الولايات المتحدة الامريكية بين الحرب والسلام …
بدأت تلك الأصوات التي تنادي بالحرب في الخليج تخفت ، وبدأنا نستمع لصوت لا استطيع أن أقول أنه عاقل ، بل الاحداث التي حدثت منذ أن كانت رغبة الولايات المتحدة في شن حرب ضد ايران ، جعلت تلك الأصوات تعلوا لكي تمنع السيد المتهور الذي يحكم البيت الأبيض من شن تلك الحرب .
استهداف ناقلات النفط في الفجيرة ، والطائرات المسيرة التي ضربت انابيب نفط في السعودية ، ربما تكون رسالة مبطنة للولايات المتحدة بأن تصدير النفط في حال شنت الأخيرة الحرب سيتوقف ليس من الخليج فقط ، بل ايضاً من بحر العرب ، والبحر الأحمر ، ليكون الخليج ، وهو خزان النفط خارج الخدمة نهائياً .
لا يخفى على الولايات المتحدة ، حاجة العالم لتلك الطاقة المتدفقة من الجزيرة العربية ، وكما أنها تمارس ضغوط في منطقة الخليج ، هي ايضاً تتعرض لضغوط سواء كانت تلك الضغوط من اعدائها أو حلفائها ، فالنفط لا يعني الأعداء فقط بل هو مهم للعالم بأسره ، اوروبا مثلاً ليس لها موقف واضح من الصراع في الخليج ، ولا زال لديها أمل في العودة للتفاوض مع ايران بشأن ملفها النووي ، وهي بالتأكيد لا ترغب في وقف امدادات النفط ، ربما اعداء أمريكا مستفيدون في حال شنت الحرب ، ولا اقصد ايران بهذه الجملة فهي تحت الضغط الأمريكي المباشر ، لكن روسيا لو اندلعت الحرب ستستفيد بشكل كبير نتيجة زيادة أسعار النفط والغاز الطبيعي ، وهذا لا يعجب أمريكا بالتحديد .
ايضاً هناك نقطة مهمة تجعل الولايات المتحدة تفكر ملياً في شن تلك الحرب ، وان تبعد الأفكار المتهورة ، وهي اتساع رقعة الحرب ، فمن الطبيعي أن تدخل اطراف من جهات شتى في ذلك النزاع المنتظر ، فالشام واعني سوريا ولبنان ، واليمن ، وايران كأقاليم ، والخليج بأكمله ، وهذا يعني أن منطقة الشرق الأوسط ستشتعل بكاملها ، وهذا مدعاة للتساؤل هل تستطيع الولايات المتحدة في تلك الحالة أن تسيطر على الأوضاع في هذه المساحة الهائلة ؟ وهل تستطيع أن تمنع اطراف جديدة من الدخول في تلك الحرب ؟ وهل تستطيع أن تمنع وقوع حرب عالمية ثالثة ؟ .
كما تنصب الولايات المتحدة مصائدها في الخليج والشرق الأوسط ، هناك من ينصب لها المصائد ، ربما يكون ميزان القوى بشكل واضح لصالح الولايات المتحدة ، لكن حجم الضرر المتوقع أصبح كبيراً جداً جداً ، لدرجة أن الولايات المتحدة كلما نوت أن تشن تلك الحرب ، تقف وتعيد حساباتها من جديد ، وكلما تتأخر ، يكبر حجم الضرر المتوقع ، ، وسيأتي اليوم الذي تكون فيه الولايات المتحدة عاجزة على احداث أي تغيير بشأن ايران .
الخطأ الأمريكي ليس ترك ايران تتمدد ، بل الخطأ ان الولايات المتحدة دمرت كل القوى الموجودة في المنطقة وأجلت ايران للمرحلة الأخيرة ، فأصبحت ايران هي القوة الإقليمية الأكبر التي يمكنها أن تفرض قوتها على المنطقة ، دون وجود ند لها يستطيع أن يجابهها أو يحجم تمددها الإقليمي ، وأمريكا كانت تقوم بتدمير القوى الاقليمية لكي تحمي حليفها الاستراتيجي الأقدم ، إسرائيل ، لكنها تركت فراغ لم تستطع هي أن تملؤه ، وفي المستقبل سيكون الخيار امام دول المنطقة ، أن يقبلوا بتمدد النفوذ الإسرائيلي ، او النفوذ الإيراني ، اذا عجزت الولايات المتحدة عن تحجيم وضع ايران ، واذا لم تدعم دول إقليمية لتكون مراكز قوى عسكرية تواجه ايران .
لا حول ولا قوة إلى بالله …