ليلةُ عيد ..
أين ذهب ذلك الانفعال الجميل الذي كنا نشعر به ونحن صغار في ليلة العيد ؟ أين ذهب ذلك الشوق الذي كنا ننتظر به الصباح لنرتدي تلك الثياب الجديدة التي ربما لا تساوي شيء من ثياب هذا الزمن ؟ لا أدري أتغير الزمان ! أم نحن من تغير ؟
كان الانتظار شعور طويل ممتد نرسم خلاله احلامنا الصغيرة في الحصول على النقود التي ترافق العيد عادةً ، ونضع الخطط الصغيرة لنصرفها ، وحين تتبخر النقود نجد بين أيدينا اشياءنا التي اشتريناها ، وثيابنا الجديدة التي سترافقنا ربما حتى العيد المقبل ، نرى ما الذي اكتسبناه من العيد ، ونفكر ما سنفعل في العيد القادم وكيف نجني المزيد من النقود لكي نشتري المزيد من الأشياء ، وتمر الأعياد حتى يأتينا العيد دون أن نرغب في أن نشتري أي شيء .
ذلك الرونق الجميل لا زال في مخيلتي ، أتخيل نفسي ورفاقي الصغار ونحن نسير من بيت لآخر نغني ونضحك ونفكر ما الذي سنجنيه من كل بيت ندخله ، لم نشعر بحرارة الجو في ذلك الزمن ، فالدوافع اكبر من أن يجمحها طقس حار ، فنحن نريد أن نحصل على كل فوائد العيد ومكتسباته ولا نضيع أي وقت نندم عليه حين نجلس في مساء العيد ونسترجع الذكريات ، كانت كل الجزئيات الصغيرة مهمة ، وكل الأمور التي يراها الكبار سخيفة كانت تعني لنا الكثير .
ننظر لتلك الملابس البسيطة التي كنا نرتديها على أنها غاية الدنيا ، وتلك الريالات التي نحصل عليها على أنها الكنز المدفون الذي تفتح أبوابه في صبيحة العيد ، وتلك الألعاب المعلقة التي كنا ننظر إليها بشوق ولم نستطيع أن نشتريها ، نجدها في متناول أيدينا وجيوبنا ، وتلك الحلويات القليلة التي كنا نأكلها بنهم لكي نشبع من مذاقها ، لأننا متأكدون أننا لن نتذوقها إلا في العيد القادم ، كنا نريد أن نُشبع كل غرورنا باندفاع ونحصل على كل طموحنا ، وحين كبرنا اكتشفنا أننا كنا قنوعين وساذجين وبسطاء جداً .
لم يكن هناك خوف في نهار العيد فلن يضربنا الكبار إن ارتكبنا حماقة ، ولم يكن هناك حواجز ولا نواهي لكي نصل إلى الشارع ونتجول بين المنازل ، حتى البيوت التي كانت أبوابها تبقى مغلقة في وجوهنا طوال العام ونحن صغار تفتح لنا أبوابها وكأننا ملائكة هبطنا من السماء والجميع يريد أن يستقبلنا بوجوه باسمة ، ونفوس طيبة .
كنا صغار ! ولم يبقى من الصغر شيء يحتوينا سوى الذكريات التي تزورنا كلما مر يوم له جذور في عقولنا لنشاهد أنفسنا في زمان مضى ، ونبتسم ابتسامة لا يراها أحد ابتسامة تمر بين العقل والقلب ، تحمل ذلك الشجن القديم .
الصور من ارشيف حساب ذاكرة قطر على تويتر : #ذاكرة_قطر @atiqasoliti
3 thoughts on “ليلةُ عيد ..”
تنبيه: ليلةُ عيد .. – Rafat khater
Rafat khater khater
كل عام وأنتم بخير ومن عواده
إعجابLiked by 1 person
jaberatiq
وانتم بخير اعادة الله عليكم بالخير واليمن والبركات
إعجابإعجاب