصة التي نشرت .

     يعتبر الكتاب للعبرة أكثر منه للمعرفة ، لأنه تدخل فيه الكثير من الأمور الشخصية والدوافع الفردية التي يحيكها أصحابها ربما للتخلص من تأنيب الضمير أو الاعتراف بأخطائهم خلف أسماء مستعارة أو لمعرفتهم السابقة بأن أحداً لن يعرف من هو صاحب القصة الحقيقي .

     أنا شخصياً لا أحب هذا النوع من الكتب ، مع أني استمتع أحياناً ببعض القصص التي أجدها وأنظر لبعض القصص أنها مفبركة لتكمل الشكل العام للكتاب ، ولا أدعي هذه النظرة السلبية من قراءتي لهذا الكتاب لكني أشك في بعض القصص أنها حصلت بالشكل التي رواها كاتبها .

     يقع الكتاب في 207 صفحات من الحجم الصغير ، الكتاب شيق في بعض جوانبه ، ومؤلم في جوانب أخرى ، وهو ممتع لمن يحب هذه النوعية من الكتب .

قراءة في كتاب ( رواية الشيطان والانسة بريم ) لـ باولو كويلو ..

9789953882550-uk.jpg

قراءة في كتاب ( رواية الشيطان والآنسة بريم ) لـ باولو كويلو .. 

 الشيطان والآنسة برايم ، أو الشيطان هو الآنسة بريم ، أو شخصية الشيطان تنتقل من شخص لآخر لتضع ملامح الإنسان وأمانيه وخيالاته ، انتصرت الآنسة بريم على الشيطان ، لتكون شيطاناً بملامح أخرى وأفكار أخرى ، لتصبح شيطاناً يستطيع أن يستغل الشيطان الذي كان يهدده ، ويبتزه نفسياً .

 تحمل الرواية الكثير من المشاعر ، والتناقضات النفسية ، وهذه شيء جسد بشكل جيد ليمثل النفس البشرية التي تتقلب في الأفكار بين الشر والخير بين الرغبة والطموح ، وبين ما تريده هي وما يريده الجميع ، والطمع في ما هو للجميع ، والأفكار التي تتسلسل ، لتصل بصاحبها لهدفه ، وإن كان هدفها نبيلاً يحمي المجتمع ، لكنها لا تخلو من أطماع النفس البشرية التي تريد أن تستحوذ على القيمة دون الجميع .

 هو الشيطان يغزل مكائده حول البشر ليرتكبو الجرائم والمعاصي برغبة ، وطمع ، هو الشيطان الذي ، يكسر الصور النمطية ويقلب المجتمع ليتصارع مع ذاته ، فيدمرها ، فالشيطان على شكل بشر ، والإنسان يسير بعقل شيطان ، والرغبات والأطماع ، يمكنها أن تدمر الأشياء الجميلة ، وتكسر الهدوء لتأتي بالصخب والضجيج ، والدماء .

 الرواية تجسد كل تلك المشاعر في صراع بين الآنسة بريم والشيطان الذي يمثله الشخص الغريب ، المجهول ، وبين صراعات الآنسة بريم مع نفسها وعقلها ، ومجتمعها ، مع رغبتها في المال ، وخوفها على المجتمع ، والصراع في المجتمع ، والعقل المسير نحو الطمع ، الذي يلغي كل الاعتبارات من أجل المال ، ثم تأتي الأفكار البسيطة لتكسر تلك الصورة وينتصر العقل والأفكار السليمة ، على كل الأفكار الخبيثة ، تأتي الآنسة بريم في صورة ملاك ، لكن ذلك الملاك يستحوذ على الثروة ويدع المجتمع في صورته النمطية العتيقة . 

 الرواية ممتعة ، وبها الكثير من العبر وتجسد النفس البشرية وصراعاتها ، رواية صغيرة لكنها مفيدة أنصح بقراءتها .

 

قراءة في كتاب ( دراسة استشراقية في المذهب الإباضي ) للكاتب جون كرافن ولنكنسون .

Bn_T8teIUAAtk1Y

 

 

قراءة في كتاب ( دراسة استشراقية في المذهب الإباضي ) للكاتب جون كرافن ولنكنسون .

كتاب أو لنقل أنه يجمع بين الكتاب المفيد والمرجع، وهو يتطرق للفكر الإباضي منذ البداية وحتى نهاية حكم الأئمة ثم يسرد التاريخ للقرن الثاني عشر، يقع الكتاب في ما يقارب الستمائة صفحة مقسم لعدة أقسام حسب مراحل تطور الفكر الإباضي وحتى تحوله لمذهب، لا يطرح الكاتب فكر الخلاف مع المذاهب الأخرى من منظور ما هو الصحيح وما هو الخاطئ، بل يطرح تلك الأفكار ويناقشها من خلال الجدل الذي يقع بين الأئمة والمفكرين في الإباضية ، ووجهة النظر الراجحة، وتبني الفكرة النهائية، وهذا دليل على حرفية الكاتب حيث إنه لم يخرج من الإطار العام لأبحاثه التي حددها في الفكر الإباضي بكل أفكاره ومراحله .

يتناول الكاتب الأنساب بشكل مكثف في بداية الكتاب، ويركز على أشخاص معينين ثار حولهم الكثير من اللغط والكثير من الجدل، فيضع بعضهم في الواقع كشخصيات كانت موجودة ومؤثرة، وينفي بعضهم للخيال أو الأسطورة، وهذا أمر واقع للكثير من الشخصيات في بداية تكون الدولة الإسلامية، حيث لم يكن التوثيق معتمداً بشكل كبير إلا للكتاب ( القرآن ) والسنة النبوية، وكذلك كثرة الفِرق التي كانت تعمل في الخفاء وكانت تنقل تعاليمها ومعلوماتها بشكل شفهي دون ترك أي مستند يدينها ، لتتجنب الملاحقة .

يُرجع الكاتب الفكر الإباضي بشكل عام للعمانيين ، من الأزد وكنده ويتحدث عن هجرتهم مع الفتوحات الإسلامية وبالتالي نشاطهم في البصرة وأبعد منها في أقاليم مثل خراسان وكيف انتقل ذلك الفكر للحاضنة الرئيسية عمان، وكيف تطورت ونشأة الإمامة هناك، ويُفصل في طريقة اختيار الإمام ، ثم ينتقل إلى تاريخ الأئمة، وتبلور الفكر الإباضي في زمنهم، والصعوبات التي واجهتها الدولة، والأزمات كذلك، ويشرح كثيراً كيف كانت إدارة الدولة، والأحكام الشرعية في إدارتها، وتطرق لقانون البحار لأن الدولة العمانية كان لها نشاط قوي في هذا المجال ولم يكن هناك الكثير من الأحكام في هذا الجانب لدى المذاهب الأخرى، كما تطرق لأنظمة الري والزراعة والتجارة ، والكثير من الجوانب .

الكتاب بشكل عام ذا قيمة معلوماتية عالية ، لكن لا أظنه هو الوحيد الذي يمكنه أن يرسم الصورة كاملة عن الفكر الإباضي ، ولو أردنا أن نراجع ذلك الفكر يجب أن ننظر إلى ثلاثة جوانب مهمة ،

1 – ما كتب من الإباضية أنفسهم .

2 – ما كتب في نقد الفكر الإباضي .

3 – ما كتبه المستشرقون في هذا الجانب .

هذه الصورة التي تكونت لديّ بسبب أن الكاتب كان يركز في مراجعة على كلام المستشرقين بشكل كبير ورغم أنه يرجع لبعض المراجع العمانية إلا أنه ينظر لما كُتب من المستشرقين أولا ثم يعود لما كُتب في المراجع العمانية، أو ما وجده لدى المؤرخين العرب، ولا أخالفه الرأي في أن الكثير من المراجع العربي التي تؤرخ لتاريخ الدول تتأثر بسلطان الحاكم، وتتلون حسبما يريد .

هذا الكتاب جعلني أنظر إلى الفكر الإباضي بشكل أوضح، وبسببه عرفت جوانب لم أكن مطلعاً عليها سابقا، كما أنه صحح لديّ بعض المفاهيم التي كنت أعتقد أنها صحيحة، ولذلك أنصح بقراءة الكتاب وأنا متأكد أنه لن يعجب الكثيرين لأنه يحتاج إلى تركيز كبير جداً لكي نجمع الخطوط المتوازية التي يرسمها الكاتب في بداية كتابه وبالتحديد في مسألة الأنساب والشخصيات التي يلفها الكثير من الغموض .

قراءة في كتاب رواية ( أحلام ممنوعة ) لنور عبدالمجيد

13416783

قراءة في كتاب رواية ( أحلام ممنوعة ) لنور عبدالمجيد

حين اقتنيت الرواية لم أتصور أني سأكون أسيرها ، ولم أتصور أنها ستترك في نفسي كمية تساؤلات لا تنتهي ، ولم أتصور أن أجد قلما يعيد إلى مخيلتي الأحياء الشعبية في القاهرة .

هي أحلام ممنوعة ، وأفكار ممنوعة ، ومشاعر ممنوعة ، وحياة ربما تكون ممنوعة ، فالممنوعات كثيرة في الفقر ، والمحرمات كذلك ، رغم أن الفقير ربما يعتبر أسمى في جوانب كثيرة ، وببساطة لم تشوهه الأموال ، ولم تسيطر عليه بعد ، فالجوع أكبر بكثير .

تتناول الرواية قصة عائلة ، بكل تشعباتها ، ثم تتشعب أكثر وتنتقل إلى محيط تلك العائلة ، ثم تتقوقع من جديد ، وتتقلص وتعود لتلك العائلة ، في انتقال جميل ومشوق بين مراحل الرواية المؤلمة ، وبين نبضات الأمل الكثيرة ، التي لا تتحقق ، وبين الأمنيات ، والأحلام ، وبين الواقع الذي يدمرها دون رحمة .

العاطفة في الرواية قوية جداً لدرجة أنك تشعر أن تلمس تلك المشاعر العنيفة ، وكذلك الألم الذي يعتصر القلب ارتسم في ثنايا الرواية ، حين تتابع السطور في وصف مشهد مؤلم ، أو محبط أو صادم أو حزين ، لتثير التساؤلات ، لماذا لا يتغير شيء ، لماذا لا تنفرج الأمور .

وتأتي الإجابة في المشهد الكبير ، للثورة المصرية ، لترسم الراوية وتلخص ما تريد أن تقوله ، إن كل ما هو موجود من إحباط وألم وفشل ، هو مفتعل ، ليبقى الشعب تحت رحمة أشخاص معينين ، يكرسون سلطتهم ، ويتحكمون في كل شيء ، ثم تصهر الكاتبة كل شخصيات الرواية في الثورة ، لترسم تلاقي القلوب من أجل الوطن ، وترسم وحدة الهدف للجميع .

الرواية رائعة ، ممتعة , بل إن فيها شيئاً من الخمر ، فتستزيد وتستزيد ، حتى تنتهي الرواية ، ورغم أن الكثير من المشاهد لم تضع لها الكاتبة نهايات ، إلا أني أظن أن مشاعر الحب التي رسمتها في الصفحات الأخيرة ، تجسد ما كانت عليه مشاعر المصريين .

رواية تستحق القراءة أنصح بقراءتها .

قراءة في كتاب رواية ( جمهورية كأن ) لعلاء الاسواني .

38388790

قراءة في كتاب

رواية ( جمهورية كأن ) لعلاء الأسواني .

وكأنها كانت ثورة ، وكأن شعب مصر قد ثار ، وتمرد على النظام القائم منذ ثلاثين سنة ، وحطم القيود التي كانت تكبله ، وتقيده ، وتمرد على الظلم والهوان ، وفك القيود للأبد ، رواية جمهورية كأن ، شيقة ، ممتعة ، فصياغتها جميلة ، وشخصيات الرواية واضحة الملامح ، وأضحى الأهداف ، تسير الشخصيات بخطوط متوازية تتصادم ولا تتلاقى ، ينقطع بعضها ، ويسير بعضها وكأنه للأبد ، بشكل متصل ودائم ، وترتسم الصورة التي نجدها في الواقع ، نشك أنه كانت هناك ثورة ، فكل شيء عاد إلى نقطة الصفر ، أو تحت الصفر .

محور الرواية الرئيسي ، هو الثورة ، لكن المحور المكتوب بين السطور في الرواية ، هو القبضة الأمنية الحديدية التي تسيطر على مصر ، وتتحكم في مفاصل الدولة ، ربما تختفي تلك القبضة قليلا ، لكنها لا تتلاشى بل تعمل في الخفاء ، لتعاود الظهور من جديد ، بشكل أقوى ، وأعنف ، وأشرس .

شخصيات الرواية تمثل القطاعات المهمة التي وُجدت وقت الثورة ، الأمن ، ولم يحدد الكاتب أهو الجيش أم الشرطة ، فنجد أنه يتحدث عن الاعترافات لتفكر في الداخلية ، ثم يتحدث عن خطة لإجهاض الثورة والسيطرة عليها ، فتعود لتفكر في الجيش ، ثم يتحدث عن الإعلام ، وقد أبدع في هذا الجانب ، رغم أنه كان يجب أن يتناول الإعلام في أكثر من شخصية ، ثم التائهون في الأرض ، اليساريين والشيوعيين ، الذين ثاروا في القديم ، ثم استسلموا للواقع الجديد ، وركبوا جواد السلطة والمال ، وفي النهاية ، الثوار الجدد ، الشباب ، وما قدموا من تضحيات .

تنتقل الرواية من مرحلة النصر للثوار ، والشعور بالفخر ، ثم الإحباط ، والهرب من الواقع بمغادرة مصر ، أو الاستسلام  للواقع وتقبل السجن ، أو التصفية ، وهذا هو ما خلصت له الثورة المصرية المجيدة التي حدثت في 2011 ، فقد تعمد الجهاز الأمني في مصر ، أن يكرس الشعور القوي بالإحباط لدى الشباب بالذات لكي لا يفكروا مجدداً في الثورة .

يوجد نقطة أثارت حفيظتي ، فكلنا نقر أن من ثار هم الشباب الذين لم تلوثهم السياسة ، ولم يتحزبوا ، لكن لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يلغي الكاتب الإسلام في المجتمع المصري ، أو أن يلبسه فقط ثوب الخيانة والمؤامرة ، ولو كان يريد أن يبعد النظرة الدينية عن المشهد ، لما جسد لنا شخصية المسيحي المنخرط في الثورة ، كما أنه جسد المسيحين بواقعهم السلبي والإيجابي ، لكنه كرس صورة المسلم في ثوب الخيانة .

لا يهم كل هذا فالرواية تشكل عمل أدبي يستحق التقدير ، عمل ممتع في مضمونه ـ أحيا في نفسي الكثير من المشاهد التي رأيتها في تلك الفترة ، المشاهد التي صرخنا فيها مع الشعب المصري ، والتي صرخنا فيها من أجل الشعب المصري ، وعشنا معهم مرحلة الإحباط المريرة التي لا تريد أن تنتهي حتى الآن .

 

 

قراءة في كتاب ( مزايا الديمقراطية ) ، مجموعة مؤلفين .

قراءة في كتاب ( مزايا الديمقراطية ) ، مجموعة مؤلفين .

مورتون هـ. هالبيرين ، جوزيف ت. سيجل ، مايكل م. وبنستن.

يتحدث الكتاب عن المزايا التي تنتج عن تطبيق الديمقراطية ، في الدول كافة ويركز على الدول ذات الدخل المحدود ، التي لا تملك ثروات ولا تعتبر دول غنية ، وركز الكتاب في الفصل الأول والثاني : على نقض فكرة أن الدول النامية أو الفقيرة من الأفضل أن تكون دكتاتورية ، وبدأ ينقضها في كل التفاصيل ، واعتمد على إحصاءات وجداول ، وحساب معدل التنمية ومستوى الدخل ، بين دول فقيرة ، بعضها ديمقراطي وبعضها ديكتاتوري ، واستطاع أن يثبت أن معدلات التنمية ، في الديمقراطية هي الأفضل ، ولو بنسبة بسيطة ، وأن حالات الانهيار المالي ، تكون كارثية في الدول الدكتاتورية ، وكذلك الديمقراطية ، لكن الديمقراطية لا تتأثر بنفس مستوى تأثر الدول الدكتاتورية ، لوجود انظم ، وقوانين وتسلسل سليم للسلطات .

في الفصل الثالث :

تحدث الكتاب عن أساليب تدعيم  الديمقراطية ، ومعوقاتها ، وقد قال إن الركود الاقتصادي يشكل التهديد الأول للديمقراطية وأن المجتمعات التي تتحمل أعباء الديمقراطية

هي التي تستطيع أن تكمل مسيرة الديمقراطية ، وأشار أن الديمقراطيات دائما تولد في ظروف صعبة ، إلا أن النظم الديمقراطية تنفتح على التنمية والاقتصاد بشكل سليم ، مما يرفع معدل الدخل ، ويحسن القدرة الشرائية ، وكذلك أشار إلى أن الحكومات الديمقراطية تعاملها مع الشدائد والأزمات ، وتحبط روح الاستبدادية بين القادة المتنافسين على الحكم .

في الفصل الرابع : يتطرق الكتاب إلا الديمقراطية والأمن

، وأن النظم الاستبدادية تعرض السلم العالمي للخطر لأن احتمال أن تشن حرب ، أو تتورط في نزاعات أهلية ، أكبر من النظم الديمقراطية بكثير ، حيث يتم في الدول الديمقراطية البحث عن الحلول ، لا البحث عن الصراعات المسلحة ، وتطرق الكتاب إلى دعم الولايات المتحدة لنظم غير ديمقراطية ، وإقامة تحالفات معها مما سبب نزاعات وركود اقتصادي في تلك الدول ، وربط الكتاب الأمن العالمي بالديمقراطية بشكل كبير، لأن النظم الديمقراطية نظم شفافة تقوم على مبدأ المحاسبة وعجم التفرد بالسلطة

والقرار .

في الفصل الخامس : يتطرق الكتاب إلى التنمية وعلاقتها بالديمقراطية ، وأن نظام  الحكم هو الطريقة التي ينظم بها المجتمع نفسه ليحقق أولوياته وتطرق إلى المساعدات التي تقدم للدول النامية الفقيرة التي تسير على النهج الديمقراطي أو التي تسير إليه ، وأحيانا تكون المساعدات سلبية لتلك الدول النامية ، وركز على أن المساعدات يجب أن توضع ضمن دراسة للدولة والمجتمع ، وحالته الاقتصادية ، لتقليل الأضرار التي تصيب الأفراد نتيجة الإصلاحات الاقتصادية ، وركز على ضرورة أن يراعي المانحون ، وأظنه يقصد البنك الدولي ، مراعاة الجداول الزمنية للتغير والإصلاح الاقتصادي .

في الفصل السادس : يتحدث الكتاب عن الديمقراطية باعتبارها

الخيار التلقائي ، وأن المساعدات التي تقدم للدول ، تستخدم في النظم الديمقراطية بشكل أفضل من غيرها من النظم الأخرى ، وإن الديمقراطيات هي التي تكفل التوزيع السليم للمساعدات ، وتضمن التطوير في المؤسسات بشكل شفاف ، وحث الكتاب الولايات المتحدة على تقليص مساعداتها للأنظمة الاستبدادية .

في الفصل السابع : يركز على دمج الحكومات والنظم

الديمقراطية في عملية التنمية ، وعلى ضرورة دمج السياسة والاقتصاد ، لتقوم

الديمقراطيات في العالم النامي بدور محوري في التنمية .

الفصل الثامن : وسماه الكتاب ، السباق العظيم ، ورفض وضع الاستقرار والسلم فوق كل اعتبار آخر ، هذا الوضع يخلق عدم استقرار أكبر ، وركز الكتاب على ضرورة أن تقوم السياسات المتبعة مع الدول النامية على محاربة ثالوث التحديات ، والتي حددها في ( الفقر ، الصراع ، الحكومات الاستبدادية ) ، ويشير إلى أهمية تخليص العالم من الطغاة .

قراءة في كتاب ( التيارات الفكرية في الخليج العربي ) لـ مفيد الزيدي .

التيارات الفكرية.jpg

طرح الكتاب ، حركة المجتمع في الخليج العربي والقوى الاجتماعية والبنى الاقتصادية والتركيبة السياسية وتطورها ، والحركات التي قامت في الخليج العربي في الفترة المشار إليها في المقدمة ، وأشار الكاتب إلى أن هذه الدراسة مهمة لفهم أعمق وأوسع للخليج العربي ، في فترة شبه مجهولة للمنطقة .

     تطرق الكاتب لفترة ما قبل النفط ومرحلة ما قبل ظهوره ، حتى عهد الاستقلال ، وقد شرح وضع الاقتصاد التقليدي قبل النفط ، والتحول الاقتصادي التي تم ، وتحول دول الخليج العربي لدول ريعية ، والقبيلة وحكم المشيخة ، وطبيعة المجتمع والهجرة العكسية التي بدأت بعد اكتشاف النفط ، وكيف نشأ الفكر السياسي ، وأبرز الحركات التي قامت الليبرالية ، القومية ، الإسلامية ، الماركسية .

    الكتاب ممتع ، لأنه يتطرق لفترة مجهولة لدى الكثيرين ، حيث إن الكثير يجهل مدى تأثر المنطقة بالأفكار السياسية والاقتصادية ، ويجهل الكثير من جوانب المجتمع الخليجي ومراكز القوى ومراكز الفكر والثقافة في منطقة الخليج التي كانت البحرين والكويت هي الدولتان الأكثر وعياً ، والأكثر تأثراً بالتعليم والأفكار المختلفة ، البحرين لأنها كانت مركز الحكم البريطاني في الخليج والكويت لقربها من العراق وإيران ، لكن هذا لم يمنع أن تكون هناك حركات فكرية في مناطق أخرى من الخليج ولو بشكل أضعف .

    الحركات الفكرية الرئيسية التي تبلورت في الخليج العربي كما تطرق لها الكاتب الليبرالية وهي الأقدم ولا تزال موجودة حتى الآن ثم القومية العربية التي بدأـ في الانتكاس بعد موت الرئيس عبدالناصر ، والحركات الإسلامية ، والماركسية التي تأثرت ، وما مدى تأثير تلك الحركات في المجتمع وما مدى تأثير المجتمع في تلك الحركات الفكرية .

    الكتاب رسالة دكتوراه ، تتناول التيارات الفكرية في الخليج العربي في الفترة من 1938 إلى 1971 ميلادي يقع الكتاب في 400 صفحة في خمس فصول ، الكتاب ممتع رغم أنها رسالة أكاديمية لكنه يحمل قيمة علمية وثقافية وتاريخية صيغت صياغة ممتعة .

 

قراءة في كتاب ( أرجوكم لا تسخروا مني ) لجودي بلانكو .

item_XL_6587250_4127691

قراءة في كتاب (أرجوكم لا تسخروا مني) لجودي بلانكو .

رواية أو سيرة ذاتية ، تحكي فيها الكاتبة معاناتها من الاضطهاد ، في مراحل الدراسة المختلفة ، وتتحدث عن المنبوذين اجتماعياً في مرحلة المدرسة من أقرانهم ، ومدى المعاناة التي يعيشونها في تلك الفترة من حياتهم .

تصف الكاتبة بعض المشاهد بدقة فائقة ، وتنتقل من مرحلة إلى مرحلة لتصف تطور تلك الأساليب التي يستخدمها المتنمرون في المدارس والضغوط التي يمارسونها على سائر الطلاب في المدرسة .

القصة مشوقة ، ومريحة في القراءة ، ربما تشخص حالات التنمر وحالات الضعف ، وتضع خطوطاً ربما يعود إليها الباحثون أو الدارسون  في هذا المجال ، كما تتيح هذه القصة أو السيرة للقارئ أن يقارن ويعرف الاختلاف بين المجتمع الذي يعيش فيه والمجتمع الأمريكي .

لا أجد شيئاً انتقد فيه الكاتبة سوى النهاية التي اعتبرها أن الكاتبة بالغة حين تحدثت عن مسامحة الجميع ، والاهتمام بهم بعد كل تلك الأحداث التي روتها في سيرتها المؤلمة .

تقع الرواية في ما يقارب الـ 300 صفحة ، وللكاتبة مؤلفات أخرى ، أنصح بقراءة الرواية للآباء والأمهات ، ومن يقوم على شؤون التعليم ، أو بالأحرى من يعمل في المدارس .

قراءة في كتاب ( اللغة الصامتة ) ل ادوارد تي هول

اللغة الصامتة

كتاب شيق يجمع بين الفلسفة وعلم الاجتماع يقع في 260 صفحة مؤلفه إدوارد تي هول .. يحمل شهادة الدكتوراه ..

وهو يتحدث عن الفروقات في المجتمعات المختلفة ما هو مُتقبل في مجتمع .. ومرفوض في آخر .. مثل الوقت يحترم في أمريكا بشكل قوي وفي المكسيك .. لا يعطي نفس درجة الاهتمام .. وبشكل آخر إن السلوك الإنساني يختلف من مكان لمكان ، ومن مجتمع لمجتمع ، ولو تشابهت المواقع والملابس والأدوات … فالمجتمعات مختلفة ..

قراءة في كتاب ( خرائط التيه ) لبثينة العيسى

قراءة في كتاب ( خرائط التيه ) للكاتبة بثينة العيسى .

khara

رواية مشوقة ولا أستطيع أن أقول خلاف ذلك بما فيها من الأحداث ما يجعلك تتعلق بالكتاب حتى تنهيه ، أسلوب جميل في الطرح ، لكني أختلف مع الكاتبة فيما قالته في مقدمة الكتاب ، من أن القصة من نسج الخيال ، حيث إن الأحداث التي ساقتها في الرواية لا يمكنها أن تترتب بهذا الشكل في عقل كاتب ، دون الرجوع إلى سجلات قضايا وقعت فعلاً ، والاستماع لأشخاص عايشوا تلك الحوادث ، كما أنها وجهت الشكر في النهاية لجهات ساعدتها وأشخاص تجنبت أن تذكرهم ، وهذا دليل آخر على أن القصة وقعت ، ربما مع اختلاف الجنسيات ، والأسماء أو ربما طلب من الكاتبة عدم التصريح لكي لا تعرف الشخصيات الحقيقة ، إلا أن هذا لا يقلل من أنها أبدعت في توزيع الأحداث ومتابعة مسارات القصة بشكل متوازن .

ربما نسجت الكاتبة من خيالها بعض المواقف ، أو وضعت لمستها العاطفية في وصف المشاعر الإنسانية التي مرت بها شخصيات الرواية ، لتكمل الحبكة الروائية من كل الجوانب .

طرحت الكاتبة إشكاليات كثيرة لا ينتبه لها الناس في الحياة ، ولا يلامس المها إلا من وقع في تلك المشاكل والأزمات ، واستطاعت أن تصف المشاعر بصورة بارعة تجسد الألم والحيرة وتأثيرات الأزمة ، وجمعت نقائض كثيرة مثل الإيمان والكفر ، اليقين والجحود ، الانحراف والاستقامة .

طرحت أيضاً ، الإشكاليات الأمنية ، وكشفت مدى تراخي الجهات الأمنية في متابعة مشاكل تنال اهتمام الناس ولا تجد الاهتمام الموازي لدى تلك الجهات .

ناقشت الرواية عبر شخوصها مسألة الاختطاف ، ومسألة الاتجار بالبشر وبالأعضاء ، ومسألة الحج ، بتسلسل واقعي ، مؤلم أحياناً ومزعج أحياناً أخرى ، طرحتها ليتساءل القارئ أين نحن من هذه المشاكل التي لا تناقش في الإعلام ولا تجد الاهتمام الكافي لدى المجتمعات ولا السلطات لكي يقضي عليها ، وكشفت أو بمعنى أصح ألمحت أن هناك مسؤولين كبار يقفون خلف تلك العمليات القذرة ويستفيدون منها .

لا أستطيع إلا أن أهني الكاتبة وأشكرها في الوقت نفسه على هذا الرواية الوثائقية في أحداثها ، العاطفية في مشاعرها ، فشكراً للمبدعة بثينة العيسى ، كما أني أنصح وبشدة من يجد هذه الرواية أن يقرأها لأنها لا تعتبر عملاً أدبياً فقط ، بل عمل توثيقه في صورة أدبية ممتعة .

قراءة في كتاب رواية اسفكسيا لـ محمد نجيب عبدالله

IMG_20171023_190949.jpg

تعمدت أن أضع صورة غلاف الرواية بالمقلوب ، لأنها بالفعل تقلب بعض المشاعر رأسا على عقب ، بل تجعلك تنظر إلى داخلك ، ربما بصورة مختلفة ، أو ربما ستجعلك تنظر إلى بعض المشاعر بصورة مختلفة .

     رواية عاطفية بامتياز تنقلب فيها الشخصيات على بعضها ، تتمرد ، تتكسر ، ثم تعود ، بأحداث بسيطة غير مبالغ فيها ، لكنها تحمل معها كمية مشاعر تحيط بكل حدث ، وكل تصرف وكل كلمة ، تدور أحداثها بين ثلاث شخصيات رئيسية لا تتجاوزهم إلا في لحظات قليلة لتترك للأحداث مساحة .

     يوجد بالقصة نقاط لم تزعجني شخصيا ، لكنها من الممكن أن تزعج البعض ، كأن تكون المحادثات في الرواية بالعامية المصرية ، لكنها سلسة من وجهة نظري كصياغة الرواية ككل ، وكذلك الانتقال من وصف مشاعر فتاة بتفاصيلها ، ثم الانتقال إلى وصف ألم وحزن شاب بكل التفاصيل ، لتقسم الرواية إلى قسمين ، طرفه الأول مشاعر أنثوية ، والطرف الآخر مشاعر ذكورية ، ومن وجهة نظري أثبت الكاتب تمكنه من الانتقال من جنس إلى جنس بمهارة فلا خلل وجدته في نسقها وحبكتها بشكل عام .

     الرواية مسلية أسلوبها بسيط ، سلسة تقع في 206 صفحات من الحجم الصغير  ، أنصح بقراءتها .. من وجهة نظري رواية ممتعة .. تخرج عن نسق الأحداث التقليدية ..

قراءة في كتاب ( تاريخ الوجودية في الفكر البشري ) لـ المستشار سعيد العشماوي

IMG_20171016_173552.jpg

لست مختصاً في الفلسفة لكن يمكنني أن أضع بعض الإشارات عن هذا الكتاب في عدة جمل من واقع قراءتي ، مع الأخذ في الاعتبار ان تاريخ الكتاب يعود لعام 1984م أي أنه يوجد أفكار عدة طرحت بعده في نفس المجال .

يناقش الكتاب تاريخ الفكر الوجودي من عدة جوانب لغوي وتاريخي عبر الأمم وعبر الفلاسفة ونظرياتهم ، وكذلك وضع لمسته على تلك المفاهيم والنظريات في نطاق إسلامي وربما من منظور صوفي في بعض الأحيان ، بشكل جيد يمكن فهمه ببساطة .

     بعد أن شرح الكاتب معنى الوجودية لغوياً انتقل لتعريفها عبر العصور ، ابتدأ من تاريخ الدولة الفرعونية ، وهنا أسهب الكاتب كثيراً في تلك المرحلة ، واختصر في حضارات أخرى لا تقل أهمية ، بل يوجد لها مراجع أكثر من الحضارة المصرية القديمة ، ومثلا أغفل حضارة ما بين النهرين ، ثم انتقل إلى الحضارات تباعاً اليونانية والرومانية ، والمسيحية والإسلامية ، وأنا أرى لو أفرد باباً خاصاً لشرح الوجودية في الديانات لكان الأمر أكثر وضوحاً ، فأغلب الفكر الوجودي ينقلنا إلى الإلحاد ، والفكر الديني لم يلغي الوجودية بل وضعها في منظور معين له حدود ، وله منطق يختلف عن منطق الفلاسفة .

     أيضاً في باب التاريخي للوجودية يسرد الكاتب التاريخ ويقارن الوجودية في الحضارات ومجدها وانهيارها ويربطها بالوجودية وهذا يخلط الفكر الوجودي بالتاريخ ، وهنا أيضاً كنت أقرأ في هذا الباب تاريخاً يسري بالأحداث وانسى الموضوع الأساسي ، ثم أعود إلى فكرة الوجودية حين يذكرها الكاتب ، أي إنه كان يركز على الحضارات وتاريخها أكثر من  الفكر الوجودي ( موضوع الكتاب الأساسي ) .

    ثم انتقل الكاتب لأبواب أخرى ، الوجودية في الفكر الوسيط ، ثم في الفكر الحديث ، وفي باب الفكر الحديث ، كانت النظرة أوضح بكثير ، وتسلسل الفكر بين نظريات الفلاسفة والمفكرين كان رائعاً ومنطقياً ، فتدرج مع نظريات الفلاسفة المؤثرين في الفكر الوجودي من هيجل وكجارد وهوسل حتى وصل إلى سارتر ، ثم وضع موجز للفكر الوجودي في تلك الفترة ، ثم انتقل إلى قصدية الوجود ووضع شرحها جيد وفي نهاية الكتاب ، لخص فكرته الأساسية ، النابعة من قناعاته  الإسلامية .

    يعد الكتاب صغيراً بالنسبة لكمية الأفكار التي يطرحها ، وعموماً الكتاب جيد يقع في 153 صفحة ، موزعة على أبواب ، مفيد لمن يحب أن يطلع على بعض جوانب الفكر الوجودي والفلسفي ، صدر في عام 1984 .

قراءة في كتاب ( المساواة ) لـ مي زيادة ..

1157.jpg

قراءة في كتاب المساواة لـ مي زيادة

الكتاب صغير في حجمه ثمين في مضمونه ، فلم تتناول المساواة فقط في الحقوق والواجبات أو المساواة بين الرجل والمرأة ، بل تناولت المسألة من جوانب أخرى ، وبطرق مختلفة ، تتدرج معك مقالات الكتاب أو أبوابه من الطبقات الاجتماعية ، الأرستقراطية ، ثم تعود بك للرق والعبودية وتاريخها ، وتأثيرها ، ثم تتحدث عن الديمقراطية بمنظورها الواسع من بداية ما قاله الفلاسفة حتى واقعها الذي كتبت فيه الكتاب ، ثم تتحدث عن الاشتراكية السلمية ، وإمكانية تحولها ، وتعود إلى الاشتراكية الثورية التي كانت الكاتبة نفسها تعايشها في أوجها ثم تعود إلى النظريات الفوضوية ، وتميل بك لنظرية العدمية في أبواب متتالية .

تنقلك مي زيادة في هذا الكتاب في الواقع بين كل المذاهب المطبقة في ذلك الحين من الزمن ، نقلاً سلساً بلغة قوية ، وتدخل في جوانب وتفاصيل ، وتضع تصورها في كل باب تطرقه ، لتخرجك من سيطرة الفكرة أو النظرية ، ولتجعلك تنظر إلى جانب آخر لم تنتبه له ، ومن المفارقات التي وردت في الكتاب أن الكاتبة تنبأت بانهيار الشيوعية رغم أنه حياتها كانت في أوج الفكر الشيوعي الماركسي ، إلا أنها تنبأت أن الشيوعية ستكتسح العالم ثم تنهار ، ولم يمتد بها العمر لترى أن صراع الشيوعية استمر مع الرأسمالية ، وانهار دون أن ينتصر ، ولكنها تميزت في فكرة الانهيار ، كما أنها تحدثت عن المساواة في حقوق المرأة ، واستغلال العمال .

الفصل قبل الأخير من الكتاب كان نقاش بين أشخاص يمثل كل واحد منهم فئة أو طبقة اجتماعية ، أو دور يقوم به في مجتمعه ، ويدور الحوار بين المفكر والشيوعي والإنسان البسيط والإنسان الرأسمالي ، ثم تختم كتابها برسالة أحدهم وهو أفضلهم في النقاش وطرح الأفكار فيتناول كل تلك المسائل من واقع مقالاتها التي كونت الكتاب ، ويطرح تصوره وما يجب فعله .

يقع الكتاب في 163 صفحة ، كتاب شيق ، بمنحك معرفة عامة من خلال أبوابه المتنوعة ، أنصح بقراءته مع الملاحظة أن الزمن الذي كتب فيه الكتاب يختف عن زماننا هذا ، وأن الكثير من النظريات والأفكار قد عفا عليها الزمن ، لكن متعة المعرفة في الكتاب قوية جداً .