
لدي أمل
إلى متى أنتظرك ؟ وإلى متى ستظلين تكتبين رسائلك الثلاث ؟ وإلى متى ستنظرين إلى ساعتك وأنتِ تكتبي الرسالة الثالثة ؟ وإلى متى سنبقى بعيدين هكذا ؟ لا أريد علاقات تنهار أو علاقات تنتهي ولا أريد أن أرى المشاعر تموت ، ولا أريد أن أتذوق طعم الخيانة ، ولا أريد أن اهمل قلبي مع امرأة تنساني ، أو تحبسني في قمقم لا أخرج منه ، لكني لا أريد أن أفقد قلبي ثانياً , ولا أريد أن أضيع حبي ثانياً ، ولا أريد أن تموت مشاعري مثلما ماتت قبل أن أقابلك آنستي ، لقد عادت لي المشاعر من جديد معكِ ، وعاد قلبي ينبض من جديد معك ، وعدت أشتاق ، كما كنت شاباً ، وأنا أنتظرك .
كلنا نقف على خط واحد لا نتجاوزه تعرفين آنستي كم مضى على علاقتنا ، خمسة أيام في أول لقاء ، وشهر من الرسائل والانتظار ، ثم ثلاثة أيام جميلة ، وشهر آخر قلت فيه الرسائل وزاد الانتظار أكثر ، دون أمل ودون رجاء ، فقط انتظار لم أفتح لك موضوع لقاءٍ آخر ، ولم تفتحيه أنتِ ، لم تتجرئي أن تطلبي مقابلتي ، ولم تتجرئي أن تغادري مشاغلك ولا التزاماتك ولا قيودك ، ولا ما لا أعرف من ظروفك التعيسة أو السعيدة وأنتِ بعيدة عني ، صدقيني آنستي أستطيع أن أقاوم مشاعري ، لدي القدرة على ذلك ، وأستطيع أن أهملكِ بعد فترة من المقاومة ، وأستطيع أن أضعك على رف الذكريات بعد فترة أخرى ، لكني لا أريد ، تستهويني مشاعري تجاهك ، ويستهويني جنونك ، ويستهويني غيابك ، ويستهويني بخلك الدائم معي ، كما يستهويني انتظارك ورغبتي في اكتشافك ورغبتي في احتضانك وتقبيلك ، وأكثر من ذلك سيدتي يستهويني حبك الغريب .
قلت رسائلك آنستي فقد كنتي ترسلين لي ثلاث رسائل كل يوم بانتظام ، ثم أصبحت ثلاث رسائل كل يومين بانتظام ، ثم ثلاث رسائل كل ثلاثة أيام ، أكتشفِ مدى بخلك آنستي ، تصدقين أني بدأت أهمل هاتفي ولا أحمله معي دائما كما كنت في السابق ، فأنا أعرف متى ترسلي رسائلك ومتى تتوقفين ، فلماذا أحمل نفسي عناء النظر للهاتف كل ساعة لأرى هل أرسلتِ لي رسالة أم لا ، لماذا أحمل نفسي عناء انتظارك آنستي ، لا أدري بدأت رغبتي في نسيانك تطاردني كما يطاردني حبك ، وبدأ قلبي يتألم ويهدأ ، لا يستمر الألم طويلاً كما في السابق ، لا تلوميني آنستي ، فهذا هو الشهر الثالث بعد لقائنا الأخير ، وقد قلت رسائلك حتى أصبحت رسالة كل أسبوع ، تصدقي رسالة واحدة فقط كل أسبوع ، هل هذا ما يثبت ذلك الحب الذي تحدثتِ عنه ؟ وهل الثلاثة أشهر تثبت قرب لقائنا ؟ أسألي نسفك آنستي .
أنا لا زلت أنا لم أتغير وربما لن أتغير ، لا شيء ، أنا لا شيء ، عدت لا شيء ، كما كنت قبل أن ألتقيكِ ، أعدت ذكرياتك كثيراً في رأسي ، تمر سريعة فذكرياتك أنستي قليلة ، كما حبك القليل الذي رميته لي في أول لقاء وفي ثاني لقاء ، أردت أن أكون بخيلاً مثلك ، اعذريني آنستي ، أرجوك أعذريني أكثر من ما فعلتي ، تصدقين ، كانت رسائلك القليلة التي تبعثين بها تبعث الأمل في نفسي ، وتثير أعصابي أيضاً ، أسلوبك الغريب الذي تسلكينه معي ، اسألي نفسك آنستي ، هل سألتني لماذا لا أرد على رسائلك التي كانت تحمل شيئاً من الشعر أو شيئاً من الضحك أو شيئاً من الوعود ، لم تسأليني آنستي هذا السؤال ، كيف لي أن ارد على رسائلك وأنتِ لا تسألي عمن ترسلين إليه ، فربما مات ، أو مرض ، أو ربما وقع في حب امرأة أخرى ، لا أدري منذ البداية شعرت أنكِ تتسلين بي ، ولا زال ذلك الشعور يراودني بين حين وحين ، تتسلين ، فقط تتسلين ، وأنا أيضاً أريد أن أتسلى ، فماذا فعلتي لتسلي خاطري آنستي ، لا شيء .
(( يا صاحب الشعر الطويل ، منذ متى تقرأ رسائلي ، فلماذا لا تجيب ، ولا تسأل ، ولا تطالبني بلقاء ، ليتك تفعل ، فبي أشياء كثيرة ، أود أن أقولها لك ، أود أن أخرجها من جوفي لأتخلص منها ، هيا يا صاحب الشعر الطويل فأنا أنتظرك ، اعطني يدك )) فزعت من نومي ، وأنا أصرخ نور رفعت هاتفي وكتبت لكِ آنستي ، أناديكِ : نور ، لم يكن حلماً مرعباً على الإطلاق ، لكنه أرعبني خفت عليكِ ، صدقيني ، بعدها هدئت ، وسألت نفسي لماذا أرسلت لكِ رسالة ، ماذا تريدين ؟ وما بكِ ؟ ما الذي أصابك ؟ هل أصابك مكروه ؟ أم ماذا ؟ آه وآه ، ما الذي أصابني ، تستهويني امرأة ، وأقع في حبها بسرعة ، وترحل ولا أستطيع أن أنساها ، أو أسلاها ، ما الذي جرى لقلبي ، كدت ألعنك لكني توقفت ، فلا لوم عليك آنستي ، فأنا من تقرب لكِ وطلب ودك .
حلم ، نعم حلم ، حلم جميل لكنه مزعج جعلني أفكر بكِ كثيراً ، وألوم نفسي لماذا لم أسألك عن حياتك ، ومشاكلك ، ربما كنتي محتاجة أن تتحدثي ، أن تخرجي ما بداخلك من هموم وتستريحي ، آسف آنستي ، لم يخطر ببالي أن سؤالي عن حياتك سيريحك ، خفت حينها أن تتهربي مني وتوقعت أنكِ لا تريدين الحديث عن حياتك الخاصة ، خفت أن أخسرك إن سألتك ، لذا لم أسألك عن شيء إلا بعد أن أتأكد أنك ترغبين في الحديث عنه ، ظننت أني بهذا التصرف أكسبك أكثر ، وأحافظ على علاقتي معك أكثر وأكثر ، وذهبت ظنوني هباءً كما باقي الظنون التي ذهبت مع رحيلك .
اعتصرنِ الألم فجأة ، أخذت هاتفي وكتبت : أحبك ، وتركت الكلمة تعبر عما بي من شعور ، انفجري في وجهي آنستي ، اصرخي ، أبكي ، ثوري ، أي شيء لكني محتاج لك هذه الليلة ، لتجددي أملي في لقائك من جديد ، ولترحلي بعدها دون أن أعرف ، ودون أن تخبريني متى سنلتقي من جديد ، فأنا أحبك ، ليس مثل ما أحببت من قبلك ، ولست طامعاً في مظهرك ولا ثروتك التي لا أعرف عنها سوى ما ترتدينه ، ولست طامعاً في جمالك ، فقد عرفت نساء ، أبهى وأجمل وأصغر منكِ ، ولست طامعاً في شهوة ، وأنا الذي شعر بجسدك يرتخي بين ذراعي أكثر من مرة ، فقط أنتِ آنستي ، بشخصيتك المتعالية ، ونفسك المتأففة ، وروحك الساكنة خلف جدرانها الخرسانية العالية ، لم يستهويني فيك ما أستهواني في النساء قبلك ، ولا فكرت أن افعل معك ما فعلته مع غيرك ، كان أجمل ما فيكِ أني وجد نفس تنساق إليك رغم خوفها وقلبي يتوق إليك رغم تحفظه ، وعيني ترغب في رأيتك ولو من بعيد .
أمسكت هاتفي مجدداً وكتبت لكِ : احبك ، وأنا اعرف أنك لن تردي على رسائلي ، لأنها الثانية بعد منتصف الليل ، وأنتِ لا تكتبين لي بعد الثامنة مساءً ، لكني شعرت بك وأنتِ ترفعين هاتفكِ وتشاهدين الرسالة وتبتسمين ، ثم تغلقين هاتفك وتخلدي للنوم وأنتِ مبتسمة ، تطاردني خيالاتي ، فربما لا تلتفتين للهاتف ولا تنظرين إليه من الأساس ، لكني أتخيل وأحلم وأتمنى أن يكون ما أتخيله حقيقة .
سنلتقي لا أدري لماذا انتابني ذا الشعور ، فقد صحوت من النوم يغمرني التفائل ، حملت هاتفي حينها وكأني متأكد أني سأجد به رسالة منكِ ، لا شيء ، لماذا أنا متفائل إذاً ، انتظرت علكِ ترسلين ، رسالة خلال النهار ، وذهب الانتظار ولم تأتي رسالتك ، وتوقعت أن ترسلي رسالة في المساء ، ولم تفعلي وذهب توقعاتي أدراج الرياح ، وتوقعت أن تزوريني في منامي كما فعلتي في الليلة الماضية ولم يأتي طيفك ليسلي خاطري ، وتوالت الأيام وانا أتمنى في كل يوم مثل ذلك ولم يتحقق شيء ، وبقيت ، أنتظر ، فقط أنتظر .
انقطعت رسائلك آنستي انقطعت تماماً كنت أتمنى أن أسأل عنك أي شخص فلي أصدقاء كثر في كل مكان حتى في بلدك لكن ما الذي سأقوله لهم وأنا أسأل عنك آنستي امرأة تقارب الثلاثين أسمها نور ، نور ماذا ؟ من أبوها ؟ ما أسمها الثلاثي ؟ كيف لي آنستي أن أسأل عن سراب ؟ سيضن من أسأله أني مجنون ، شيء واحد أملكه يمكنه أن يوصلني إليكِ ، رقم هاتفك ، فأنتِ بالنسبة لي نور وبجانبها بضعة أرقام ، فقط ، ولقاءان وبضع رسائل ، هذا كل شيء ، ليست هذه هي المشكلة ، بل المشكلة أني وقعت في حبك ، دون أن أشعر ، ودون أن احسب حساب ذلك .
سألت كارولين عنك ، فأخبرتني أنه لم يتم بينكما أتصال منذ زمن ، وطلبت منها أن تتصل بك مجدداً ، فلم تجد جواباً ، فهاتفك إما مغلق أو لا يجيب عليه أحد ، اكتشفت آنستي أنك لم تعطي أي أحد قابلته في لقائنا الأول بطاقة التعريف الخاصة بك ، فلا أحد يعرف عنك أكثر من أسمك ، نور ، يا لهذا الاسم ، هل هو حقيقي أم اختلقته لكي لا يعرفك أحد ، لكنه أسمك ، أنا متأكد من ذلك ، فقد سألت عنك في الفندق تلك الليلة التي رحلتي بها في لقائنا الثاني ، فعرفوك بمدام نور ، إذاً أنت حقيقة ، ولستِ من صنع خيالي ، ولستِ حلماً تكرر حتى ظننت أنه واقع ، وليس واهماً أني أحبك .
أنقطع كل شيء بيننا إلا الذكريات التي بقيت أحتفظ بها ولا أريد التخلي عنها ، مثلما جاء حبك سريعاً لقلبي ، ظننت أنه سيذهب سريعاً كذلك ، لكنه ظل أكثر مما توقعت ، ذهب الألم والضيق ، لكني بقيت أذكركِ بشوق ، وأتذكرك بشوق ، وأتمنى لقائك بشوقٍ أيضاً ، تركتي لي انطباعاً جميلاً فذكرياتك كانت جميلة ، إلا أنها كانت تنتهي بهروب ، وهنا وضعت أسالتي ، وهنا أيضاً لم أجد الإجابات ، إلا أني كنت أكرر في نفسي أمراً يصب لصالحك دائماً ، هو أن حذرك وهروبك الدائم مني كان نتاج خوف ربما لم يفرضه عليكِ أحد ، بل نبع من داخل نفسك آنستي ، حتى كلمة آنستي التي أكررها دائماً ، لا أضنها حقيقة ، بل أضن أنك مرتبطة ، ربما ، متزوجة ، ربما ، فتخافين أن ينهدم كل شيء أو ينهار كل شيء ، أو ربما أنتِ تحبين شخصاً آخر ، وشعرتي أن علاقتك معي سيعتبرها خيانة ، أو ربما تعتبرينها أنتِ خيانة لمن تحبين ، جعلني هذا التفكير أحترمك أكثر ، وأكرهك أكثر ، فلماذا اقتربتِ مني من الأساس هل كان في اعتقادك أني صديق ، فقط صديق ، لكنك منحتني مؤشرات كثيرة ، جعلتني انسج بسببها خيوط علاقة عاطفية ، ففعلت ما باستطاعتي لكي أتقرب منك .
مرت الحياة كما تشائين آنستي ، لا كما أشاء أنا ، فقد اقتربتِ مني برغبتك ، ورحلتي برغبتك ، لكني استمتعت بصحبتك ، فقد كان حبك عميقاً جداً ، لم تكوني امرأة عابثة ، تبحث عن شهواتها ، ولم تكوني تبحثين عن الحب ، لكنك وجدته أمامك ، فتعاملتِ معه بحكمة ، ومع من أحبك بلطف ، بالغ ، لدرجة أنكِ ، تركته دون وداع ، ودون أن تذكري له أي سبب ليلتمس لكِ الأعذار ، لم أخطأ حين قلت أنك نوع مختلف من النساء لم أقابله من قبل ، فأنتِ مختلفة عنهن كثيراً ، وما يجمع بينك وبينهن ، أن لك جسد امرأة ، وقلب امرأة ، ولطف امرأة ، ورغبات امرأة ، وجنون امرأة ، كل شيء ، مثلهن تماماً ، لكني أنظر إليك على أنك مختلفة عنهن جميعاً ، في كل شيء ، هكذا هي الحياة ، فالنساء كلهن يحملن نفس الصفات ، ولكن كل امرأة تكون مختلفة عن الباقيات في عين من يحبها آنستي ، مختلفة عنهن تماماً .
مرت الأيام سريعاً أنستي ، مرت دون شيء يذكر فالحياة تسير وأنا سائر معها سواء كنتي معي أو بعيدة عني ، عملي وبيتي ورحلاتي الكثيرة ، تمنيت أن ألتقيك في كل رحلة سافرت فيها ، وفي كل مطار نزلت فيه ، لكنك مثلما جئتِ من المجهول ، ذهبتي للمجهول ، ولا زلت احتفظ برقم هاتفك ، ولا زلت أتشوق لرسائلك ولقائك ، رغم علمي أنك لن ترسلي أي شيء وربما لن ألتقيك مجدداً ، قابلت نساءً كثيرات لكني كنت زاهداً فيهن قبل أن ألتقيك ، وبقيت زاهداً فيهن بعد أن ألتقيتك ، فلست أنتِ من منعني أن أكون أي علاقة ، بل كنتِ أنتِ استثناء ، لرغباتي التي كنت أكبتها تجاه أي امرأة تعجبني ، استثناء مجنون ، مثلك تماماً ، وكأنه قدري أن ألتقيكِ وأحبك .
تعرفين آنستي ، أنك أصبحتِ لي شيئاً جميلاً أفرغ فيه كل همومي ، أصبحتِ رفيقة ذكرياتي ، كأنك رمز ، اكتب كل يوم وكأني أحدثك ، لا لشيء ، فقط لأفرغ شحنات نفسي ، وأشرح رغباتها ، وأهوائها ، أكتب كل يوم وأحدثك كل يوم ، عبر أوراقي التي أجمعها ، دون أن افكر في إتلافها أو إعدامها ، لن تقرئي ما أكتب ، لكني احتاج أن أحدثك باستمرار ، يحتاج الرجل لامرأة يسكن إليها ، امرأة يشعر أنه يعود إليها لنفسه ، امرأة تختلف عن العالم الذي يتعامل معه ، فأصبحتِ أنتِ وسيلتي التي ألجأ إليها مع قلمي ، ولكن للأسف ، أصبحت مدمناً على ذلك ، أصبحت مدمنناً عليكِ أنستي ، لدرجة أني أشعر برغبتي الدائمة أن اكتب إليك كل شيء أشعر به تجاهك .
أنت صديقي
عام مضى على آخر لقاء تم بيننا ، وأقبل عام جديد ، بكل ما فيه من أيام تتكرر في أرقام متسلسلة ، تكرر نفسها كل شهر وكل يوم ، لكنه عام جديد أتى بأخبار جديدة ، فأنتِ قد ظهرتي فجأة في حياتي من جديد ، كما ظهرتي في السابق ، برقم جديد ومشاعر جديدة ، لا تحمل الحب ، كما تدعين ، بل تحمل الصداقة ، فقط تريدين صديق تستطيعين أن تثقين به ، فتذكرتني ، هذا ما قلته لي في رسائلك الجديدة ، لم أمنعك من ما تريدين ، لا لرغبتي أن أجدد العلاقة معك ، ولا لرغبتي أن أصل لما لم أصل له من قبل ، لكني منحتك الثقة التي تبحثين عنها ، لكي تشعرين بالسكينة ، ولكي تمنحيني السكينة ، فأنا محتاج لصديقة أيضاً ، مثلك ، تحمل نفس صفاتك ، وجنونك ، أحدثها ، وأشتكي لها ، لكن كيف سأحدثك عن نفسك ، وكيف سأشتكي لكِ منكِ ، لا أدري كيف سأحل هذا التناقض ، لكني أتوقع أن اكبت ما في نفسي لوقت طويل ، أكثر مما أتوقع .
عدتِ آنستي ، لتطرقي باب الذكريات ، عند شخص اعترف لك بالحب ، عدتِ لتقولي له أنه صديق تثقين به ، لا أدري كيف أفسر ذلك ، ربما هي وسيلة لكي تبرري بها هربك في السابق ، أو وسيلة لتتقربي مني من جديد ، والاحتمال الأضعف أن تكوني بالفعل تحتاجين لصديق تثقين به ، وتلجئين إليه حين تقسو عليكِ الحياة ، لكني لم أطلب منكِ حين عدتي أن تفسري أي شيء ، أو أن تفعلي أي شيء لتكفري عن ذنبك معي ، بل استمعت لكِ كما كنت أستمع في السابق ، وتحدثت معك كما كنت في السابق ، دون أن أتطرق لمشاعري ، تعرفين لماذا ؟ لأحقق رغبتك في أن أكون صديق ، فقط صديق .
عدتي أنستي ، بأسلوبك الناعم ، عادت تلك الرسائل الثلاث التي تبعثينها يومياً لتطرق باب هاتفي ، لتقول لي أنكِ موجودة في هذا الكوكب ، ولم تختفي بعد ، ولم امنع نفسي من أن أكتب لك هذه المرة بل كنت أكتب كل شيء إلى ما أشعر به تجاهك ، فأنتِ في قلبي ، ولست في لساني آنستي ، لذا من الأجدر أن تبقي في قلبي دون أن تعرفي أين أنتِ ، فلا استعداد لدي أن أقول أحبك من جديد ، فربما تهربين من جديد ، وتختفين كما فعلتي سابقاً ، كتمت تلك المشاعر ، لكي ترتاحي آنستي ، لكي تتحدثي ، لكي أعرف كل شيء عنكِ لم تخبريني به من قبل ، تحتاجين لصديق تتحدثين معه وتخرجين معه دون أن تشعري أنك ملتزمة تجاهه بشيء ، هذا ما قلته لي ، أليست الصداقة التزام آنستي ، لكن الحب التزام أكبر من الصداقة ، التزام ربما عرفتيه سابقاً فأتعبك ، لذا تتهربين منه .
عدتِ آنستي ترسلين لي الرسائل الثلاث ، وأحياناً كثيرة كنتي تتجاوزينها ، وتكتبين خمس رسائل ، أو ست رسائل ، أو أكثر من ذلك ، بعد الثامنة وقبل الثامنة ، وحتى الفجر ، ترسلين لي ، في كل وقت ، ثم تعودي لرسائلك الثلاث ، فلا تستطيعين الصمود ، فترسلين أكثر ، وتكسرين الحاجز أكثر ، وتتحدثين أكثر ، لكنك لا تشتكين ، ولا تتحدثين عن نفسك ، بل تتحدثين عن أمور شتى ، هموم صغيرة ، وأمور تحصل لك في العمل ، وأمور تضحكك ، وأمور تدغدغ مشاعرك ، وخواطر لطيفة ، تحمل شيئاً من الحب .
عدت أنا آنستي ، أهتم بهاتفي ، وأحمله معي في كل مكان ، وأنظر إليه كل حين ، أترقب رسائلك فتأتيني ، وأنتظرك ، فلا أطيل الانتظار ، وأرسل إليك ما أريد ، وما أتمنى من الحياة ، دون أن يعبر حديثي عن مشاعري تجاهك ، صنعت هذا الحاجز لكي تستريحي ، وتبني ثقتكِ بصديقك الذي أخترتِ ، صدقيني لا أريد أن تحبيني ، أو ربما لا أريد أن تخبريني أنك تحبيني ، فنحن آنستي نتشابه في أمور كثيرة ، فنضع الحواجز والحدود ، التي لا نتمنى وجودها من الأساس ، الحواجز التي تقيدنا دون أن نشعر ، على عكس ما نتمنى .
عدتي آنستي لتستعجلي وجودي معك ، وتطلبين أن نلتقي من جديد ، في أي مكان بعيد تشعرين فيه بحريتك ، بانطلاقك ، قلتي أنك تودين أن تتركي اللباس الرسمي في خزانة ملابسك ، وترتدين الجينز ، والقمصان ، تودين أن تنتعلِ أي شيء في قدمك لا تفكرين ماهي ماركته ، وتخرجين بلا ساعة ثمينة ، وتركبين المواصلات العامة ، وتتركين شعرك للريح ، أذكر حين فعلتي ذلك من قبل ، كنتي سعيدة ومتحررة من كل القيود ، حتى حديثك ذلك اليوم تغير ، تذكرين جيداً وترغبين أن تعيدي الذكريات ، التي كادت أن تتلاشى .
أخبرتيني بأنك ستختارين المكان الذي نلتقي فيه ، فلم ألبي رغبتك ، واخترت أنا أين سنلتقي فوافقتِ ، وحددت التاريخ الذي سنلتقي فيه ، فوافقتِ ، وتركت لك مدة اللقاء مفتوحة ، لكي تحدديها أنتِ ، لأعرف مدى اشتياقك لي ، ورغبتك في البقاء معي ، أريد أن أعرف في هذه الرحلة هل فعلاً عدتي لتجعليني صديقاً ؟ أم لأكون حبيباً ؟ فبعدها سأحدد ما نوع العلاقة التي ستتكون بيننا ، وسأعرف خفايا تلك النفس الغامضة التي تختبئين خلفها ، وسأعرف لماذا هربتِ في السابق ، ولماذا عدتي من جديد .
مشتاق للقائك ، ومشتاقٌ أكثر لأعرف من أنتِ ، اسمك الثلاثي ، مهم لدي ، عمرك الحقيقي ، هل سأناديك آنستي أم سيدتي ، لماذا تأتين ولماذا تهربين ولماذا تعودين ، ولماذا أنا من أخترتِ لأكون صديقك ، أولم تتعرفي على رجل سواي ، هل لم يعجبك رجل سواي ، أو قولي ، هل لم يستطع رجل سواي أن يكسب ثقتك ، لتسافري معه وتخرجي معه ، وتقتربي منه دون وجل ودون خوف ، هل ستتركين حذرك هناك في خزانة ملابسك مع لباسك الرسمي الذي لا تريدين أن تلبسينه في هذه الرحلة ، وأنتِ معي .
أسئلة كثيرة آنستي ورغبات كثيرة ، وأعرف أني ربما حين أراكِ سأصبح عاجزاً عن سؤالك عما دار بخاطري وأنتِ بعيدة عني ، ربما ينتابني ذلك الشعور الذي شعرت به في السابق حين التقيتك ، الخوف من أن ترحلي أو تهربي ، أو الخوف من أن أخسرك للأبد ، اعرف اني ربما أكون ضعيفاً أمامك ، لكني متأكد أنك ستكونين ضعيفة معي أكثر هذه المرة ، أكثر من السابق بكثير ، وستقتربين مني أكثر ، وستضحكين في كل وقت وفي كل حين ، حتى تنسي كل همومك ، وتتخلصي من حواجزك التي صنعتها بيننا ، وتتحرري من قيودك التي تكبلك ، ربما أنستي للأبد .
كان لقائنا هذه المرة مختلف فقد ألتقينا صدفة سابقاً ، والتقينا في موعد آخر في فندق ، وهذه المرة كانت محطة الترانزيت التي نزلت بها هي موعد لقائنا فجلسنا في الطائرة متجاورين ، أتذكرين ، أول شيء قلته بعد أن سلمتي علي : لا زال شعرك طويلاً ؟ ابتسمت حينها ، وتركتك تعبثين به ، ضحكت آنستي لأنك لم تتركي لباسك الرسمي في خزانة ملابسك ، ولم تتركي شعرك للريح ، فأخبرتك بذلك ، فضحكتي وقلتي : عندما نصل لوجهتنا ستجدني مختلفة ، لكني وجدتك مختلفة ونحن في الطائرة ، شيء فيك آنستي اختفى لم أجده ، خوفك وحذرك وترددك ، فقد أمسكتِ يدي في الطائرة أكثر من مرة ، لم ألفت نظرك لهذه المسألة حينها ، ولم أمنعك ، فأنا صديقك كما تدعين ، أتذكرين آنستي كم مرة نظرتي لي وأنتِ مبتسمة في الطائرة ، أنا أتذكر جيداً آنستي كم كانت ابتسامتك تنم عن السعادة ، وأذكر أيضاً أن يدك لم تعد باردة كما في السابق بل أصبحت دافئة .
أتذكرين حين بقينا أكثر من ساعة في المطار بعد وصولنا ونحن ننتقل من مكتب سفريات إلى مكتب آخر لنجد فندقاً مناسباً لذوقك ، وبعد كل هذا عدنا للإنترنت وحجزنا عبره ، لن ألحظ على وجهك الإرهاق ولا التعب ، ولم تطلبي أن نستعجل لكي نغادر المطار ، بل كنتِ سعيدة وتضحكين ، فكنتي تشديني من يدي تارة ، وتقتربي مني تارة أخرى ، حينها كنت أنظر إليكِ لا لصور الفندق ، استغربت من تصرفاتك ، لكني كنت سعيداً بذلك ، وتركتك تختارين بنفسك ، فطال الانتظار ، ورغم ذلك كنتِ مرحة ، مبتهجة ، دل اختيارك للفندق على ذوقك الراقي ، فحجزنا جناحين ، هل تذكرين حين سألتك : لماذا لا نحجز جناحاً واحداً لنا نحن الأثنين ، فتحت عيناك ونظرتي إلي ، وقلتي : لا ، لا يجوز ، ضحكت حينها وضحكتي أنتِ أيضاً ، ولم تقولي أكثر من ذلك ، ولم تغضبي ، ولم تبدو ملامح الضيق على وجهك ، لقد تغيرتِ آنستي ، تغيرتِ كثيراً .
لم أقصد أي شيء بكلمتي تلك ، لم اقصد إغوائك أنستي ، بل أردت أن أقيس مدى تقبلك أن أمزح معك بهذا الشكل ، أو تستطيعين القول أني أريد أن أرى ردة فعلك فيما سيكون ربما في المستقبل ، فكانت نظرة الاستغراب التي نظرتي لي بها ، جميلة ، رافقتها ابتسامة ، وأسلوب لطيف في الرد ، هل ستتقبلين آنستي أن نكون سوياً في غرفة واحدة غداً أو بعد غد ، أو في مستقبل الأيام ، هل ستقبلين أن تكوني شريكة فراشي مثلاً ، أو شريكة حياتي ، تصدقين آنستي كنت أتوقع أن يحدث ذلك الشيء في تلك الرحلة ، لا أدري لماذا ربما رغبتي في الاقتراب منكِ أكثر ، ربما ذلك الحب اللعين الذي جعلني أتوق إلى كل شيء له صلة بك ، لا أدري آنستي ، ولا ألوم نفسي ، فتلك كانت مشاعر ورغبات يشعر بها أي محب .
أتذكرين كان جناحانا متجاورين ، وانا ، لم أكن هادئاً ، ولم تستكين نفسي ، فسببت لكِ كثيراً من الإزعاج في أول يوم ، تذكرين ، كم مرة أتصلت بكِ ، بعد أن وصلنا ، خمس مرات أو ربما أكثر سبع أو ثمان مرات ، حتى تستعجلي الخروج ، فخرجتي أنستي وقد فككتِ شعرك , وارتديتِ ملابسك البسيطة ، قلتي : ترفق يا صاحب الشعر الطويل ولا تستعجلني ، أه اسألي نفسك أنستي لما لم تترفقي أنتِ بشخص أحبك ، وأهملته سنة كاملة دون عذر مقبول ، وعدتي لتقولي إننا أصدقاء فقط ، لا يوجد مجال أن يضيع أي وقت وأنتِ معي ، فالوقت كله لي ، ما عدى فترة نومك ، غير مسموح لكِ بغير ذلك .
تشابكت أيدينا منذ أو يوم خرجنا فيه سوياً ، كنتِ حريصة أنستي أن تبقى يدك بيدي ، وحريصة على أن تستمتعي بكل وقتك وأنتِ معي ، شعرت بذلك جلياً ، في كل تصرفاتك ، لقد تركتي لي كل القرارات ، وتركتني ارسم جدول إجازتنا كما أشاء ، فكانت إجازة مجنونة ، بها كثير من الرحلات وكثير من المغامرات ، وكثير من الجنون ، كنتِ مجنونة آنستي ، وكنت أنا مجنونك .
أتذكرين ، في أول ليلة كنا بها سوياً ، حين سألتني : هل تريد أن تشرب كأساً ، خطر ببالي أنك تريدين أن تشربي شيئاً من الخمر ، فسألتك ، فكانت أجابتك : أنا لا أريد أن أسكر لكن لا مانع لدي إن أردت أن تشرب ، حينها صحبتك إلى البار وشربت كأسين ، ثم خرجنا ، سألتني حينها : هل اكتفيت ؟ فقلت : نعم ، صدقيني أنستي ، لا أريد أن أصل لمرحلة السكر وأنتِ معي ، لا أريد أن أفقد أي ذكريات ، ولا أريد أن أفقد سيطرتي على نفسي ، فأقول ما لا أريد أن تعرفي ، فقط أنا مستمتع بصحبتك ، وهذا يكفي .
مر اليوم الثاني سريعاً ، وأنتِ معي ومر اليوم الثالث كذلك ، توقعت أن تغادري في اليوم الثالث ، فقد حجزت الفندق لمدة ثلاث أيام بناءً على رغبتك ، لكنك لم تذهبي ، بل قلتي : أين سنذهب ؟ ألتفت إليك حينها وقد بدت ملامح الدهشة على وجهي ، تذكرين ماذا قلتي ، أه مما قلتي ، وأه من قلب لا يهدأ إن كنتِ معه أو بعيدة عنه ، قلتي : صدقني لن أغادر حتى أخبرك عن موعد رحيلي ، كنت أود أن أحتضنك حينها ، كن بودي أن أصرخ وأقول أحبك ، لكني كتمت سعادتي في نفسي ، فأنتِ ، أنتِ ، ربما لا تستطيعين أن تستوعبي مدى سعادتي بذلك .
تغير الفندق ، وتغير المكان ، ولم يتغير شيء في علاقتنا ، بقينا أصدقاء ، رغم أن تصرفاتك أصبحت تحمل شيئاً من الدلال ، وشعرت برغبتكِ أن تسمعي كلاماً لطيفاً مني ، نظرتك أوحت لي بذلك وتصرفاتك ، قليل من الغنج ، وقليل من اللطف ، وقليل من الحنان ، يكفيان أن أحدثكِ ، بلطف وأتغزل بك طوال الرحلة ، لكني كنت لطيفاً ، وودوداً ، وعاطفياً دون أن أصرح لحبيبتي بأي شيء عن حبي ، صحيح أني ، تغزلت بك ، ولاطفت وجهك بأصابعي ، لكني لم أكسر ذلك الحاجز حبيبتي ، وحين أريد أن أكسره ، لن أنتظر حتى تسمحي لي بذلك ، بل سأفعله دون أذنك ، وستتقبلينه ، كما تقبلتِ كل تصرفاتي في تلك الإجازة ، لكني لم أفعل ولم أخبركِ أني أحببتك من كل قلبي ، وأني ربما وصلت لمرحلة عدم التحكم في مشاعري حين أراك ، كان كتمان مشاعري متعباً جداً أكثر مما تتصورين ، أكثر بكثير ، لكني كتمتها .
أسبوعاً كاملاً قضيناه سوياً مر كأنه ساعة ، لم أشعر بتتابع الأيام ، ولا انقضائها إلا حين ، عرفت موعد رحيلك ، هنا عادت الساعة لتعمل ببطء ، واكتشفت أنه لم يبقى لي من الزمن معك الكثير ، أذكر أنك بقيت تلك الليلة معي ، وفضلتي أن تكون فترة راحتك في الطائرة ، وأذكر أنك بكيتي تذكين تلك الدموع التي نزلت من عينيك بسبي ، كدت أبكي آنستي ، بسببك ، فأنتِ تعنين لي الكثير ، لكن كعادتها ، دموعي لم تنزل ، وما كنت لأسمح لها أن تنزل ، فلا معنى للبكاء لدي ، فأنتِ راحلة بكيت أم لم أبكي ، ولا أدري متى سأراكِ ثانية ، ورغم ذلك أنا متأكد أنك مختلفة كل الاختلاف عن السابق ، ومتأكد أكثر من أننا تجاوزنا مرحلة الصداقة المفتعلة التي طلبتِ أن تتكون بيننا .
احتضنتك مرة واحدة وأنتِ تغادرين ، لم أقبلك كما فعلت في السابق ، لا أقول اني لم أفكر أن افعلها ، بل فكرت كثيراً ، لكني لا أريد أن أعكر صفو صداقتك ، أردتك أن تحققي ما طلبته ، ورغم أني شعرت بقربك مني ، وبرغبتك في ما أرغب ، إلا أني كنت عند وعدي لك آنستي أن نكون أصدقاء ولا تتجاوز صداقتا ذلك الحد ، أليس هذا ما تريدين ، وها هو قد تحقق ، فاستمتعتِ برحلتك ، ولم تتقيدي بأي شيء ، فصديقك ، كان وفياً كما توقعتِ ، ولم يتهور ، ولم يستغل لحظات ضعفك ، تعرفين لماذا آنستي كل هذا الصبر ؟ من الأكيد أنك تعرفين ، ومن الأكيد أنك كنتِ تتمتعين وأنتِ بجوار شخص يحبك من كل قلبه ، دون أن يطلب منكِ أي شيء .
عشت معك سبعة أيام لم أعشها من قبل ، فشكراً يا صاحب الشعر الطويل ، ضحكت وأنا أقرأ الرسالة ، فأنا شخص أستطاع أن ينسيكِ الدنيا سبعة أيام ، وأستطاع أن يعلمك ما معنى الاستمتاع والبهجة والضحك والمرح والسعادة والسرور ، لسبعة أيام لا أكثر ، ربما أكون في نظرك صاحب الشعر الطويل ، الذي احتقرته أول مره ، وضعفتي أمامه ثاني مره ، وشعرتي بالأمان معه ثالث مرة ، لكنك في الثلاث مرات رحلتي وتركته ، لا يهم صدقيني إن كنتِ رحلتي وهو لا يعلم أو وهو يعلم بموعد رحيلك ، فقد رحلتي آنستي ، وتركتيه خلفك ، يقلب أوراقه ويملئها بتلك الحروف التي تسألك ، تستعطفك وترجوكِ أن لا ترحلي ، فربما لا تجدين صاحب الشعر الطويل على حاله الذي تركتهِ عليه .
لم أتوقع أن يكون لقائي قد أثر فيكِ لدرجة أنك بعد أسبوع طلبتي مني أن نلتقي مجدداً ، لم أتخيل هذا أبداً بل توقعت أن تغيبي عاماً آخر ، وتخرجين بعذر جديد ، تجددين به صداقتنا كما تقولين ، توقعت أن تسليتك معي انتهت ، لكن التعيير الذي رأيته جلياً في كل شيء وأنتِ معي يبدو أنه حقيقي ، فأنتِ مختلفة عن السابق كثيراً ، لقد تحدثتِ معي بعد أن عدنا من رحلتنا أكثر من مرة ، وطلبتي مني أن اتصل بك وقت أشاء ولا أتردد في ذلك ، لم تطاوعني أناملي لكي أضغط على زر الاتصال ، ولم تطاوعني نفسي أن أمنحك ما تريدين ، وقد فهمتي مقصدي من عدم الاتصال بك رغم أن سماع صوتك يسعدني آنستي ، لكني لم أفعل ، بل بقيت أرسل لك الرسائل فقط ، أضن أنك فهمتي أني ما كنت لأسمح لنفسي بفعل ذلك لأحقق رغبتك ، ولا أن أكسر كبريائي .
نعم آنستي أتصلي بي وقت تشائين وتحدثي عما تريدين ، ولا تمنعي نفسك من ذلك الأمر ، فما تفعليه يسعدني بلا شك ، ويسعدني أيضاً أن أراكِ تهتمين بي ، ويسعدني أيضاً أن تلاحظي أني أحبك ، ويسعدني أني سألتقي بك مجدداً بعد أيام قليلة ، رغم أنه لقاء قصير لا كنه يثبت لي مدى تعلقكِ بي ، وشوقك للقائي ، فأنا أيضاً مشتاق لكِ ، ومتعلق بك أكثر من ذي قبل فلم تعودي لي حبيبه فقط ، بل صديقة أيضاً .
صديقتي ، جميلة هذه الكلمة ، جميلة أكثر مما تتوقعين ، فقد أصبحت تعني لي أنك عدتي ، وأنك لم تنسيني ، وأنك امرأة مميزة ، وقعت في حب صديقها الذي اختارته من دون كل الأصدقاء ، وتعني لي أيضاً ، اني سألتقي حبيبتي أو صديقتي في أي وقت وسأحدثها في أي وقت وستحدثني في كل وقت ، ابقي صديقتي ، ولا ترحلين ، ربما أخطأت في السابق حين أخبرتك أني أحبك ، ربما كنتي فعلاً تبحثين عن صديق تلجئين إليه ، فوجدتِ شخصاً أحبك بسرعة ، وحاول أن تحبيه أيضاً بسرعة ، وحاول أن يقترب منك بسرعة ، جعلته يكاد يخسرك للأبد .
ما العجب أن نكون أصدقاء ، هل تعرفين آنستي ، العجب كل العجب في نظري ، أن تطلبي من شخص يتعامل معك بقلبه أن يتعامل معك بعقله ، فيفكر ألف مرة حين يقترب منك ، ومثلها حين بنظر إليكِ ، وأكثر حين يشتاق أن يشعر أنك حبيبته ، تعرفين آنستي كم عانيت في رحلتنا من هذه الأمور التي ربما تبدو لكِ صغيرة ، لكنها متعبة بالنسبة لي ، فكيف امنع نفسي من فتاة أحببتها ولا أحاول إغوائها واستمالتها ، لا لكي تقع في المحظور لكن على الأقل أن ترضي غروري كرجل ولو ببعض الكلمات التي أتمنى أن أسمعها ، ومتعبة بالنسبة لي أن لا أقول أي شيء لفتاتي التي أحبها من كل قلبي ، كثيراً من الأمور دارة في نفسي ولم أجعلكِ تشعرين بها ، لكي تستمتعي بوقتك ، وصدقيني أني أنا أيضاً استمتعت بوقتي معك أكثر مما كنت أتصور وضحكت معكِ ، ولعبت معكِ ، ومشيت معك ، واستمتعت بيدك وهي تستقر في يدي ، دون أن أطلب ذلك ، واستمتعت أيضاً ببكائك وأنتِ تودعيني ، كل هذا وأنا صديقك ولست حبيبك .
طلبتي مني أن نلتقي وها أنا ذا أستعد للسفر ، لن يكون لقائنا طويلاً هذه المرة بل سنلتقي على مائدة عشاء وسنجلس بعدها سوياً لبعض الوقت ، لن تسهري معي حتى الصباح كما كنت تفعلين في السابق ومع ذلك أنا مسرور أن نلتقي مجدداً ، فجأت لك بكل الشوق الذي بداخلي ، جئت مندفعاً يملئني الحنين ، فوجدتك آنستي متألقة كما أنتِ دائماً بلباسك الرسمي ، ونظرتك الجميلة ، وشوقك الذي جعلك تطلبين لقائي ، بدى على وجهك وفي عينيكِ وفي حديثك ، كنتِ سعيدة وأنتِ تمسكين يدي قبل أن نتناول العشاء ، أصبحت يدكِ دافئة حبيبتي ، وأصبحت نظرتكِ أكثر عمقاً من السابق .
أتذكرين آنستي ملامحك حين سألتك : هل تحبيني ، حين أمسكتِ يدى قبل أن نتناول العشاء ، ابتسمتِ ، وهززتِ رأسك بنعم ، كانت لحظة سعيدة بالنسبة لي ، كان بودي أن أمنحك الدنيا كلها ، كم انتظرت هذه الكلمة أن تخرج منك وأنتِ مبتسمة ، لا عابسة ولا متضايقة كما قلتيها في السابق ، فاللحب طعم لذيذ ، لا يدفع للحزن ولا البكاء ، بل يدفع صاحبه للانشراح والسعادة ، في السابق قلتي : أحبك وأنتِ متضايقة ، وتركتني ، أما هذه المرة ، ابتسمتِ وضحكتي ، وتصرفتِ بصبيانية ، واحتضنتني بعد أن خرجنا من المطعم كأن لم تحتضنيني من قبل ، تذكرين تلك القبلة التي منحتينِ إياها حبيبتي ، تذكرين كم دامت ، فأن لا أذكر ، فقط ما أتذكره طعم شفتاكِ ، ودفئ جسدك ، ورغبتك في احتضاني .
غادرتي بعد أربع ساعات من لقائنا ، وغادرت أنا بعدكِ بساعتين ، حدثتني حتى ركبتي الطائرة ، وحدثتني بعد أن وصلتي ، وحدثتينِ بعد أن وصلت بدقائق ، قلتي كلاماً كثيراً ، وأشياء كثيرة ، فتحت لي قلبكِ ، لم أسمعك تتحدثين هكذا من قبل بل لم أتوقع أن تتحدثي هكذا ، فأن تعبري عن مشاعركِ بصراحة وتقولي أني أعجبتك من أول مرة رأيتني فيها ، لم يكن ذلك يخطر ببالي ، ولم يخطر ببالي أن تحبيني بعدها ، لكنكِ آنستي وقفتي عند نقطة لم تتحدثي بعدها ، تذكرين حين سألتك ، عن لقائنا الثاني ، حين قلتي أحبك ، وأنتِ متضايقة ، وابتعدتِ عني ، ثم غادرتي دون علمي ، كان مهم بالنسبة لي أن اعرف تلك الأسباب التي كانت ستدمرني ، لكن لم تخبريني ، ورجوتني أن لا أسألكِ عنها ثانية ، وقلتي : ألا يكفي أني أحبك ، بلا يكفي آنستي ، لكن يبقى زمن محير في نفسي ، لا يضرني إن لم اعرف عنه شيئاً ، ولكن لا يسعدني أن يبقى بيني وبين حبيبتي زمن مجهول يشاغلني .
نعم آنستي ، أصبحتِ ممتعة بالنسبة لي حديثك ضحكاتك ، وقتي الذي أصبح ملكك ، تحدثيني دائماً وتسألين عني دائماً ، شغلتي كل وقتي ، وطلبتي لقائي مجدداً ، سألتني حينها : ما المدة التي تريد أن نقضيها سوياً ، قلت : شهر أو أثنان ؟ قلتي : لا أستطيع ، كنت أعرف ذلك ، ثم عدتي لتخبريني أنه من الممكن أن نقضي أسبوعاً أو أثنان معاً لا أكثر ، ستكون هذه هي المرة الثالثة التي سنقضيها خلال هذا الشهر سوياً قصرت المسافة بيننا كثيراً ، واقتربت مشاعرنا كثيراً ، وكبر اشتياقنا لبعضنا ، فلا نستطيع أن نفترق فترة طويلة ، هذا ما كان واضحاً من تصرفاتنا ، وواضحاً من لقاءاتنا التي أصبحت تتكرر .
من الممكن أن نكون سوياً إن شئتِ ، يمكنك أن تكوني سيدتي ، وحبيبتي ، وكل شيء ، ويمكنني أن أهبكِ وقتي كله ، وعمري كله ، وكل شيء تريدينه مني ، هل تتزوجيني ؟ أضن أنكِ ستكونين سعيدة وأنتِ تسمعين شخصاً يحبك يطلب منك الزواج ، لكني أجلت ذلك الأمر حتى ألتقيكِ وأرى ما ستكونين عليه في هذه الرحلة ، وما ستفعلينه بعد أن أصبحت حبيبك الذي تشتاقين إليه .
التقينا في الطائرة مرة أخرى وجلسنا بجوار بعضنا ، وكنتِ قد منحتني قبلة حين التقينا ، فأنتِ حبيبتي في قمة الشوق ، كما أنا ، وتريدين أن تعرفي كل شيء كما أنا تماماً ، لم أنم في الطائرة ، لكن أنتِ نمتِ في الطائرة نوماً عميقاً ، وبدأت متعتك منذ لحظة وصولنا ، وقد رتبت كل الأمور مسبقاً ولم أترك لكِ الخيار آنستي ، ولم أتوقع ردة فعلك ، حين عرفتي أن أقامتنا كانت مشتركة في فيلا شاطئية ، حينها ألتفتي لي وقلتي : أنت مجنون ، تذكرين حين شددتك من ذراعك ثم احتضنتك وقلت لك : لا تخافي فقط أنا محتاج أن أكون بقربك ، أذكر دموعكِ التي نزلت قبل أن تقولي : وأنا أيضاً أحبك من كل قلبي ، مسحت دموعك وقبلت شفتاك المرتخيتان ، وهمست في أذنك ، هل تقبلين أن نتزوج ، شعرت بالراحة تتسلل لصدرك وابتسامتك التي خالطت دموعك ، قبل أن تقولي : انتظر يجب أن تعرف من أنا قبل أن نرتبط ، فربما تغير رأيك حينها .
تركتك لتستحمي وتغيري ملابسكِ ، وجلست أفكر ما الذي سيجعلني أغير رأيي في علاقتنا ، فأنتِ حبيبتي ، ومهما علا شأنك فأنتِ امرأة ، جاءت إلى هنا لتقابل حبيبها ، وأنتِ تملكين كل الفرص باستقلاليتك التي ألاحظها كل مرة ، أنتِ مستقلة تملكين قرارك ولا يشاركك فيه أحد ، ما الذي سيجعلني أغير رأيي أنستي ، وقد ماتت كل عادات العرب القديمة في هذه المجال ، وأصبح من النادر أن نسمع عن أب يرغم أبنته على الزواج ، ما الذي يمكنني أن أخافه ، وأنتِ تحملين أسماً عادياً كبقية أسماء سكان الارض ، ما الذي يمكنه أن يجعلني أغير رأيي ، وأنا غير مهتم بماضيكِ إن كان لكِ ماضي ، فتاريخك يبدأ معي ، لا أدري ما الذي ستقولينه لي حين تخرجين من غرفتك ، لكني متأكد أن كل هذا التأخير كان مرحلة تفكير قضيتيها في غرقتك ، تمددت على الأريكة وأنا أنتظرك فغالبني النعاس فنمت واستيقظت بعد اربع ساعات ، التفت حولي أبحث عنكِ فلم أجدك ، بدأت أناديكِ ، فلم تردي ، صعدت للأعلى ، دخلت غرفتك ، ولم تكوني موجودة ، بحثت عنك عند حمام السباحة فلم أجدك ، وكانت السيارة كما هي في الكراج لم تتحرك ، ادركت حينه أنك رحلتي ، جلست على سلم المدخل وضعت وجهي بين كفيي وبكيت ، هل تصدقين أني بكيت ، آنستي من أجلك ، لم أبك من أجل امرأة غير أمي ، لكني بكيت من أجلك ، أو ربما بكيت حزناً على حالي ، فبعد كل شعور يثبت لي أنكِ قريبة مني ، ترحلين لماذا ؟ .
كانت يدك لطيفة وهي تلامس كتفي وأنتِ تقولين : أحمد ، نظرت إليك وقلت : لم ترحلي ، فقلتي بعد أن جلستي بجاري : ذهبت لأشتري بعض الاحتياجات فلا يوجد شيء في ثلاجة المطبخ ، قطعت كلامك وسألتك : أين حقيبتك ، فقلتي : وضعتها في الخزانة بعد أن رتبت ملابسي ، ثم نظرتي إلي وقلتي : هل كنت تبكي ، لم أجب على سؤالك بل واصلت النظر لعينيك ، كنتي مغرية ، قبلتك كما لم أقبل امرأة من قبل ، وتركتني ألهو بشفتيكِ كما أشاء ، حتى قلتي : أحمد أرجوك ، نظرت إليكِ حينها ثم عدت لأقبلك دون أن أعطي أي اهتمام لرجائك .
لا زلتي خائفة أنستي ، قرات ذلك في طريقة ابتعادك عني ، فقد ابتعدتِ بسرعة وكأن شيئاً سيحدث ، لحقت بك ، شددتك من ذراعك ، صرختي في وجهي : يجب أن تعرف ظروفي أولاً ، نظرت إليك بغضب وقلت : غنية أنا أيضاً غني ، بنت عائلة محترمة ، وأنا لا أقل عنكِ شأنناً في هذا عنكِ ، ما الوضع الاجتماعي الذي تتحدثين عنه ، نزلت دموعك وأصابتكِ حالت بكاء هستيرية احتضنتك حتى هدأتي وحينها تكلمتِ بهدوء وقلتي : أنا متزوجة ، لم يكن الأمر مفاجئاً لي لكنه سبب لي نوعاً من الصدمة ، ضحكت حينها لا من سعادة بل من ضيق ، وانتابني شعور غريب ، حين قبلتك من جديد واستسلمتِ لتلك القبلة ، طالت فترة الجنون آنستي أتذكرين ، حتى وصلنا للسرير ، وسقط كل شيء بيننا ، كنتِ سعيدة جداً ، عنيفة جداً ، كأنك لم تلتقي رجلاً على سريرك منذ زمنٍ طويل .
كنت أتابع التلفاز حين أنهيتِ استحمامك وخرجتي لتجلسي بجواري ، منحتني قبلة لطيفة على خدي وقلتي : أحمد يجب أن أخبرك بأمور كثيرة ، قلت : قولي كل ما تريدين حبيبتي ، قلتي : لن اشرح لك سبب اهتمامي بك ؟ ولا سبب تمسكي بك ؟ ولا لماذا أحببتك ؟ لكني سأخبرك بشيء يجب أن تعرفه ! لكي تلتمس لي الأعذار ، فالمشكلة ليست في عائلتي أو مدى غناي ، بل المشكلة تكمن في من هو زوجي ، فزوجي رجل مهم جداً ، وقوي جداً ، ليس بدنياً ، بل نفوذه قوي ، أقوى مما تتوقع ، وأنا لا أستطيع فعل الكثير في حضوره ، بل لا أستطيع فعل شيء يعارض رغباته ، فهو يمسكني من رقبتي ، ولا أقصد بكلامي أنه يتعامل معي بعنف بل بكل لطافة ، لكنه يستطيع أن ينسفني أنا وعائلتي إن أراد ذلك ، لقد تزوجني وانتشلني أنا وأسرتي من الفقر الذي كنا نعيش فيه ، وما تراه الآن كله من فضل ذلك الرجل ، لكن حياتي لم تكن سعيدة وأنا أتزوج رجل يكبرني بأكثر من اربعين سنة ، كنت صغيرة حينها في السابعة عشر من العمر ، سعدت بالمال في البداية فقد حقق لي كل رغباتي ، وأصبح وضعي الاجتماعي والمالي محترم ، لم يبخل علي ذلك الرجل بشيء ولم يقصر في شيء ولبى كل رغباتي ، لكني كنت افقد شيئاً احتاج إليه ، الحب العاطفة ، بمعنى آخر حبيب أجلس معه برغبة وأقبله برغبة ، وأنام معه برغبة ) ، نزلت دموعك بغزارة تبكين وتقولين : لقد خنت زوجي الليلة ، خنته بسببك ) ، تركتك تبكين آنستي حتى هدأتي ثم قلتي : كنت أهرب من هذه اللحظة منذ أن قابلتك ، لكن قلبي كان يعيدني إليك ، أنت شيطان لكني أحبك ، احبك من كل قلبي .
هذا ما قلته بالتحديد لم أنسى منه شيئاً سيدتي ، بل أني أتخيله وأذكر تفاصيل وجهك وتعابيره وأكاد أحصي عدد الدموع التي نزلت من عينيكِ لم أتخيل أن تكوني هكذا ، لم أتخيل أنك استطعتِ أن تكبحي جموحك تجاه الرجال اربعة عشرة سنه دون أن تكوني علاقة مع رجل بسبب امتنانك لزوجك ، هذا ما يمنعك سيدتي لا نفوذ زوجك ، أنت ممتنة له ، وله كل الحق في ذلك ، نعم له الحق ، فلو كنت مكانه لما قبلت أن تخونني زوجتي ، ولا أن تعرف رجلاً سواي ، لكني أيضاً اقع في هواجس عميقة ، وأشواقٌ عميقة ، فأنا أيضاً أحبك من كل قلبي ، كما أنتِ تماماً ، وربما أكثر ، ولا أستطيع أن أستغني عنك تحت أي ظرف من الظروف ، بعد أن وصلنا لما نحن فيه الآن ، لقد أصبحتِ سيدتي ، وإن لم يكن بطريقة شرعية لكنكِ فعلت ذلك من أجلي ساعدني في ذلك حبكِ لي ورغباتك الأنثوية ، لم أسألك عن أسم زوجك ، ولا مكانته ، لا أحتاج لذلك ، بل أنا محتاج لك أنتِ ، محتاجٌ لحبيبتي .
سألتك بعدها عن أشياء كثيرة ، وأجبتِ عن كل أسئلتي دون تردد ، ودون حذر ودون خوف ، كل شيء أصبح مكشوفاً أمامي ، أنتِ حبيبتي ، أنتِ سيدتي ، الآن اقسم على حبكِ لي ، أقسم أيضاً على حبي لكِ ، عدنا للفراش تلك الليلة وكل ليلة ، قضيناها معاً كانت كليلتنا الأولى عنيفة ، أتذكرين سيدتي ، أسبوعان قضيناهما معاً كأنهما يوم واحد ، كنتِ خائنه وكنت خائن ، لكننا كنا سعيدين بتلك الخيانة ، سعيدين لحد أننا نسينا أنفسنا ، ولم نفكر في شيء آخر سوانا ، أذكر أني لم أرى دموعك بعد الليلة الأولى إلى عندما ودعتني لتعودي لزوجك ، فكان لقائنا بين دموعٍ ودموع ، هكذا هي الحياة سيدتي لا تمنحنا ما نريد منها ، بل ننتزع ذلك الشيء انتزاعاً ، وهكذا فعلت أنا فانتزعتك من أحضان زوجك لتكوني في حضني لمدة أسبوعين كاملين .
أعرف انك تشعرين بالذنب أكثر مني وتأنبين نفسكِ وتلومينها أكثر مني بكثير ، وربما أنساكِ قلبكِ وأنتِ معي ذلك الشعور وسينسيك شوقكِ لي ذلك الشعور بعد أن ترحلين ، لكننا مخطئون ، في حق أنفسنا ، وفي حق الرجل الذي اقترن بكِ ، ربما تستغربين أن تسمعي هذا الكلام من رجل كان في السابق عربيد ، وزير نساء ، لأخبرك ما الذي جعلني أترك تلك الأمور سيدتي دون أن يضغط علي أحد ، ودون أن تستطيع امرأة أن تمنعني من ما كنت أحب في السابق ، تذكرين حبيبتي المرأة التي أخبرتك أني أحببتها ، ودمر علاقتنا غيرتها الزائدة ، تعرفين لماذا رحلت عني ، لأنها كانت تعرف أن لي في كل مدينة أحل فيها امرأة آوي إليها ، ولم تجد ما يثبت شكها ، مع أني لم أخنها منذ أن أقترنا ، تصدقين آنستي أنها خانتني لكي تنتقم مني ، لأن شكها كان أكبر من أن تصدقني ، هل تعرفين الألم الذي شعرت به بعد أن عرفت خيانتها ، لا تستطيعين أن تشعري بما يشعر به الرجل تجاه المرأة حين يعرف أنها خانته بقلبها وجسدها ، فللقلب خيانة سيدتي ، كما للجسد خيانة ، آه من الخيانتين ، فكلاهما احقر من بعض ، فخيانة الجسد ، تجعل المرأة لا تستكين لزوجها في الفراش ، وخيانة القلب لا تجعلها ترغب في أن ترى زوجها ، يصبح كل ما يطلبه منها مفروض ، ويصبح هو أبعد أنسان عنها ، رغم وجوده معها .
استطيع سيدتي أن أتكلم عن الخيانة كثيراً لكني أريد أن أعترف لك بشيء تمنيت أني لم أفعله ، عندما قلتي أنك متزوجة ، أصابتني صدمة لكن لعنة الخيانة ، دفعتني أن أفعل معك ما فعلته مع ألف امرأة غيرك ، فللخيانة طعم لذيذ سيدتي ، لكنه يدمر من يقترب منه ، مخدر يشعرنا باللذة كلما نتناوله ، لكنه يدمرنا فيما بعد ، أنا وأنتِ مشينا في هذا الطريق ولا أدري لأين سنصل سيدتي فقد بدأنا الخطوة الأولى ، فإما أن نفترق لنستريح ، أو نستمر لنحافظ على ذلك الحب الذي ولد بيننا ، الحب الذي جعلني أنتظرك أكثر من سنة ، وجعلك تعودين إلي وتختلقين الأعذار والمواقف لنلتقي ، فأنا وأنتِ قد تحقق حلمنا ، ويا ليته تحقق في شيء أفضل مما وصلنا إليه .
بعد أن عدنا من رحلتنا الأخيرة بثلاثة أيام ، تحدثتِ معي عن لقاء جديد ، لقاء يجمعنا في مكان لا يشاركنا فيه أحد ، وأنا مثلك أتمنى أن ألتقيك في مكان لا يشاركنا فيه أحد ، أريد أن أستمتع مع حبيبتي ، حتى أثمل ، فأنتِ كأسي المحرمة التي أشتهيها ، و ألتقينا سيدتي ، ألتقينا بكل مشاعرنا وحبنا ، وجنوننا ، فقط ليلة واحدة ، تستطيعين أن تجعليني فيها مجنوناً أكثير ، وعاشقاً أكثر ، فأنتِ لعنتي التي خلقت لتقتلني ، لعنتي التي أدمنها أكثر كلما أتذوقها ، يقتلني إحساسي بحبك لي وشوقك لي ورغبتك لكل شيء معي ، كان لقائنا حميماً لأبعد مدى ، جميلاً جداً ، لكننا لم نبحث عن الحب ، بل أصبحنا نبحث عن مستقر الحب الأخير ، نبحث عن فراش يضمنا سيدتي ، هل تصدقين ، أصبح حبنا على الفراش ، أكثر من أي شيء ، فبعد أن دمرنا ذلك الحاجز ، أصبحنا مدمنان على تحطيمه كل مره ، ليلة نلتقي فيها ، فتأوين إلي وأنا آوي إليكِ ، يدفعنا ما يدفعنا لا نفكر ولا نريد أن نفكر في صواب أو خطاً ، أصبحت الأنانية سمة مشتركة بيننا .
عرفت عنك الكثير في الآونة الأخيرة ، بل عرفت عنكِ كل شيء سيدتي ، لم تبخلي علي بأي سر كنتِ تكتمينه عني ، لا عنك فقط بل حتى عن زوجك وأسرتك وأسرته ، كل شيء قلتيه لي بتفاصيله ، كشفتِ كل أوراقك أيتها العاشقة ، ولا أدري لما كنت أدقق على التفاصيل وأنتِ تتحدثين معي عن أمورك الخاصة ، تصدقين أني مهتم بكل شيء يتعلق بك ، بل أني أود معرفة التفاصيل الأدق ، التفاصيل السرية في كل أمر ، أريد أن أعرف كل شيء وأي شيء له علاقة بك ، فضول كبير يدفعني لهذا الأمر ، ربما تكونين أنتِ السبب ، لأنك لم تتكلمي معي عن نفسك في السابق ، أو ربما ، أقول ربما أحاول بكثرة أسئلتي أن أتغلغل في تفاصيل حياتك ، فلا يبقى مجال مخفي تختبئين ورائه أو تجعلينه سبباً لترحلي في يوم من الأيام .
هل تدركين مدى خوفي من رحيلك سيدتي ، هل تدركين مدى تعلقي بكِ ، مدى حبي لك ، ربما تدركين ذلك ، لكن من الأكيد أنك لن تعرفي مدى ذلك الحب الذي يشاغلني ، فأنتِ لدي لستِ امرأة عادية ، بل أنتِ كل النساء ، ولا أنتِ حبٌ عابر ، بل مستقر قلبي ، وبصري ورغبتي ، لقد عانيت في السابق ولم يكن بيننا الكثير فكيف ستكون معاناتي لو رحلتي بعد أن أصبح بيننا الكثير من الأمور ، والكثير من العواطف والمشاعر المشتركة ، وأكثر من ذلك لقد خنتي زوجك من أجل قلبك ، وتركت دنياي من أجلك ، فلا تجعليني أشعر في يوم من الأيام أن كل شيء حصل من أجل رغبة مجنونة لا تدوم طويلاً .
كل الهوى سيدتي ، أنتِ ، وكل الحب ، أنتِ ، وكل الجنون ، أنتِ ، فلو أني أمتلك القوة التي تمكنني من أن انتزعكِ من ذلك الرجل الذي يمكن أن أدعوه والدك أكثر مما هو زوجك ، وأزرعك في كل مكانٍ في دنياي ، وكل زاوية في حياتي ، لفعلت ذلك دون تردد ، لكني لا أملك سوى قلبي الذي ينتظرك بين حين وآخر لكي تكوني معه على طاولة عشاء ، أو ليلة في فراش أحد الفنادق ، صدقيني سيدتي أحتقر نفسي ألف مرة حين ألتقيك على سرير أي فندق ، تعرفين لماذا ؟ لأني أعتبر أنكِ ، أرقى من ذلك وأسمى ، فمثلك سيدتي ، تستحق قصراً تأمر فيه الدنيا فتأتيها ، وتشير فتتحقق رغباتها ، وزوج يعشقها ، بكل ما في العشق من جنون ، تستحقين في نظري أكثر من هذا ، فلو أردت أن أصفك ، فسأقول أنكِ دنياي التي بحثت عنها منذ مراهقتي ، ولم أجدها إلا بعد أن وصلت الأربعين من العمر ، ذلك الحلم الذي كان يراودني ، عن امرأة تكون مأواي الأخير ، وملجأي الأخير .
خطر في بالي أمر سيدتي ، لماذا لا تنفصلين عن زوجك ، ونتزوج ، وقررت أن أفاتحك في ذلك الموضوع ، ألم يكتفي ذلك الشيخ منك بعد ، ألم تلبي رغباته أكثر من عشر سنين عشتيها تحت أمره ، تحققين كل رغباته ، لقد منحك الكثير سيدتي ، لكن الكثير الذي تتكلمين عنه ، لا يساوي عمرك الذي تضيعينه مع رجل أعطاك كل شيء ليستمتع بك لا أكثر ، فلا حب بينكم ، وحتى الفراش لا أضن أن ذلك الكهل الذي ربما اقترب من السبعين في العمر يلبي رغباتك حين تأوين إليه ، فلماذا يتمسك بك ؟ ولماذا لا تفكرين أنتِ في تركه ، لا أدري ، نظرت لكأسي حينها ، وعرفت أنها الكأس العاشرة التي أشربها ، أو ربما شربت أكثر من ذلك ، وأنا أفكر في مستقبل علاقتنا ، لعنت كأسي ، ولعن نفسي ، لأني من أقتحم حياة ذلك الرجل ، وأكاد أن أدمر حياته ، ثم عدت ولعنته ، لأنه يقف بيني وبين حبيبتي ، ثم لعنت نفسي ، لأني شربت كثيراً ، ولم أتعود على ذلك من قبل ، بل جعلني احتياجي لك أن أجالس كأسي بدلاً منكِ ، أمسكت زجاجة الخمر حينها ، وكسرتها ، ثم قمت وألقيت نفسي على السرير ولم أستيقظ حتى أنتصف نهار اليوم التالي ، أتعرفين سيدتي ، لا أدري من الشيطان منا ، أنا ، أم أنتِ ، أم أن شيطان الهوى يسكن بين قلبي وقلبك ، ويلعب بنا كيف يشاء ويغوينا متى يشاء .
أنتِ شيطاني وأنا شيطانك ، فكل منا يبحث عن رغبته لدى الآخر ، ويريد أن يحقق أحلامه مع من أحب ، ورغبتي سيدتي أن ابقى معك ، فهل توافق رغبتي رغبتك في هذا الأمر ، أم أن لك رأي آخر ؟ ربما يكون لك رأي آخر لكنك بلا شك تودين البقاء معي ، كل تلك الشكوك والهواجس سيدتي لا تعرفينها ولم أخبرك بها ، كتمتها في نفسي ، لا من خوف أن ترحلي كما كان في السابق ، بل لحين أن اجد الوقت المناسب ، لكي نبدأ حياتنا المشتركة ، الحياة التي نكون فيها سوياً ، يجمعنا بيت واحد وفراش واحد ، وتنجبي لي أطفالاً ، تذكري سيدتي أن ذلك الرجل حرمك من ذلك الشعور ، شعور الأم ، فقط يريد أن تكوني معه مثل صورة يتفرج عليها حين يشاء ، ويزين بها حياته .
أنا وأنتِ من حقنا أن نكون معاً ، شريكان في كل شيء ، سأكون فخوراً بأن تمشي بجواري ، وفخور بأن امسك يدك أمام العالم ، ألم تشتاقي أن يمشي زوجك بجوارك ، أم أنك تعودتِ سيدتي على حياتك السرية ، الحياة التي تكونين فيها الزوجة المجهولة التي لا يعرف أحد بمن هي مقترنة ، أنا أعتبر حياتك كحياة الخفافيش ، فأنتِ متزوجة برجل جعل حياتك سرية ، وأحببت رجل تخافين أن يعرف أحد بعلاقتك معه ، حياة مجهولة ، لا شيء ، الآن عرفت أنك كنت لا شيء ، وبحثتي عن الحب لعلك تخرجين من الـ لا شيء ، فاختفيتِ أكثر ، وانتقلتِ من أن تكوني فقط زوجة مجهولة ، لأن تصبحي عشيقة مجهولة أيضاً ، أخرجي للنور ، غادري حياة الظلام سيدتي ، أين تلك القوة التي شاهدتها حين التقيتك أول مرة وثاني مرة ، أنتِ اضعف بكثير مما تبدين عليه ، كنت ارسم لكِ في خيالي أشياء كثيرة في تلك الفترة ، وقد تصورتك متزوجة ، ومسيطرة على زوجك سيطرة كاملة ، أو أن زوجك مل من تعاليك وكبريائك فتركك تفعلين ما تشائين لكي تنشغلي عنه ، وأشياء كثيرة أخرى ، لكن لم يخطر ببالي أنك بهذا الضعف سيدتي .
حبيبتي ربما حصلتي على الحبيب الذي تتمنين ، الحبيب الذي تشعرين أنه يحبك من كل قلبه ، ويمنحك كل شيء دون أن يسألك لماذا ، أما أنا حبيبتي فقط وجدت المرأة التي أحبها من كل قلبي لكن أحلامي لم تتحقق معها بعد ، فلم ابحث عن تلك المرأة لأطارحها الغرام على فراش أحد الفنادق ، أو انتزع منها قبلة كل أسبوع وأنا أقابلها في أحد المطاعم ، فحبيبتي يجب أن تبقى معي لكي أستطيع أن أمنحها من الحب ما يكفيها ، وأحصل على ما يكفيني من حبها ، أريد أن ارتوي من حبيبتي ، وأريد أن أسكر من حبها ، وأريد أن لا تفارقني ، وأريد أن لا أفارقها ، حبيبتي ، أنتِ حبيبتي ، هل تفهمين ما قيمة هذه الكلمة ؟ وما وزنها ؟ عندما تخرج من رجل يحب من كل قلبه ، يعرف البشر كيف تحب النساء ، لكن القليل هم الذين يعرفون كيف يكون الحب عند الرجال .
أنا مجنون بك ، أُمسي وأنتِ في رأسي وأصبح وأنتِ في رأسي وأمشي وأنتِ في رأسي ، واحيا وأنت في رأسي ، كل التفكير أصبح لك وحدك ، تشاغلني هواجسك ، ومخاوفك ، متى نلتقي ومتى نفترق ، متى أقابلك ، متى أشبع ناظري برايتك ، ابتسامتك التي تستهويني ، نظرتك التي لا اعرف كيف أصف ما تفعله بقلبي حين انظر إليها ، خجلك الذي يجعلني أشتهيك اكثر ، سكونك تفكيرك سرحانك ، همك الذي أصبح همي ، أنتِ المرأة التي اخترتها ، المرأة التي جعلتي ، أسعى ورائها وأهجر دنياي ، وربما آخرتي ، ألست مجنوناً سيدتي ، ألم يوصلني حبك لكل ما أنا فيه ، كأسي ، سكوني ، وحدتي ، ألم يجعلني امسح كل التاريخ ، وأعيد كتابته من جديد ، لكي تكوني في كل مكان في حياتي ، وذكرياتي ، الم أجعلك مستقر قلبي ، وملجأ مشاعري ، وسكينة نفسي ، الم تلمسي كل هذا ، ألم تشعري به ، أم أنك تبحثين عن حب وحسب ، حب يلبي رغباتك أنتِ فقط ، آه سيدتي ، وألف آه ، لم أجدك حين أقولها ، لأفرغ ألم نفسي بين يدكِ ، فيصبح لا شيء ، لستِ معي لأخرج تلك المشاعر التي تؤرقني ، وذلك الحب الذي يشغلني ، ويشاغلني ، لستِ معي سيدتي لتعرفي ما أعانيه ، آه منك وأنتِ بعيدة وآه منك وأنتِ قريبة ، يعصرني الألم وأنتِ هناك ، ويملكني الهوى وأنتِ هنا فلا أجد الهموم التي أحدثك عنها ، صدقيني تصبح هباءً ، تختفي حين تكونين معي ، وتعاودني حين يحين الرحيل ، صرت أبكي ، مثل الأطفال ، تصدقين لم أتصور أن تكون حاجتي لامرأة بهذا القدر من الجنون ، وهذا القدر من السكون ، فراغ تام حين ترحلين ، يسكنني ، فلا أجد شيئاً يشغلني ، احبك صدقيني أحبك من كل قلبي .