
كائنات بشرية ..
من أنت ومن أنا ..
ما أنا إلا إنسان جمعته الأيام وفرقته الأيام ، ما أنا إلا بشر ، أنتشر حين افرح ، وانكمش حين أخاف ، ولا معنى للشجاعة دون الخوف ، ولا معنى للفرح دون الحزن ، فكل شيء يفسره نقيضه ، وأنا بشر ، بي كل التناقضات ، والتساؤلات ، وأمامي الحلول ، لأختار ، فاختار أحدها ، ربما يكون الأصح ، وربما يكون أقل صحة ، وربما يكون الخطأ .
خطأ ، أنا خطأ ، أنا اخطأ ، أنا مخطأ ، أنا مذنب ، أنا ما أنا ؟ أنا بشر ، لا أتميز عن غيري ، ولا أدعي ، ولا أريد أن أتميز عن غيري ، فلا أرغب أن أكون فوق البشر ، لكن لا أرضى أن أكون أسفلهم ، ليضعوا أقدامهم فوق رأسي ، فأخضع .
إنسان ، لهذه الكلمة معنى قوي في قاموس المصطلحات ، ليس في الكتب وحدها ، بل في نفسي ، وأضنها في نفسي أقوى ، فالإنسان له تفسير علمي ، وآخر منطقي ، وآخر فلسفي ، وآخر ديني ، والإنسان هو كل هذه التفاسير مجتمعة ، فهو يجمع التناقضات ، يطمع ويَقنع ، يخاف ويغامر ، يحب ويكره ، وبين كل قيمة ونقيضها شعرة ، أفسرها أنا بمنظوري ، ويفسرها غيري بمنظوره .
لا نتساوى في شيء غير التكوين الجسدي ، لكننا في الداخل ، في دواخلنا ، تختلف أفكارنا ، تناقضاتنا ، مشاعرنا ، رغباتنا ، أطماعنا ، ونبني كل شيء من خلال ما ترسب في نفوسنا ، وما تكدس في ذكرياتنا ، نستنتج ، نحلل ، نخمن ، نتوقع ، بناءً على تراكم خبراتنا ، ورواسب ذكرياتنا ، ومخاوفنا .
جميعنا لدينا نفس المشاعر ، ونفس الرغبات ، ونفس الاطماع ، لكننا نختلف ، فانا أستخدم مشاعري ، بطريقة ، واطماعي بطريقة ، ورغباتي بطريقة تخالف استخدام غيري لها ، وأنا تطغى على تصرفاتي المشاعر ، وغيري تطغى على تصرفاته الاطماع ، وغيرنا تطغى عليه الشهوات ، كلنا لدينا نفس الأشياء في الداخل والخارج تقريبا ، لكننا مختلفون في الداخل ، في استخدامنا لأنفسنا ، اختلاف يصل إلى الصدام .
الاختلاف ، هو أساس الحياة ، والاتفاق ، هو أساس النجاح . ومن ينجح ؟ ومن يفشل ، هو الانسان ، ذاته ، تلك النسخة المكررة ، في صور مختلفة ، وأحجام مختلفة ، ومشاعر مختلفة ، كل واحد منهم يحمل نفس الصفة ، صفات البشر ، ومعاني الإنسانية السامية .