- لماذا ترفض عضوية تركيا في الاتحاد الأوربي ؟ ولماذا كل هذه العراقيل التي تضعها الدول الاوربية الفاعلة لمنع تركيا من الحصول على عضوية الاتحاد الأوربي
من الوهلة الأولى سنقول أن تركيا دولة إسلامية ، لكن حين قبلت دول الاتحاد الأوربي ان تتفاوض مع تركيا للانضمام للاتحاد الأوربي كانت تركيا مسلمة ، وهي كذلك الان لكن في السابق كان الامر مقبولاً ، والآن أصبح الامر مرفوضاً ، لأنه في السابق كانت تركيا مصدر لعمالة رخيصة بالنسبة لأوروبا ، بمعنى أخر أن العمالة التركية كانت وقود ومحرك لقطاعات بعض الاعمال في اوروبا وخصوصا ألمانيا .
يجب النظر للشخصية التركية وما طرأ عليها من تحول في العقدين الماضيين ، ويمكنني أن اشرح هنا قليلاً ، فتركيا التي كانت موجودة في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي لم تعد موجودة ، تركيا التي كان اقتصادها منهاراً ، والانقلابات تتوالى على الحكومات السياسية فيها ، تركيا المتأثرة بأوروبا والمستسلمة لنمط الحياة الغربي ، تركيا التي كانت تنظر لنفسها نظرة نقص ، وعوز ، لم تعد موجودة الآن .
وهذا بالضبط ما يجعل الاتحاد الأوربي يرفض منح تركيا العضوية في الاتحاد ، فالعمالة أصبحت متوطنة في تركيا لا تريد المغادرة ، وأصحاب رؤوس الأموال الاتراك الذين كونوا ثرواتهم في أوروبا ، اخذوا يعودون للاستثمار في وطنهم الأصلي ، فتركيا الان مركز مالي مهم على اطراف القارة الاوربية والاسيوية ، وتركيا ايضاً أصبحت تشكل ثقل سياسي ، وعسكري مهم في المنطقة .
الاتحاد الأوربي يرفض انضمام تركيا الحالية للاتحاد ، لأن تركيا لو أنظمة الأن لن تنضم كتابع لأحد القطبين الرئيسيين في الاتحاد ، المانيا وفرنسا ، بل كمنافس لهما ، وسيصبح هناك استقطاب شديد جداً داخل دول الاتحاد الأوربي وصراع سياسي ربما يطيح بأحد الأقطاب حتى تستقر المعادلة السياسية على وضع جديد .
كذلك نزعة القومية التركية التي اخذت شكلاً جديداً منذ اكثر من عقد من الزمن ، أصبحت تلك النزعة راضية أن تكون قومية تركية إسلامية ، وليس كما في السابق قومية تركية علمانية ، تقبل كل ما يفرض عليها وتطبقه كما هو مطلوب ، بل على العكس أصبحت شخصية تركيا الدولة وتركيا المجتمع ، وتركيا الاقتصاد ، وتركيا السياسة ، مؤثرة بشكل كبير .
تركيا التي كانت في السابق مجرد رقم هامشي على اطراف أوروبا ، اصبحت معادلة صعبة في الوقت الحالي ، وربما في المستقبل تصبح نظرية جديدة في أوروبا ، فتقلب الموازين السياسية والاقتصادية وربما الاجتماعية ، فالثقل السياسي موجود ، والثقل الاقتصادي ايضاً ، وحاجة أوروبا لاقتصاد يحرك الخمول في اغلب دول الاتحاد جامحة ، لكن أوروبا ، وبالأحرى المانيا وفرنسيا ، يعرفون جيداُ أن دخول تركيا للاتحاد ستكون تكلفته باهظة عليهم ، وكذلك يدركون أن دخول تركيا سيجعلها تتعاظم وتنموا بشكل أسرع مما لو تركت خارجه .
هكذا انظر للمسألة من وجهة نظري ..