العراق وما يحدث هناك ، أتمنى أن لا يكون ما يحدث في العراق الآن محاولة للقضاء على حراك الجماهير والمظاهرات بالاتفاق بين الولايات المتحدة وايران ، لكن لدي مؤشرات على ذلك لا اجزم بها لكني سأطرحها هنا لتكون أحد الاحتمالات التي يمكن أن تحدث .
لا نستغرب التنسيق بين ايران والولايات المتحدة ، وهو قديم منذ نهاية الحرب العراقية الإيرانية ، وبالتحديد بعد غزو الكويت ، فالولايات المتحدة تعرف أن أيران هي القوة التي يمكنها أن تثير الفوضى في المنطقة ، وبعد زوال نظام الرئيس العراقي السابق ، صدام حسين ، كان من الضروري إقامة خطوط تواصل بين الولايات المتحدة وايران ، وقد حدث بالفعل ، والتزمت ايران الحياد التام في تلك المرحلة الحرجة والسيئة من تاريخ الخليج العربي .
ولم يقف التعاون بين ايران والولايات المتحدة لهذا الحد بل كان هناك جوانب أخرى خفية قبل ذلك منها قضية الوتر جيت مثلاً ، وربما يكون ما خفي اعظم من الظاهر ، لكن التنسيق كان في حدوده القصوى حين ضُربت أفغانستان بعد 11/9 ، فكان من الضروري استخدام المجال الجوي الإيراني في المجالات العسكرية لضرب بن لادن وحركة طالبان ، ثم تطور الوضع حين غزت الولايات المتحدة العراق في 2003 ، وقد سمحت للنفوذ الايراني أن يتمدد في العراق ليملئ الفراغ الناتج عن انهيار النظام ، وقد حدث التنسيق دون أن تشوبه شائبة .
ربما يقول البعض لماذا أمريكا تعارض ايران حالياً وتحاربها اقتصادياً ؟ والاجابة بسيطة فإيران لم تكتفي بالنفوذ في العراق بل تمددت أكثر من المسموح ، وهي الآن في اليمن ولبنان وسوريا ، والبحرين ، وربما تكون في مناطق أخرى ، وبذلك تكون قد نصبت نفسها كقوة إقليمية صاعدة لا يمكن تجاوزها ، وبذلك ايضاً تستطيع التدخل في كل الملفات في المنطقة وتشارك في تقسيم الثروات وتستفيد من كل حدث سياسي أو عسكري يدور في الإقليم .
لكن كل ما يحدث الآن لا يجعل كلا الطرفين يقطع خطوط التواصل ، فالملفات المشتركة كبيرة وكثيرة ، ملف سوريا ، ملف الخليج ، وملف العراق ، هناك تنسيق دائم في تلك الملفات بين الولايات المتحدة وايران على على الصعيد الأمني ، والعراق احد تلك الملفات المهمة لكلى الطرفين .
اما بخصوص الاحداث في العراق ، فإيران تحركت عبر الحشد الشعبي ، وقتلت متعاون امريكي ، وامريكا ردت بالقصف ، لكن ما يدعوا للشك أن العملية تم ترتيبها ، أن الحشود التي توجهت للسفارة الأمريكية فتح لها المجال دون مقاومة ، ، لكنها لم تدخل السفارة ولم تدمرها كما تفعل الحشود الشعبية دائمة ، مثلاً كما حدث في السفارة الأمريكية في بني غازي ، ولم يطلق عناصر أمن السفارة الرصاص لحماية السفارة وأكتفوا بالغاز والتحذير، ، ومع تلك الأحداث تم لفت النظار عن الحراك الشعبي الحقيقى الذي يتواجد في الشارع ويُقتل منه العشرات ، وتصفى رموزه في العراق ، نستطيع أن نقارن ردود الفعل ، فأمريكا لم تأييد ولم تعارض كعادتها ، والحكومة العراقية تضع كل العراقيل أمام حركة الجماهير.
ما حدث بعد القصف الأمريكي سحب البساط من تحت اقدام الجماهير العراقية المطالبة بالتغيير ، وحشد شريحة كبيرة من أبناء الطائفة الشيعية في صف الحكومة ، والآن أي تحرك جماهيري ، سيتهم بالعمالة للولايات المتحدة الامريكية ، وستقمع المظاهرات بشكل اعنف من قبل ، وفي المقابل نكتشف أن المصالح الأميركة والإيرانية على حد سواء لم تتضرر ، ولم تخسر أي منهما نفوذها في العراق ، وأن الخاسر الأكبر في كل ما حدث هو الشعب العراقي الذي طالب بالتغيير ، الشعب الذي يريد مصلحة العراق فقط .