هل تبحث الدول الكبرى عن كبش فداء ..
في البداية قالوا إن المرض خرج من مختبرات بيولوجية صينية ، ثم اختفى هذا الخبر وتغيرت الأقوال وأصبح مصدر المرض ذلك الخفاش اللئيم الذي قدم نفسه على أحد الأطباق الصينية ، ثم قالوا إن المرض نتيجة شذوذ جنسي بين بني البشر الصينيين والخفافيش ، ثم عادوا للاتهام الأول وتبنته الإدارة الأمريكية بشكل رسمي ، وتدور كل الأحداث في مدينة وهان في الصين التي تتهم أيضاً بأنها تقاعست وأخفت أمر الوباء حتى أنتشر في العالم ، فأصبحت التهمة الموجهة للصين مركبة بين سبب الوباء وسبب أنتشاره .
كمية الاتهامات التي تدعيها الولايات المتحدة الامريكية على للصين في التسبب في انتشار فايروس كورونا كانت كبيرة من البداية ، لكنها أخذت شكلاً جديداً في الآونة الأخيرة باتهام الصين بتصنيع فايروس كورونا في مختبرات بيولوجية ، وربما يجد هذا الاتهام صدى في العالم بسبب تضرر الدول من الوباء ، ولأنهم يبحثون عن كبش فداء لهذه القضية التي أوقفت نمو العالم ، وجعلت اقتصاده 0% .
تقف الصين وحيدة في مواجهة الاتهامات الأمريكية ، وتدافع عن نفسها ببسالة ، لكنها لا تملك أن تدفع عن نفسها التهمة نهائياً ، وقد اتخذت الولايات المتحدة أسلوب ذكي لتعزيز هذه الاتهامات حين اتهمت منظمة الصحة العالمية بالتخاذل والتقصير ، واتهمتها أيضاً انها سكتت أو تعاطفت مع الصين لإخفاء الأعداد الحقيقية للمصابين والوفيات وبداية ظهور المرض .
ربما تكون الاتهامات الأمريكية صحيحة ، أو ربما تكون زوبعة مفتعلة لتهدئة الرأي العام الأمريكي ، وتخفيف الضغط على الإدارة الأميركة التي أصبحت في وضع حرج بعد انتشار المرض بشكل واسع في الولايات المتحدة حتى تربعت على عرش الوباء بأعداد المصابين وأعداد الوفيات ، وأصبحت الخلافات تدب بين ترامب وحكام الولايات .
لكن ما الذي سيحدث لو أجري تحقيق دولي في الادعاءات الأمريكية ، وأثبت أن الفيروس تم تصنيعه في مختبر بيولوجي صيني ، هل ستتخذ الولايات المتحدة الأمريكية إجراءات عقابية ضد الصين وتصعد الأمر للأمم المتحدة لكي تفرض غرامات مالية على الصين لتعويض الدول عن الأضرار الاقتصادية التي أصابتها ؟ وهل ستتحمل الصين تلك الإجراءات وتتقبلها ؟ أم أنها ستتمرد وتتحول لمرحلة المواجهة الاقتصادية والعسكرية للمارد الأمريكي ؟ أم ستنكمش وتتقوقع وتعود لنقطة الصفر الذي بدأت منه؟.
كل الأسئلة مطروحة ، وكل التخمينات ممكنة ، لكن الأهم أن نعرف أن دول العالم خاصة الدول الكبرى تبحث حالياً عن كبش فداء تقدمة لتخطي الأزمة الاقتصادية والكارثة الصحية ، ولكي تقنع شعوبها أن الأمر كان مفتعل لذى خرجت الأمور عن السيطرة ، وهذا يجعلني أتوقع أن تساند الكثير من الدول التوجه الأمريكي في مسألة الاتهام ، حتى يتم البت بشكل رسمي باتهام الصين أو تبرأتها ، لكننا الآن نشاهد فصول المسرحية الهزلية التي يخرجها الرئيس الأمريكي قبل أوانها فمن الأجدر أن يلتفت لمعالجة الوباء ، وبعد الانتهاء منه يطرح تلك القضايا .