خارج دائرة الاهتمام ..
في الدول التي بدأ اقتصادها يتأثر بشكل كبير ، بدأت إجراءات الحجر الصحي تتراخى ، وبدأ أيضاً العمل يعود شيئاً فشيئاً ، دون أن يكون هناك أي إجراءات تحمي فئة العمال والتي تنتمي بدورها للطبقات الفقيرة في تلك المجتمعات ، وهذا سيجعل انتشار المرض أكبر في هذه الطبقة الكادحة ، نظراً لظروف المعيشة الصعبة التي تعيشها الطبقات الفقيرة في العشوائيات أو الاحياء الشعبية في المدن الكبرى في العالم .
عندما تتزاوج السياسة بالاقتصاد ، يكونا اكثر جشعاً ولا تفكر في مصير الشعوب فالسياسيين والأثرياء يعيشون في مجمعات محمية ، ولا يتعرضون لتلك الاخطار التي يتعرض لها العامة في ظروف العمل السيئة ، ولا يفكرون كيف سيصل العامل لعمله ، ولا يوفرون له أسباب الحماية والوقاية اللازمة للعمل في مثل هذه الظروف ، فقط يفكرون في أرصدتهم البنكية ويخافون أن تتأثر الأرباح بسبب الحجر الصحي المطبق .
عندما تغيب الإنسانية عن السياسيين ، وعندما يتأثرون بالضغوط الاقتصادية ، ويرضخون لطلبات رجال الاعمال في استمرار العمل ، هم يجازفون بمصير شعوبهم ، ويضعون مصيرهم السياسي أيضاً على المحك ، وها هي أوروبا ، التي كانت تتغنى بأنها أم الحضارة ، تركت دولها لكي تصبح بؤرة لانتشار المرض ، لكي تتخلص من كبار السن ولكي تخفف الضغط على الصناديق الائتمانية ، لكنها خسرت كثيراً جراء ذلك خسرت سمعتها الأخلاقية ومصداقيتها ، وخسرت احترام الناس لها .
في الشرق الأوسط الوضع كارثي لكنه غير معلن ، فالحكومات لا تعرف طريق الشفافية ولا تعلن اعداد المصابين الحقيقية ولا عدد الوفيات جراء وباء كورونا ، بل تدعي أنها أفضل وتصدر المساعدات للدول الغربية ، وتفتخر أنها ساعد الدول العظمى ، وفي الواقع تلك الدول في أشد الحاجة للمساعدة فمؤسساتها الصحية تفتقر لأبسط الخدمات ، ولا توجد بها وسائل حماية للكوادر الطبية والصحية .
تغيب الشفافية عن تصريحات الحكومات العربية في وباء كرونا ، لا لكي تقنع شعوبها بأن الوضع تحت السيطرة بل لكي تحافظ على شكلها أمام العالم وفي وسائل الاعلام ، والشعوب تعرف أن تلك الحكومات لا تكترث لحالها ولا تهتم بالأساس بصحتها ، بل إن الشعوب مقتنعة أنها خارج دائرة الاهتمام ، ولولا الخوف من القمع ، والسجن ، لكانت ردة الفعل أكبر بكثير .