الاحتياجات الخاصة ، جزء من المجتمع ..
اجمل أنسان قابلته في حياتي لم يكن وزيراً ولا وجيهاً ، ولا مديراً ولا يركب سيارة فخمة ولا يسكن في قصر ، بل كان شخصاً كالأطفال ، من يحبه يقول له أني أحبك ، ومن يكرهه يقول له أنا أكرهك دون تردد ولا خجل ، وبعفويته يدافع عن أفكاره ، ويبسط الأمور ويأتي ليحدثني ويجلس معي ثم يغادر ويعود بعد فترة بفكرة جديدة يقولها بصوت عالي كلما كان مقتنعاً بالفكرة كان يقولها بصوت أعلى ، فيسمعه الجميع ، مع انه أتى ليحدثني لكنه يشرك الجميع في حديثه .
له قلب ليس كالباقين ربما يتهمه أحدهم بقلة العقل لكنه أعقل الجميع يستطيع أن يبسط أكبر فكره لتناسبه ، ويستطيع أن يختزل الأمور لتكون في حيزه وفي متناول يده ، بعكس كل البشر الذين يضخمون الأمور فيعجزون عنها ، احياناً يصدمني أسلوب تفكيره البسيط فأسأل نفسي كيف أستطاع أن يبسط المشكلة ويضع لها حل سهلا وبسيطاً وصحيحاً ؟ فأنظر له بأعجاب ، وأنظر كذلك في أسلوبه وفي الحياه ، فهذا الشخص مقتنع بما يملك قناعة تامة ، لا يفكر في أشياء كثيره ، ولا يريد أن يمتلك المزيد .
حالة خاصة ، كما يقولون ، وما أحوجنا أن نفكر بأسلوبهم أحياناً ، وما أحوجنا أن نقتنع بما نملك ، وما أضعفنا حينما نجامل وننافق ونغش ونخدع ، هذه الحالات الخاصة التي ندعي أن عقولهم غير مؤهلة ، أصدق وأنقى منا بكثير ، لهم قلوب شفافة ، فلا يفكرون في أشكالهم كثيراً ، ولا يفكرون كيف يراهم الناس ، قلوب نقية كقلوب الأطفال لكنهم أكبر من ذلك .
يزعجني كثيراً حينما أرى أحدهم يستهزئ بصاحبي ويستصغر عقله ، فأكون إلى جانبه ، أضع له كلمات لكي يرد على من يهينه ، فينتصر ويحرج خصه ، فيشعر بالسعادة ، لا يشكرني ولا يبدى أي شعور بالامتنان ، لكنه حين يريد أن يتحدث مع أحد يأتي إلي ويقول كل الذي يريده دون حرج ، يحدثني عن رغباته ، وأطماع الآخرين ، فأناقشه كرجل ، وأرد على أفكاره ، ويدافع هو عنها ، ثم يعود بعد فترة وأكتشف أنه غير بعض قناعاته ، ولم يغير أغلبها ، ويناقشني من جديد ، ويغضب ويغادر ، ثم يكتشف حجة أخرى فيعود ليحاول أقناعي بأفكاره ، وهكذا دواليك .
أتمنى أن تجد هذه الفئة الاهتمام من المجتمع فالدولة سخرت كل الإمكانيات ووفرت الرعاية والاهتمام ، لكن هناك نظرة سلبية من المجتمع تجاه هذه الفئة ، فمنا من ينظر لهم بخوف ، ومنا من يستهزئ بهم ، ومنا من يسيء لهم ، ومنا أيضاً من يتقبل ويتفهم هذه الفئة ، فأرجوا كل من يقابل شخص لم يمنحه الله كامل العقل ، أن بنظر له نظرة رحمة وأن يعامله بلطف ويحدثه بلطف فوالله إن قلوبهم طاهرة نقية فقط حين نقترب منهم سنكتشف ذلك .