
نظرة واقعية لما يسمى مجلس التعاون الخليجي
مجلس التعاون الخليجي ، هل يجوز ان نسميه مجلس التعاون ؟ وعلى ماذا نتعاون ؟ هذا السؤال من وجهة نظري اهم من السؤال الذي سبقه ، ومن يجهل كيف تأسس المجلس ، سيجهل بالتالي على ماذا تتعاون دول الخليج.
كأن دول الخليج تجاوزت الماضي وتعيش حياة مستقرة ، وفي الواقع لازالت الافكار تدور في البوادي والصحاري ولا زالوا يتحاربون على المراعي ، ومصادر المياه ، كما في السابق ، ربما اصبحت المياه بترول ، واصبحت المراعي مساحات نفوذ او غاز ، بينما العالم بأجمعه ، يتعاون ، ليحقق التكامل ، تتعاون دول ما يسمى بمجلس التعاون الخليجي ، لترضي الحليف المشترك لكل دول المجلس ، الولايات المتحدة الامريكية ، التي امرت بتأسيس المجلس ، وامرت الان بتدميره ، لذا عندما سخط الحليف على احد تلك الدول تكاتفت البقية لتقضي عليها .
لا يدور في عقل المواطن الخليجي الا بعض تساؤلات ، على ماذا يتعاونون ؟ هل يتعاونون لتزيف الحقائق على شعوب الخليج ، وتمزيقهم ، ام يتعاونون لكي ، تعقد كل دولة صفقاتها مع الكتل الاقتصادية بشكل منفرد ، ام يتعاونون ، ليقبضوا على أي فرد من شعب الخليج ، في اي دولة يذهب اليها ، ام يتعاونون ، لتعميق الخلافات وزرع بذور الفرقة والنزاع ، وهذه النقطة بالذات ، اثبتت كل دول ما يسمى مجلس التعاون ، انها تتعامل معها بمصداقة منقطعة النظير .
اذا اصبحت استراتيجياتنا رؤى للحكام ، واصبحت اهدافنا ، ما يريدونه ، واصبح ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا كله مرهون بشخص واحد ، واختزل التاريخ والجغرافيا ، والعلم والنجاح ، تحت جناح ذلك الشخص ، العبقري المستنير ، المستبصر ، الفيلسوف ، المبدع ، القائد ، الظافر الناصر ، المعجزة ، تأكدوا اننا في قاع التاريخ ، وفي اسفل الهرم ، وفي مستنقعات المجد .
لينهار ما يسمى بمجلس التعاون ، وليذهب للعدم ، فهذه المنطقة كتب عليها ان تبقى في نسيج واحد ، رغما عن الحكام ، والتاريخ يشهد بذلك ، وسيزول الحكام ، ويبقى الخليج كتلة اجتماعية واحدة ، كما شعوب الخليج دوما ، لقد اصبح المجلس ككيان سياسي هو من يؤخر تطلعات شعوب المنطقة في التكامل والوحدة ، الاقتصادية والامنية والاجتماعية .
خرجت قطر ام لم تخرج ، لا فرق ، فلو امرت أمريكا أن تعود قطر ، ستعود للمجلس خلال أيام ، وستفتح لها كل الأبواب وستستقبل بكل حفاوة وترحيب ، وسيفرش السجاد الأحمر لوفودها ، وستعود الأوضاع لسابق عهدها تحت كل الشعارات ، الاخوة ، والصداقة ، والتاريخ المشترك ، لكن كل هذا زيف وكذب ، فلا أسس واضحة لمجلس التعاون ، سوى ان الحكام يريدون الاحتفاظ بمواقعهم السياسية ، وتحصينها ضد أي خطر ، سواء داخليا أو خارجيا .
كنت من مؤيدي السياسة القطرية في الرغبة على استمرار العمل ضمن منظومة خليجية موحدة ، تجمعنا اقتصاديا وامنيا ، وسياسيا ورياضيا واجتماعيا ، اما الان لم تعد كل الجوانب تشكل اهمية بالنسبة لي ، ما عدى الجانب الاجتماعي والذي اراه ينهار تدريجيا ، رغم المحاولات الكثير التي يبذلها العقلاء للحفاظ على هذا الهامش الصغير المتبقي لدى شعوب المنطقة ، والذي تحاول وسائل الاعلام أن تطمسه وتجعله محدد بحدود لا تتجاوز حدود الدولة ، رغم معرفتهم أن الانتماء لشبه الجزيرة العربية ، لا يمكن ان يكون تحت تلك النظرة الضيقة .
الان يوجد تعاون بلا مجلس ، فكل دول الخليج تتعاون لمكافحة الإرهاب والاتصالات بينهم في هذا الجانب لم تنقطع بالتعاون مع أمريكا ، وكذلك يوجد تهاون ، بالقيم ، واهانة ،للمجتمع الخليجي .