
الرواية .. نقد الرواية ..
جابر عتيق ..
من الأمور التي تزعج الكاتب “النقد” وهو بالفعل أمر مزعج سواء لكاتب الروايات أو لغيره من الكتاب ، فالنقد من شأنه أن يرفع العمل الأدبي أو أن يشوهه ، وللنقد عدة أوجه في مجال العمل الروائي ، بنية الرواية الاحداث الشخصيات ، زمان ومكان الرواية ، ومجالات فرعية كثيرة ، ويستخدم النقد أيضاً في عدة أوجه ، إما لرفع أسهم الرواية أو للتحقير من العمل أو لتشجيع كاتب أو أن يكون النقد بناء ومنهجي .
ومن المفروض للنقد أن يكون نقداً بناءً ، ليضع نقاط الضعف أمام الرأي العام ، وأمام كاتب الرواية ليتجنب تلك المواضع الضعيفة في عمله الروائي ويعمل على تحسين مستوى أعماله المستقبلية .
كل ما سبق مهم في العمل الأدبي والروائي لكن علينا أن نعرف أمراً مهماً للغاية أن العمل الأدبي هو الأساس ، بمعنى أن لا نقد إن لم يكون هناك عمل ، فالعمل الروائي يصدر ثم ينتقد ، لا لكي ينتقد بل يعتبر النقد أسلوب من أساليب تقييم العمل الروائي ووضعه في موضعه المناسب بين القمة والقاع ، فحين يكون الرأي العام للنقاد بنجاح عمل روائي فهم بذلك يضعونه في المراتب العليا ، ثم يأتي نقد أعلى قيمة ليفاضل بين الأعمال التي تشترك في المراتب العليا لنعرف أيها أكثر جودة وأيها يبقى لزمن أطول وأيها يخلد كعمل إبداعي لا يمكن تجاوزه .
على الناقد حين ينتقد عمل روائي أن لا يلتفت لأسم المؤلف ، ولا تاريخه الأدبي ، وهذا يجعله حيادية ، وأكثر مصداقية ، فالعمل الروائي لا يتكون من عنصر أدبي واحد بل له عناصر كثير في مجال الأدب ، ولو أهتم الناقد باسم المؤلف أو دار النشر ، ستدفعه خلفيته الثقافية أن يقف عند نقاط من الضروري أن لا يقف عندها ، وذلك لأسباب مختلفة ، منها أنه الناقد نفسه ربما يتعرض للنقد بسبب موقفه من عمل أدبي معين لكاتب معين ، لذا عليه أن يهتم بالعمل الأدبي ويقيمه كنص منفرد .
وهناك نوعيات كثيرة للنقاد ، كأي مجال إعلامي منهم المخلص ومنهم المسوف ومنهم المأجور ، لذا على الكاتب حين يستمع للنقد أن لا يتأثر إلى بما يستحق النظر والتمعن من النقد الذي يحلل العمل الروائي ويخرج عيوبه بشكل صحيح دون تشويه ودون مزايدة ودون نفاق ، فحين يتعدى الناقد حدود النقد ويصبح الهجوم على الكاتب وليس على العمل ، هو لا يشوه عمل واحد بل يشوه كل أعمال الكاتب ويترك بصمة سوداء في ذهن القارئ فينظر حينها بريبة لأي كتاب يحمل أسم ذلك المؤلف .
وحين يتعدى النقد حدوده في الإطراء ، يكون الخطر أكبر على الكاتب ، الذي من الممكن أن يتأثر نفسياً وينظر لأعماله بشكل مختلف فيؤثر ذلك على جودة اعماله المستقبلية . النقد عملية مهمة جداً ويحتل مساحة جيدة في الساحة الثقافة ، وكما يجب أن يكون العمل الروائي ذو مستوى من الجودة يجب أيضاً أن يكون النقد على مستوى مرتفع من الجودة لأن النقد لا يقوم به إلى اشخاص محترفون ، بينما العمل الروائي يمكن أن يخرج من أناس عاديون لا علاقة لهم بالساحة الأدبي لكنهم يملكون القدرة على الكتابة والتعبير بشكل جيد