
توقفت تلك الاحاسيس الشابة في صدري، لم أعد أشعر بإغراء العواطف كما في السابق، العمر يتقدم ويمسح تلك الانفعالات التي كنت أشعر بها في الماضي، يمسحها قيلا قليلاً، حتى يأتيها وقت تزول ولا تبقى سوى الذكريات، لتزورنا بين حين وحين، ربما لم أصل لتلك المرحلة بعد لكني أسير باتجاهها، فالعمر يسير ولا يتوقف.
عندما كنا صغارا، كان انفعالاتنا قوية وغرائزنا قوية، واندفاعنا نحو الامام، لدرجة أننا لا نتوقف عند ما هو جميل، بل نريد أن نقفز من مكان لآخر ، وآخر ، وآخر ، نريد أن نرى كل شيء ونفعل كل شيء، وفي النهاية يتقدم بنا العمر فنكتشف أننا كنا نضيع الأشياء الجميلة في حياتنا بالاستعجال.
الآن أصبح كوب القهوة ممتع، الوحدة ممتعة، والكتاب كذلك، النظر لوجوه البشر في شارع مزدحم مغري، مراقبة طفل يقفز ويلعب في مكان عام مثير للاهتمام، تفاصيل الأشياء التي كانت لا تتضح لنا في شبابنا بالاستعجال، صارت أوضح وأجمل، لكن تراكم الماضي في عقولنا يشوش على الواقع، وأحياناً يدمره .