
الرواية .. كاتب الرواية ..
جابر عتيق
لا شك أن كاتب الرواية هو إله الرواية ، يحي فيها ويميت ، ويفعل فيها ما يشاء دون أن يكون هناك حدود لإرادته سوى جودة وحبكة الرواية ، فيضع الشخصيات ، ويصنع الأحداث ، ويسيرها بما يناسب القصة التي يكتبها، ولديه عدة عناصر في الرواية عليه أن ينسقها ويربطها سوياً ، الشخصيات ، الأحداث ، الزمان ، المكان ، وكل هذه العناصر تجتمع بين دفتي كتاب لتسمى رواية.
حين ننظر إلى الكاتب على أنه مبدع ، أو أنه قدم عمل يستحق القراءة ، علينا أن نقدر أولاً أن العمل الروائي عمل كبير بشكل عام ، وأن الاستمرار في كتابة الرواية يحتاج الكثير من الجهد النفسي والمعنوي والكثير من الاطلاع والاستماع والمتابعة ، بالإضافة إلى الصياغة وتركيب الأحداث ، وأن كل هذا العمل يقوم به شخص واحد جمع الفكرة المتناثرة في رأسه ، وعكف على كتابتها حتى النهاية .
يمكننا أن نصور الكاتب على أنه مؤرخ ، لكنه تأريخه ضمن الرواية لا يؤخذ بجدية التأريخ المنهجي الأكاديمي للأحدث لفردية الراوي والتصور المدرج ضمن الحبكة الروائية ، فالكاتب الروائي حين يصور أي حدث تاريخي يضع فيه الكثير من المشاعر والارتباطات التي لا يلجئ إليها المؤرخ الاكاديمي أو المختص ، وقس على ذلك كل ما يتعلق بالعمل الأكاديمي في كل التخصصات.
يمكننا أيضاً أن نصف الكاتب على أنه شاعر أو أنه رومنسي أو أنه عاطفي ، وفي هذه النقطة بالتحديد يكون العمل الروائي ذو مصداقية أكبر حيث أنه من الطبيعي أن يعايش الكاتب روايته منذ البداية ويرسم شخصياتها ، وهذا الأمر يجعله على اتصال ذهني وعاطفي بشخصيات الرواية ، لذا يكون متمكن أكثر من غيره في وصف تلك المشاعر والأحاسيس ، لدرجة تصل للواقع أو تقترب منه في بعض الأحيان .
من الضروري أن نعرف أن الكاتب يقع تحت تأثير نفسي وعقلي ، يجعله ينسج روايته في خياله أو بشكل مختصر عبر نقاط ، وأن الرواية التي ينسجها المؤلف لا بد أن تتأثر بخلفيته الدينية أو الايديلوجية ، أو الحزبية أو إلخ .. ، وهذا يعطي الرواية بعد شخصي فلا يمكن للكاتب أن يلغي كل اعتقاداته السابقة ، وكل قراءاته وفكره دون أن يكون في الرواية بصمة نفسية للكاتب ، فأحياناً يتعمد الكاتب أن يبرز معتقده فيما يكتب أو احياناً يوحي به أو احياناً يكتشف القارئ ذلك من معرفته السابقة بالكاتب .
أما نجاح العمل وفشله فله عدة أوجد تقع بعضها على الكاتب ، ويكون بعضها رغماً عنه ، فالمسؤولية التي تقع على الكاتب ، هي جودة العمل من حيث الصياغة وربط الأحداث وتجسيد الشخصيات بشكل صحيح في روايته حيث يكون العمل مترابط والرواية محبوكة بشكل لا يشتت القارئ أو يضعف اهتمامه بالعمل .