
ملل الانتظار … انتظار الملل
الانتظار مجموعة مشاعر تضعك في مكان محدد ، كأن الزمان والمكان اتفقا أن تكون هناك وأن تكون أنت معها فتمتزجون في هذه التوليفة العجيبة مكونين الملل ، نعم أشعر بالملل في الانتظار وفي أحد المواقف هناك جلست أسترجع بعض الأمور لكن هذا لم يجدي نفعاً فأخذت اقرأ في كتاب كعادتي في تلك المواقف فأمزج الملل بالمعرفة ، كأني أضيف السكر إلى القهوة السادة … لكن للأسف أنا أشربها سادة من الأساس .. الكتاب شيق نعم شدني كثير وتساقطت الكلمات فالكتاب الجيد كالمطر يشد الانتباه ويحاور العقل ولكلماته القدرة على تحريك الركود .
تابعت القراءة ومن حولي السيارات تتحرك ، أخترت موقفاً بعيد نوعاً ما لأستمتع بما أقرأ نعم القراءة متعه لمن أراد أن تكون كذلك ومملة لمن أرادها كذلك .
لأصف لكم المشهد مواقف أسمنتية مغطاة بجواري سيارة مغلقة أمريكية ضخمة الحجم ذهب صاحبها إلى الداخل وأمامي سياره أخري مغلقة ويبدوا كذلك أن صاحبها ذهب إلى الداخل والمكان هادئ وقد مرت بوجهي نسائم ديسمبر الباردة ما أروعها وفجأة انكسر الصمت لم أنتبه إلى وقد حدث صوت مزعج نسبياً فرفعت عيني من الكتاب فإذا بصاحب السيارة الأمريكية فد فتح باب سيارته برعونة وكأنه واقف في السماء لا يجاوره أحد فأصطدم ذلك الباب بسيارتي فعاد إلى رشده وانتبه أنه أخطأ فخاطبني : سسوورري فرفعت رأسي وهززته بالرضا فبتسم وأدار السيارة ورحل عدت إلى كتابي ، لأستمتع به وعاد الصمت للانكسار وجاءت سياره أخرى لتقف وترجل صاحبها وذهب إلى الداخل وجاء آخر بسيارة أمريكية أشبه بالتي فتح صاحبها الباب بعنف ووقف أمامي وكان يتحدث بالهاتف ولكونه أمامي لم يزعجني فصوته كان يصلني كالهمس لا أفهم ما يقول أو بأي لغة يتكلم وفجأة عاد صاحب السيارة التي بجواري فركب سيارته ورحل فتشجع صاحب السيارة الأمريكية فجاء ووقف بجانبي وهو لا يزال يتحدث بالهاتف .
آه .. وألف آه … أن صوته أصبح قريباً ومزعجاً وأنا منهمك في القراءة أريد أن أكمل ما بيدي وأن أستمتع به دون إزعاج حاولت أن لا أعيره اهتمام فأنا لا أفهم ما يقول فهو يتحدث بلغة هندية وأنا لا افهم الهندية ، لكن صوته مزعج ، مزعج جداً أدخلت إصبعي في آذني اليسرى لعلي أخفف من حدة صوته … لا فائدة لا فائدة .. تمنيت أن تفرغ بطارية هاتفه الذي يتحدث منه وذهبت أماني أدراج الرياح … لا فائدة … كدت أصرخ في وجهه ولكني تماسكت وصبرت وكان ينهي المكالمة ويرن هاتفه مجدداً ، إزعاج ، إزعاج متواصل يتحدث بسرعة فائقة وبصوت حاد جداً لا يتشاجر ، لا لا لا هو يتحدث فقط وفي غمرت هذا الموقف وفجأة أنهى مكالمته فرحت ولكن هاتفه عاود الرنين من جديد ، فرد وقال بسرعة أوكي ، أوكي ، وكي ، لقد تخلا عن لغته الهندية ، غريب ولكن الأمر شرح نفسه بسرعة فقد أدار المحرك وحركت السيارة فعرفت ما حصل لقد اتصلت به صاحبة العمل ( المعزبة ) فذهب ليأخذها انقطع الإزعاج رائع سوف أكمل ولكن للأسف انتهي الفصل الذي كنت مندمج فيه وأريد إتمامه ولا أستطيع أن ابدأ فصلاً آخر فالوقت لا يسمح لي إلا بقراءة صفحات ، أدرت محرك سيارتي وانصرفت .
اوراق قديمة ٢٠٠١